كل عام وأنتم بخير... حل رمضان وحلت بركاته وصلواته ودعواته وحسناته ومحبته وروحه وسمته وعطوره ونسماته... وحلت مجالس رمضان إحدى العادات والتقاليد الخليجية الرائعة التي طالما تميزنا بها نحن أهل الديرة، وباقي أشقائنا في دول مجلس التعاون، دوناً عن باقي الدول الإسلامية والعربية التي تعرف أنماطاً أخرى من التواصل الاجتماعي والتلاقي، ابتداءً من تجمعات المساجد إلى الأندية الرياضية والثقافية والاجتماعية وحتى المقاهي الشعبية التي تعج بالرواد في بعض العواصم العربية من بعد الإفطار وإلى قبيل الفجر.
ومن وجهة نظري أن أبرز ما يميز رمضان في البحرين هي تلك المجالس العامرة بالذكر، والتواصل بين الأجيال، والتي اعتاد على فتحها أهل البحرين وخاصة الوجهاء والأعيان من رجالات البحرين والعائلات الميسورة، حيث تكون وجهة يقصدها الأقارب والجيران والأصدقاء والزائرون للتجمع بعد صلاة التراويح، والتباحث في شئون الدين والدنيا وسرد الحكايات وتذكر الماضي، إضافة إلى مناقشة القضايا التي تشغل الشارع البحريني في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
المجالس من تراثنا الجميل الذي يجمع ولا يفرق، ويزيد ولا ينقص ويقوي ولا يضعف، وكل ما هو جميل أميل بالفطرة للحفاظ عليه بشتى السبل الممكنة، فما أن أفرغ من صلاة العشاء والتراويح مثلي مثل كثير من أبناء هذا الوطن الطيب، حتى أنطلق في الجولات اليومية على مجالس أهل البحرين بين الأهل والأصدقاء والمعارف والتجار، حيث لا يكاد يخلو يوم إلا مررت فيه على ثلاثة أو أربع مجالس وأحياناً أكثر من ذلك.
وبعض من تلك المجالس الممتدة في ربوع مدن وقرى البحرين تزورها القيادة السياسية لترسيخ هذه العادات والتقاليد البحرينية الأصيلة من جانب، ومن جانب آخر مد حلقات الوصل والود وتبادل وجهات النظر والرؤى بين القيادة الرشيدة والشعب.
وبخلاف المتعة المحببة إلى قلبي في ممارسة واحدة من العادات البحرينية والخليجية الأصيلة التي طالما اعتدت ممارستها مع الوالد رحمه الله في التلاقي بالأصدقاء والأهل في أجواء رمضانية ودودة طيبة مفعمة بروائح وذكريات أهل البحرين الطيبين، فأنا أعتبر الفوائد التي تعود عليَّ بشكل شخصي وعلى كل من يرتاد هذه المجالس، كما لو أنها «جامعة» نتلقى فيها دروس الحياة، وخبرات الزمن، وتجارب أهل البحرين، وخاصة القدامى منهم، وهي منتديات رائعة لتبادل الرؤى والأفكار، والتعرف على ردود أفعال الناس بشكل عام وأهل السياسة والاقتصاد والتجارة منهم بشكل خاص، ومعرفة ما يدور في الشارع البحريني من أخبار وحكايات، وآراء عن قضايا الساعة وهموم الناس.
في المجالس الرمضانية أحرص على «الاستماع» أكثر من الحديث، وإن كان هذا لا يمنعني من المشاركة وتوجيه السؤال في بعض الأحيان لاستخلاص العبرة والعظة والنصيحة، وأعشق تجارب الكبار وأهل الخبرة، وما في أحاديثهم الشيقة من خلاصة التجارب والفكر وعلوم «مدرسة الحياة» التي يصعب تحصيلها في المدارس والجامعات، ولكنها تتجمع من قسوة الزمن ولينه، وعنفوانه وعفويته، وطيبه وغدره، وبين أبيضه وأسوده، تجد لكل واحد منهم تجربة مليئة بالألوان والحكايات والعظات والعبر والدروس، فما عليك إلا أن تنتبه وتعي الكلام جيداً وتستخلص لنفسك العبرة والدرس، فما أجمل هذه المجالس من مدرسة «جامعة» تعلمك بالمجان، ودون أن تدفع فلساً واحداً.
ما هو أكثر متعة في هذا الشأن، هي الفرص الكثيرة التي يمكن أن تستغلها كتاجر - والتاجر النابه هو الذي لا يفوت الفرص - في تكوين علاقات عمل بجانب علاقات الصداقة والتعارف، والبحث عن فرص للتوسع أو التعريف ببضائعك، وطبيعة عملك دون تكلف أو إفراط في الطرح أو محاولة فرضه على الحضور، لكن بهدوء وسلاسة وإذا ما أتيحت الفرصة لذلك دون إقحامه على الحضور، حتى لا تأتي الأمور بنتائج عكسية.
وفي العموم كما نقول في السفر سبع فوائد فإن في المجالس أيضاً سبع فوائد وربما أكثر، أبرزها ما هو اجتماعي ويتمثل بقوة في إزكاء وحدة المجتمع البحريني وقوته، حيث جمعت كل عناصره ومكوناته دون تفرقة أو تمييز، ومنها ما هو ثقافي وتجاري واقتصادي وسياسي وحياتي وديني ودنيوي... فحافظوا على عادات الآباء والأجداد واستفيدوا بفوائدها تربحوا.
إقرأ أيضا لـ "أحمد صباح السلوم"العدد 5027 - السبت 11 يونيو 2016م الموافق 06 رمضان 1437هـ
مجالس غير
لكن بعض المجالس الرمضانية تتحول إلى أندية في الشهر الفضيل .. لعب الدومنة، الكيرم ، لعبة البتة. .
بعض المجالس يقرأ فبها القرآن. ...
حبيبى فى هادى الديرة لايوجد اقتصاد واستثمار يوجد فقط سرقات وفساد ادارى انها سياسة الهوى المشتكى لله
مقال جميل يبعث بالامل