يبدو أن المسئولين في بلادنا لا يسمعون ولا يرون إلا ما يريدون أن يلتفتوا إليه.

تكثر شكاوى المواطنين، يتحدثون في كل الوسائل المتاحة وحتى تلك غير المتاحة - وما أكثر المحظور في بلادنا - يحاولون جاهدين إيصال أصواتهم وآرائهم عبر شتى الطرق.

يطرقون أبواب المسئولين في كل المجالات علّهم يجدون من يسمعهم. يحلمون ولو بصدى لأصواتهم في الوقت الذي ندر فيه سماع رد من مسئول أو تصريح من صاحب شأن.

الأحداث التي تقع في البلاد كثيرة، والأخبار متتالية، وخصوصاً تلك التي تتعلق بمصير المواطن المعيشي ووضعه الاجتماعي والاقتصادي في ظل سعي الدولة لتخفيف العبء على نفسها وإشراك المواطن تحمل المسئولية بكل الطرق.

الأخبار متوالية والشكاوى تزداد والشائعات تكثر وتتضارب في كل مرة يجب فيها على المواطن تحمل عبء جديد، بينما يصمت المسئولون ولا يسعون لتهدئة المواطن أو طمأنته إلا ببعض أخبار لا تشكل فارقاً لديه. ليصدموه فيما بعد بخبر منشور في الإعلام المحلي لتنفيذ هذا القرار أو ذاك من غير مناقشته أو أخذ رأيه حتى ولو عبر نواب لم يعد لهم وزن عند اتخاذ القرار الرسمي.

يعاني المواطن اليوم من قلقه المستمر على مستقبله ومستقبل أطفاله، خصوصاً وهو يعيش ضائقة مالية لا تتناسب واحتياجاته؛ فلا زيادة في الرواتب، ولا زيادة في العلاوات الاجتماعية، ولا سكن متوفر في وقت معقول يقيه نار ارتفاع إيجارات العقار في البلاد، فيما تضاف عليه بسبب الأزمة المالية التي تعاني منها دول الخليج بشكل عام وبلادنا بشكل خاص بعض الضرائب بمسميات مختلفة، وترتفع أسعار السلع الأساسية ويرفع دعم الدولة عن تلك التي كانت مدعومة لسنوات طويلة.

يضطر المواطن لتحمل كل الضربات تباعاً وحين يتحدث أو يرفع صوته لا يجد من يسمعه ولا من يطمئنه؛ فأمس ارتفعت أسعار اللحوم والبنزين والماء والكهرباء وكثير من رسوم إنجاز المعاملات الرسمية، حتى من غير الإعلام عنها بشكل واضح وصريح، واليوم يتحدث الشارع عن قانون التقاعد الجديد الذي كتب عنه كثير من الزملاء في مختلف الصحف المحلية، ففي حين يسمع عن رفع نسبة التأمين الاجتماعي المستقطعة من راتبه الذي لا يزيد، يسمع أيضاً عن خفض نسبة راتبه التقاعدي الذي سيحصل عليه لاحقاً، ورفع سن التقاعد وإلغاء التقاعد المبكر.

كيف يمكن لمواطن يشعر اليوم أنه غير مستقر في وضعه المادي والاقتصادي أن يشعر بالأمان، وخصوصاً مع صمت المسئولين المطبق؟ وكيف له أن يحلم ويأمل خيراً وهو يرى ويسمع كل ما يحدث وسيحدث فيما هو مكبل اليدين لا يعرف الحقيقي من الشائعة؟

نحن بحاجة لناطق رسمي باسم الدولة، يتواجد في كل وقت تثار فيه بلبلة على أمر ما، ليظهر للناس ويحدثهم بكل صدق فيفند الشائعات ويؤكد الأخبار؛ كي يستطيع المواطن ترتيب أولوياته في وقت مناسب من غير أن يصدم بالقرار النافذ حينها.