من المعروف في أي مكان مليء بالبشر بشتى فئاتهم وتلاوينهم وطوائفهم أن تكون هناك فسحة لاختلاف وجهات النظر فينشأ نوع من الخلاف أو الزعل أو تبادل العتب واللوم في حدود قد تتسع وقد تضيق بحسب نوع الخلاف ودرجة قرب وارتباط كل من هذه الفئات ببعض، وقديما قالوا «ما يعاتبك إلا الذي يحبك»، هذا إن كان العتب واللوم بين اثنين درجة التقارب بينهما من الشدة بحيث يعجز أيهما عن فراق رفيقه أو حصول ما قد يثير الآخر عليه.
والكل يعلم وخصوصا قراء «كشكول» أن صفحتهم باتت في سفر وغياب دائم عن أرض «الوسط» لأسباب قد يجهلونها، ولكن تشوقهم الدائم إلى الصفحة التي أخذت على عاتقها حمل جل همومهم ومشكلاتهم بصدر رحب لإيصالها إلى من يعين في حلها بعد أن تقطعت السبل في الوصول إليه، دفعهم إلى السؤال والعتب وأحيانا التذمر من هذا الغياب الدائم، والعتب مقبول من أصحاب الدار حين يغيب عنها أحبابها أو ينشغلون عنها في أي شيء كان...
لكن ما يكدر الخاطر حقا أن يتحول هذا العتب واللوم إلى فسحة لإطلاق الشائعات والأقاويل التي لا أساس لها من الصحة، إذ سمعت - والعهدة على الراوي - أن هناك من يقول إن الصفحة «خلاص» انتهت ولن تظهر من جديد وإن رسائل القراء ومساهماتهم باتت في مكب النفايات! وغير ذلك أن «الوسط» حادت عن طريقها فأصبح لا مجال لحرية التعبير فيها أو نقل الوقائع وهموم المواطن إلا بما يتوافق وأهواء المسئولين الذين تتوجه إليهم عصا الاتهام بالتقصير والظلم غالبا! فهل هذا معقول؟!
قد يكون للقراء عذرهم فهم يتمنون رؤية مساهماتهم في الصحيفة في أقرب فرصة ومنهم من يكون في حاجة فعلا إلى إيصال صرخته في أقرب وقت علها تجد من يستجيب إليها فتفك العقدة وتحل المعضلة، ولكن ذلك لا يمنع من تقصي الحقيقة قبل كيل التهم وإطلاق الشائعات بهذه الصورة التي من شأنها زعزعة النفوس والتفرقة بين الدار وأهلها.
ولعلم القراء فإن ما منع الصفحة من إطلالتها عليكم كل يوم، ظروف خارجة عن نطاق إرادتها، إذ غالبا ما يباغتها غزو محلي (حسن النية) فيحتلها أياما قد تطول وقد تقصر بحسب ما يحمله في جعبته من أخبار تهم عموم المجتمع المحلي. ولا أعلم هل من حسن الطالع أن تكون «كشكول» رقم (7) في الصحيفة كونها تمثل شريحة لا يستهان بها من المجتمع تحمل همومه وما يؤرق باله وكذلك إبداعاته وبذلك استطاعت أن تكون من ضمن الصفحات الأولى في الصحيفة، أم إنه من «سوء» الطالع أن تكون كذلك حتى يباغتها غزو من حيث لا تعلم.
و«كشكول» إذ أوضحت السبب الرئيسي لغيابها المتكرر، تتمنى من القراء سعة الصدر وطول البال وعذرها في هذا الغياب، فما «كشكول» إلا دار تضمكم جميعا وأنتم أهلها، والدار جل همها راحة أهلها وسعادتهم، فاعذروها ولتدعو لها بفك حصارها والعودة إليكم من جديد... فالعتب مرفوع والزعل مرفوض
إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"العدد 502 - الثلثاء 20 يناير 2004م الموافق 27 ذي القعدة 1424هـ