لا يكاد يكون هناك مكان أفضل للتركيز على المحيط من كيب تاون في جنوب أفريقيا. فمع وجود سلسلة جبال "تويلف أبوستلز" المدهشة كخلفية للمشهد، لا يوجد سوى شارع ضيق يفصلنا عن ساحل المحيط الأطلسي الذي يحتضن هذه المدينة. وفي 20 مارس/آذار 2016، حضرت الاجتماع الأول للجنة المحيطات العالمية (E)، وهي فريق عمل مستقل جديد يتكون من زعماء عالميين يبحثون عن طرق لحماية أعالي البحار.
وتقول سري مولياني إندراواتي، من البنك الدولي: "لم أتردد عندما دعاني الوزير الجنوب أفريقي تريفور مانويل للانضمام إلى اللجنة كمفوض. وأنا أفهم جيداً، كإندونيسية، كلا من الوضع الصعب الذي تشهده المحيطات والقيمة التي تمثلها. ونحن في البنك الدولي نسهم في إعداد شراكة عالمية من أجل المحيطات، وهي ائتلاف يتكون من أكثر من 125 مجموعة تهدف إلى زيادة الاستثمارات والتعاون من أجل محيطات أكثر سلامة يمكنها أن تقوم بدور أكبر للحد من الفقر".
وقد تم إطلاق لجنة المحيطات العالمية في 12 فبراير/ شباط 2013، لوضع أفكار للسياسات وبناء تحالفات دولية توقف التدهور في أعالي البحار – وهي ذلك الجزء من المحيط الذي لا يخضع للولاية القضائية لأمة بعينها. ولهذا السبب، فإن اللجنة تعد جزءا قوياً مكملاً للشراكة العالمية من أجل المحيطات، التي تركز إلى حد كبير على دعم جهود البلدان الرامية إلى تحسين إدارة مياهها الساحلية.
وإذا سألتني عن التحدي الأكبر الذي يواجهنا، فإنني أقول إنه إقناع السياسيين الذين يتعاملون مع القضايا المحلية اليومية التي تهم المحيطات.
وخلال إقامتي في كيب تاون، استمعت إلى الكثير من الأدلة العلمية القاطعة وشهدت الكثير من البيانات الاقتصادية المقنعة. ودعونا نكون واضحين، فالحقائق شديدة الوضوح. وإذا لم نتحرك، فإن مستقبل المحيطات – وبالتالي مستقبلنا – قاتم.
وفيما يلي النتيجة باختصار: يعتمد مليار شخص في البلدان النامية على الأسماك كمصدر أساسي للبروتين، وهناك 350 مليون وظيفة مرتبطة بسلامة المحيطات. وحتى الآن فإن 57 في المائة من مصائد الأسماك في المحيطات مستغلة استغلالاً كاملاً. وهناك 30 في المائة أخرى مستغلة استغلالاً مفرطاً أو ناضبة. ويجري تدمير نسبة متزايدة من الموائل البحرية الهامة، مثل الشعاب المرجانية وأشجار المنغروف والأعشاب البحرية، أو أن حالتها آخذة في التدهور. ويمكنك أن تطلع على بعض هذه الآثار من خلال مشاهدة هذا الفيديو.
إن مشاكل المحيطات عالمية ومحلية في طابعها على حد سواء. إنها ستؤثر على كل منا، وقريبا جداً، بغض النظر عن المكان الذي نعيش فيه. إنها أساساً مشاكل من صنع الإنسان، وتنجم عن الإفراط في صيد الأسماك وفقدان الموائل والتلوث، وارتفاع حمضية المحيطات والاحترار الناشئين عن تغير المناخ. ولا يوجد نقص في المعاهدات والالتزامات الدولية للتصدي لهذه التحديات. ومع ذلك فإن تكوين قانون البحار، وطبيعة العديد من المعاهدات، والامتداد الهائل للمحيطات، كل ذلك يجعل من الصعب فرض السلوك الجيد. وعلى العكس من ذلك، فإن الأمم تتسابق للحصول على موارد المحيطات، وغالباً ما تتجاهل العواقب.
ومع ذلك، فإن الأمور لا تدعوا كلها إلى الكآبة. فهناك قصص نجاح لوقف مسار تلك الآثار، ومخزون الثروة السمكية يمكن أن يتعافى إذا توفرت لدينا الإرادة للتحرك السريع.
ولهذا السبب، فإن عمل لجنة المحيطات العالمية جاء في الوقت المناسب. وإلى جانب الشراكة العالمية من أجل المحيطات، وغيرها من الجهود، يتعين علينا أن ندعو للاهتمام بالمحيطات واتخاذ الإجراءات العاجلة لاستعادة سلامتها. وهذا هو أحد التحديات العالمية التي يجب ويمكن التصدي لها، وفوائد القيام بذلك ستكون هائلة للدول الساحلية والجزرية في جميع أنحاء العالم.