لو أن هذا الرد الذي كتبته الوكيل المساعد لشئون الثقافة والتراث الشيخة مي، كان قد جاء من أي طرف في الوزارة لكان مهضوما على أساس أنه جاء من قبل عناصر أسندت إليهم مناصب سياسية من دون مراعاة قدراتهم الثقافية والفكرية. المهم لدى حكومتنا المبجلة أن تضع حراسا لإدارة هذه المؤسسة أو تلك من منطلق شعار واحد هو الولاء أولا ثم الكفاءة، بل ربما الكفاءة غير مطلوبة، وبهذا المقياس ضاعت الثقافة والفكر والعلم وسط هذا التقويم الخطير فتأخرت البحرين على كل المستويات. وأتحدى المسئولين بل العالم كله أن يأتي بمن يؤكد لي أنني على خطأ وأن البحرين مازالت في مقدمة دول الخليج سواء في الفنون أو الثقافة أو التعليم أو المسرح... إن كل شيء يكاد يحتضر لولا أن في هذا الوطن بشرا من صخر وفنانين إرادتهم من حديد يتحدون العواصف والصخور التي تواجههم لأنهم أحفاد أولئك البحارة الذين قهروا البحر وانتصروا عليه، ولولا هذا النوع من المواطنين لما كانت هناك بقايا من فنون ومسرح ومفكرين، بل إن البعض من المثقفين المتشائمين يتوغلون أكثر في إحساسهم بالإحباط حين يقولون أن الهاجس الأمني الذي سيطر على هذه المملكة خلال العقود الماضية هو الذي دعا الى محاربة كل ما هو ثقافة وعلم وفكر، وإلا ما تفسيرنا لأن تصبح البحرين - التي كانت في مقدمة دول الخليج - في مؤخرة الركب (توش موليّه).
اما أن يأتي هذا الرد على لسان مؤرخة البحرين وإحدى واجهات ثقافتها فهذا هو المرفوض، كيف تقبل الشيخة مي وهي المسئولة عن قطاع المسرح أن تقف صامتة وترفع المسئولية عن كاهلها وإدارتها بعذر هو أن الملف عند وكيل الوزارة؟ ألم تعرف أن قسم الثقافة والتراث هو المسئول الذي سيحاكم ويلام إذا حدث خلل كما يجري الآن في هذا القطاع؟ لمن إذا يتوجه مسرح الجزيرة إن لم يتوجه إلى الجهة المناط بها الاهتمام بقطاع المسرح؟ لماذا لم تطالب الوزير ووكيل الوزارة بأن يردا الملف إليها لأن هذه المسائل في (وجهها)؟ لم أكن أتمنى أن تظهر هذا الرد أمام الشارع الثقافي... كان يجب أن تقول أرجو من سعادة الوزير وسعادة الوكيل ان يردا الملف لأن هذا من شأني وارفعوا أيديكم عن شيء خارج اختصاصكم، ومثلما تم تعيينكم بقرار سياسي تم تعييني وإلا فهاكم رسالة الإستقالة... أليس كذلك؟
العدد 501 - الإثنين 19 يناير 2004م الموافق 26 ذي القعدة 1424هـ