ميراث الزوجة:
أ) الزوجة تُشارك الورثة في جميع مراتبهم، ولها الربع إن لم يكن للزوج ولد منها أو من غيرها، والثمن إذا كان له ولد منها أو من غيرها. وإذا تعددت الزوجات فهن شركاء في الربع، أو الثمن يقتسمنه بالسوية، ويشترط لميراث الزوجة أن تكون في عصمة الزوج حين موته - سواء دخل بها أو لم يدخل - إلا أن الزوجة ترث إذا طلقها زوجها طلاقا رجعيا، وذلك قبل انتهاء العدة، أما إذا كان بائنا أو طلقت قبل الدخول، أو كانت يائسا ففي جميع الأحوال لا ترث الزوجة شيئا من تركة زوجها. ويستثنى من ذلك ما لو طلق الزوجة المريض زوجته في مرضه، ومات في ذلك المرض، فإنها ترثه حتى لو انقضت عدتها وكان موته قبل انتهاء السنة من تاريخ وقوع الطلاق، سواء أكان الطلاق رجعيا أم بائنا لعدم الدخول، أو لكون الطلاق ثلاثا، ولكن ذلك بشرط:
• أن يكون موت المطلق في المرض نفسه الذي طلق فيه.
• ألا يكون قد برئ من المرض الذي طلق فيه.
• ألا تتزوج المطلقة في أثناء السنة.
• ألا يكون الطلاق بطلبها.
• ألا يكون الطلاق خلعيا.
ولا يشترط في المرض الذي طلق فيه واستمر حتى مات المطلق، أن يكون هو السبب الذي استند إليه الموت، فلو مات بمرض جديد نشأ معه، أو بقتل أو بحادث، فترثه زوجته المطلقة - تماما- كما لو مات بسبب المرض الذي طلق فيه.
ب) لا ترث الزوجة من زوجها إذا كان طلاقها خلعيا على بذل أو لكراهية منها كما لا ترث المعتدة من وطء الشبهة أو من نكاح فاسد.
ج) إذا عقد المريض زواجه على امرأة ومات في ذلك المرض، فان كان قد دخل بها ورثته. أما لو مات قبل دخوله بها بطل الزواج بينهما، ولا ترثه. أما إذا كانت الزوجة هي المريضة عند العقد فإنها ترث زوجها إذا مات قبل الدخول أو بعده. كما ترثه إذا مات في مرض آخر بعد شفائه من المرض الأول الذي عقد فيه زواجه.
د) ويذهب اغلب الأمامية إلى أن الزوجة لا ترث من الأرض مستندين في ذلك إلى أن لفظة - ما - الواردة في قوله تعالى:»وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم» (النساء: 12). ويقولون إن الملاحظ على آيات الإرث الواردة في الكتاب المجيد أنها عبرت بلفظ (ما) فقال تعالى:»وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ» (النساء: 33). وقـال تعالى: «فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ» (النساء: 12). «فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ» (النساء:11). وتساءل المانعون للزوجة من الإرث في الأرض عن لفظة (ما) في هذه الآيات، وخاصة آيات توريث الزوجات هل هي اسمٌ موصولٌ بمعنى الذي، حتى تكون الأحاديث، على فرض وجودها وورودها وصحتها، مخصصة لعموم القرآن، أم هي نكرة محضة، بمعنى شي، فتكون الأحاديث الواردة مفسرة ومبينة. فان كانت (ما) اسماً موصولا ثم لم تحصل أحاديث أو آية أخرى تخصصها فإنه يستفاد منها العموم والإطلاق، وأما إذا كانت نكرة محضة بمعنى شي؛ فإنه في حالة عدم وجود مبين ومفسر لها في السنة تبقى مجملة لا يمكن العمل بها، وتحتاج من أجل معرفة حكم المورد إلى دليل آخر. وذهب غالبية الإمامية إلى إن (ما) نكرة محضة بمعنى شيء، وقالوا لو أردنا أن نجعل العائد محذوفا في حالة كون الاسم الموصول مجرورا فيشترط فيه ثلاثة شروط هي :
الأول: أن يكون العائد مجرورا.
والثاني: أن يكون حرف الجر الداخل على العائد هو نفس حرف الجر الداخل على الاسم الموصول.
