لا ريب أن إنصاف الطلبة المتفوقين والطالبات المتفوقات في البعثات والرغبات الدراسية، يعد من أهم الضروريات الوطنية الملحة في التعليم، فإن التلاعب فيها أو الالتفاف عليها أو ابتكار مشاريع تكون بعيدة عن أخلاقيات وأدبيات المعايير التربوية والقانونية المتعارف عليها محلياً وإقليمياً ودولياً، التي من شأنها أن توجد خلخلة واضحة في تطبيق المبدأين الدستوريين، المواطنة المتساوية وتكافؤ الفرص.
في السنوات الخمس الأخيرة أوجدت وزارة التربية والتعليم مشروعاً يكون له اليد الطولى في توزيع البعثات والرغبات الدراسية على الطلبة المتفوقين والطالبات المتفوقات، جهات كثيرة في المجتمع، أهلية وتربوية وقانونية وحقوقية وسياسية قد عابت على الوزارة تطبيق المشروع (60 ـ 40 في المئة)، وانتقدوها كثيراً على جعله أساساً رئيسياً في تحديد الطالب المتفوق الذي يستحق تحقيق رغبته الدراسية، والطالب المتفوق الذي لا يستحق حتى ولو كان معدله التراكمي أعلى بكثير من غيره من الطلبة المتفوقين، الذين أعطوا البعثات الدراسية وسمح لهم بتحقيق رغباتهم الدراسية أيضاً.
لقد ثبت في السنوات الخمس الأخيرة للرأي العام المحلي من الوقائع وكثرة التظلمات التي يتقدم بها الكثير من المتفوقين والمتفوقات في كل عام للوزارة، التي ترفض جلها، لا أحد ينكر أن المشروع المبتكر قد أعطى إمكانية واسعة للجان المقابلات الشخصية التصرف كيفما تشاء بمصير المتفوقين والمتفوقات، الحاصلين والحاصلات على معدلات تراكمية عالية تبدأ من 95 في المئة فما فوق، كثير من التربويين وعدد من مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية والسياسية وجل أسر المتفوقين والمتفوقات المتضررين، وصفوه بأنه سبيل واضح لإجحاف هذه الفئة المتميزة من المتفوقين والمتفوقات في توزيع البعثات والرغبات الدراسية، وأنه يسهم بصورة مباشرة في إيجاد التمايز المصطنع بين أبناء البلد، بعيداً عن المعايير التربوية والقانونية والإنسانية، وقالوا أيضاً، لا سبيل لحل هذه المشكلة إلا إذا تفهمت الوزارة خطورته على مستقبل الوطن، فأولى المؤشرات لتفهمها لهذا الموضوع تظهر جلية في الآتي:
أولاً: قيامها بإلغاء مشروع (40 ـ 60 في المئة) والاعتماد على المعدلات التراكمية كمعيار لتوزيع البعثات والرغبات الدرسية، ويحبذ في هذا الشأن أن تنظر الوزارة إلى المعدلات التراكمية بعيداً عن الأسماء لاعتبارات نفسية.
ثانياً: تطبيق مبدأ الشفافية الحقيقية في كل خطواتها وإجراءاتها.
ثالثاً: عليها أن تثبت عملياً أنها تعتمد في توزيعها للبعثات والرغبات الدراسية على مبدأي، المواطنة المتساوية وتكافؤ الفرص، وأهم متطلبات الشفافية، نشر أسماء ومعدلات المتفوقين والمتفوقات والتخصصات الأكاديمية التي حصلوا عليها في الصحف المحلية وفي موقع الوزارة الإلكتروني، لاشك أنها لو قامت بتنفيذ كل متطلبات الشفافية كما هو مطلوب منها قانونياً وأخلاقياً وأدبياً، لن تجد أحداً في المجتمع من ينتقد أسلوبها وآلياتها التي تتبعها في توزيع البعثات والرغبات الدراسية، قد تجد أول من يمتدح خطواتها الطلبة المتفوقون والطالبات المتفوقات وأسرهم، ولن تكون هناك انتقادات موجهة لها من الرأي العام المحلي ولا من المؤسسات الحقوقية ولا من غيرها من الجهات المهتمة بالشأن التعليمي لخطواتها وإجراءاتها التي عليها ملاحظات سلبية كثيرة، كالتي رأيناها في الخمسة أعوام الأخيرة.
أما تجاهلها وتغافلها وصمتها عن هذه المسألة الحساسة، والاستمرار في بخس الحقوق التعليمية لهذه الفئة المتميزة من أبناء البلد، لن يكون في صالح الوطن، ولن يسهم في بناء المستقبل الزاهر لبلدنا الحبيب، ولن يقلل من الانتقادات الموجهة لها بخصوص آلياتها وأساليبها وإجراءاتها في توزيع البعثات والرغبات الدراسية، ولن يوقف قلم التاريخ عن كتابة ما حدث لهذه الفئة المتميزة من أبناء البحرين، بكل تفاصيله وحيثياته الدقيقة، قصدنا تطبيق وزارة التربية والتعليم للشفافية بشرطها وشروطها، يسهم بصورة مباشرة في تنمية وتطوير وازدهار بلدنا الطيب في كل المجالات، بجهود أبنائه الجادين والمجدين والمجتهدين والمتفوقين والمتميزين والمثابرين والمبادرين، الذين يكون لهم السبق في رفع راية وطنهم عالية خفاقة في كل الميادين، العلمية والطبية والتربوية والفكرية والثقافية والفنية والرياضية والتكنولوجية ، نأمل أن لا نرى أي متفوق مغبون في هذا العام، بسبب حرمانه من تحقيق رغباته الدراسية، وعدم السماح له نيل شرف خدمة وطنه مستقبلاً، في المكان الذي يستحقه ويتناسب مع قدراته وإمكانياته العقلية.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 5014 - الأحد 29 مايو 2016م الموافق 22 شعبان 1437هـ