قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الأحد (22 مايو / أيار2016)إن بلاده أرسلت غواصة للبحث عن الصندوقين الأسودين لطائرة شركة مصر للطيران التي سقطت في واحدة من أعمق بقاع البحر المتوسط وعلى متنها 66 شخصا.
وتمسح سفن البحر شمالي مدينة الإسكندرية الساحلية منذ ثلاثة أيام عثرت خلالها على أشلاء ركاب ومتعلقات شخصية وأجزاء من حطام الطائرة وهي من طراز أيرباص أيه 320 لكن تلك السفن لا تزال تحاول تحديد مكان الصندوقين اللذين يضمان تسجيلات الرحلة لكشف السبب وراء سقوط الطائرة يوم الخميس.
وقال السيسي إن الغواصة وهي من معدات وزارة البترول والثروة المعدنية ستساعد في البحث عن الصندوقين الأسودين.
وأضاف في كلمة ألقاها خلال احتفال بافتتاح توسيع شركة صناعية بمدينة دمياط الساحلية "عندها (الوزارة) غواصة تستطيع أن تصل إلى 3000 متر تحت سطح البحر إتحركت النهارده في اتجاه منطقة سقوط الطائرة عشان نسعى جاهدين لانتشال الصندوقين الأسودين."
وقال مصدر بوزارة البترول إن السيسي كان يشير إلى غواصة يتم التحكم فيها عن بعد وتستخدم غالبا لصيانة المنصات النفطية في مياه البحر. ولم يتضح إن كانت الغواصة ستساعد في تحديد موقع الصندوقين الأسودين أو إن كان استخدامهما سيتم في مراحل متأخرة من العملية.
ويقول خبراء تحقيق في حوادث الطيران إن أمام فرق البحث نحو 30 يوما لرصد النبضات الصادرة عن الصندوقين الأسودين. وفي هذه المرحلة من البحث سيكون من الملائم استخدام أجهزة رصد سمعية على أن يتم في مرحلة لاحقة إدخال أجهزة آلية متقدمة لمسح قاع البحر واستعادة أي أجسام فور العثور عليها.
وقال محققون فرنسيون أمس السبت إن الطائرة أرسلت قبل قليل من اختفائها من على شاشات الرادار سلسلة إنذارات تفيد برصد دخان على متنها.
ولم توضح التحذيرات سبب الحادث ولا يزال خبراء الطيران يقولون إن التخريب أو العطل الفني يمكن أن يكون سبب الحادث. وتوفر التحذيرات الصادرة من الطائرة معلومات أولية عما حدث في اللحظات التي سبقت تحطمها.
وقال السيسي في أول تصريح علني له عن الحادث "حتى الآن كل الفرضيات محتملة." وأضاف "بالتالي مهم إننا منتكلمش ونقول فيه فرضية معينة."
وسقوط الطائرة هو الضربة الثالثة منذ أكتوبر تشرين الأول لصناعة السياحة المصرية التي لا تزال تترنح تحت تأثير اضطراب سياسي أعقب انتفاضة 2011 التي أطاحت بحسني مبارك.
ففي نهاية أكتوبر تشرين الأول أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن إسقاط طائرة ركاب روسية بعد قليل من إقلاعها من مطار شرم الشيخ في محافظة جنوب سيناء مما أسفر عن مقتل كل من كانوا فيها وعددهم 224 شخصا.
وفي مارس/ آذار خطف مصري زعم أنه يرتدي حزاما ناسفا -اتضح أنه مزيف- طائرة تابعة لشركة مصر للطيران إلى قبرص.
وأعلنت داعش مسؤوليتها عن إسقاط الطائرة الروسية خلال ساعات من تحطمها لكن بيانا منسوبا للمتحدث باسم التنظيم أبو محمد العدناني نشر أمس السبت لم يتضمن إشارة لسقوط طائرة مصر للطيران.
* أقارب الضحايا يتوجعون
أبلغت مصر للطيران أقارب الضحايا وأغلبهم مصريون وفرنسيون بأن انتشال الجثث من البحر وتحديد هوياتها قد يستغرق أسابيع الأمر الذي زاد من أوجاع أفراد الأسر.
كانت سمر عز الدين (27 عاما) والمتزوجة حديثا من بين أفراد طاقم الطائرة المنكوبة.
جلست والدتها أمل في ردهة فندق تحدق في مطار القاهرة بينما ارتسمت على وجهها علامات الإرهاق وانتفخت عيناها في وقت لا يزال الأمل يراودها في أن تدخل ابنتها المضيفة الجوية عليها.
وقالت "هي مفقودة. مين يعمل عزا (عزاء) لشخص مفقود؟"
وقالت منى خالة سمر إن أمها "لا تريد العودة للبيت أو الانتقال من أمام الباب. لا تريد أن تصدق ما حدث... قلت لها أن تغلق هاتفها لكنها تساءلت: وإذا اتصلت سمر؟"
وناشدت نقابات الضيافة والطيارين والأمن بشركة مصر للطيران السيسى اليوم الأحد أن يصدر قرارا بالتصريح لأسر الطيار ومساعده وطاقم الضيافة وطاقم الأمن باستصدار شهادات وفاة دون انتظار فترة السنوات الخمس التي يعلن بعدها وفاة المفقود وصرف مستحقاته المالية لورثته.
وعد السيسي في كلمته بأن يكون التحقيق سريعا وشفافا. وقال لحضور الحفل وبينهم رئيس الوزراء شريف إسماعيل ووزراء ونواب ومهندسون إن التحقيقات في مثل هذه الحوادث تتم خلال "وقت كتير". وشدد على أنه ليس بإمكان أحد إخفاء الحقائق المتعلقة بحوادث الطيران قائلا "دي حاجات محدش يقدر يخبيها. بمجرد ظهور هذه النتائج هيتم إعلان هذه النتائج لكل الناس."
وأدى سقوط الطائرة الروسية في أكتوبر تشرين الأول إلى تدمير صناعة السياحة المصرية وهي أحد أهم موارد النقد الأجنبي للدولة التي يسكنها أكثر من 80 مليون نسمة.
وهوت عائدات السياحة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي إلى 500 مليون دولار وهو مبلغ يقل بنسبة الثلثين عن عائدات الأشهر الثلاثة الأولى من العام الماضي. وقد يبدد حادث سقوط الطائرة أي آمال في حدوث انتعاش سريع.
وقال وزير السياحة المصري يحيى راشد إن مصر تواجه تحديات جسيمة لكسب ثقة السائحين وعودتهم مرة أخرى.
وأضاف "الجهود التي نحتاج أن نقوم بها ربما تكون أكثر مما كنا نخطط له بعشر مرات لكننا نحتاج أن نركز على قدرتنا لعودة النشاط (السياحة) إلى مصر من أجل تغيير صورة مصر."
وتابع "ما نحتاج أن ندركه هو أن هذا الحادث (سقوط الطائرة) يمكن أن يحدث في أي مكان. حوادث الطيران تقع بكل أسف."
وكانت طائرة مصر للطيران تقل 56 راكبا بينهم طفل ورضيعان بالإضافة إلى طاقمها المكون من سبعة أفراد وثلاثة من أفراد الأمن. وكان بين الركاب 30 مصريا و15 فرنسيا بالإضافة إلى مواطنين من عشر دول أخرى.
وقال رئيس شركة مصر للطيران صفوت مسلم للتلفزيون الرسمي إن البحث عن حطام الطائرة يجري في نطاق 40 ميلا بحريا وقد يزيد نطاق البحث إذا لزم الأمر. ويعادل هذا النطاق منطقة مساحتها 5000 ميل مربع (17000 كيلومتر مربع) تمثل نفس النطاق الذي غطته عمليات البحث الأولية عن طائرة أير فرانس التي سقطت في المحيط الأطلسي عام 2009.
وتشير المساحة الواسعة إلى حقيقة أن أيا من الطائرتين لم يكن ممكنا رصد مكانها في الدقائق الأخيرة من زمن الرحلة.
وأفادت وكالة الفضاء الأوروبية بأن قمرا صناعيا أوروبيا رصد بقعة نفط في البحر المتوسط على بعد نحو 40 كيلومترا جنوب شرقي آخر موقع رصدت فيه الطائرة قبل اختفائها.