والثالث: أن يكون متعلق حرف الجر في الاسم الموصول والعائد واحداً وذلك مثل قول الشاعر:
نصلي للذي صلت قريش
ونعبده وإن جحد العموم
فإن العائد محذوف، والذي جوز الحذف هو أن العائد إذا قدر أن يكون مجرورا باللام فيكون نصلي للذي صلت له قريش؛ ولذلك قيل في مثل قولهم مررت بما معجب بك. إن (ما) ليست اسما موصولا وإنما هي نكرة محضة لعدم إمكان تقدير العائد مجرورا.
وانتهوا إلى أن الآيتين الكريمتين من قبيل النكرة المحضة لا من قبيل الاسم الموصول، ويردفون، بأننا لو أردنا أن نقدر عائدا لكان ضمير نصب متصلاً ومن هنا يظهر أن (ما) ليست أسما موصولا، وإلا لأمكن أن يقدر لها عائد مجرور. فتكون (ما) نكرة محضة بمعنى شيء. ولاشك أن النكرة المحضة لا تفيد العموم إلا إذا جاءت في سياق النفي.
أما إذا جاءت في سياق الإيجاب فإنها تفيد الجزئية وتكون في هذه الحالة مجملة؛ لأن معنى الآية الأولى يكون ولهن الربع من شيء تركتموه إن لم يكن لكم ولد. وبمعنى الآية الثانية ولهن الثمن من شيء تركتموه إن كان لكم ولد.
فنحتاج - كما يقولون - لكي نتمكن من العمل بهاتين الآيتين إلى دليل يزيل الإبهام والإجمال عن هذا الشيء الذي ترث فيه الزوجة. ويقول المانعون من توريث الزوجة من العقار أي الأرض بأنه قد وردت عن طريق أهل البيت (ع) أحاديث كثيرة لم يتمكن الفقهاء الإمامية الذين خالفوا الغالبية في المسألة أن ينفوا صدورها عن الأئمة (ع)، وإنما حاولوا دفعها تارة بأنها أخبار آحاد وأصولهم لا تقتضي العمل بخبر الواحد، وتارة بأنها مخالفة لظواهر القرآن فتطرح عند التعارض. وقد سبق القول بأن ظاهر القرأن ليس العموم حتى تكون الأحاديث مخالفة له وإنما هو الخصوص المبهم المجمل، على فرض كون (ما) اسما موصولا، ولو سلمنا بذلك تنازلا، فإن هذه الأحاديث تكون مخصصة للعموم القرآني، ولم يقل أحد من المسلمين بعدم جواز تخصيص العموم القرآني بالحديث، وإنما تطرح الأخبار إذا عارضت القرآن على وجه يتعذر معها الجمع بينهما، وأما القائلون بعدم العمل بالخبر الواحد وعدم جواز العمل به ما لم يكن محفوفًا بالقرائن، وهو ما يعرف في مصطلح علم الحديث بالشاذ أو النادر، فلا خلاف معهم في ذلك، ولكن الحديث يعتبر نادرًا إذا كان مناقضا لسنة ثابتة بالتواتر أو مناقضا لنص قرآني لا يحتمل الوجوه، أو كان مناقضا لعقيدة أساسية من عقائد الدين؛ لا في هذا المقام، إضافة إلى الأحاديث الواردة في هذا المقام ليست شاذة ولا نادرة بل هي مستفيضة ومتكثرة والقرائن على تأييدها متوافرة، وأعظم قرينة تؤيدها كون الآيتين مجملتين لا يمكن العمل بهما إلا بعد التفسير، وهناك روايتان تفيدان العموم هما في الحقيقة مخصصتان بغيرهما من الأحاديث والروايات المفصلة ومحمولتان عليها (18 د. عبد الودود الشربيني – المرجع السابق – ص 357).
ولقد اخرج مسلم في صحيحه في الباب الرابع من كتاب الفرائض ثلاثة أحاديث:
الأول: عن طريق الأعرج عن أبى هريرة عن رسول الله (ص) قال والذي نفس محمد بيده إن على الأرض من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به، فأيكم ما ترك دينا أو ضاعا فأنا مولاه وأيكم ترك مالا فإلي العصبة من كان».
والثاني: عن طريق همام عن أبى هريرة عن رسول الله (ص) أنا « أولى الناس بالمؤمنين في كتاب الله عز وجل فأيكم ما ترك دينا أو ضيعة فادعوني فاني وليه وأيكم ما ترك مالاً فيؤثر بماله عصبته من كان».
والثالث: عن كريق أبي حازم عن أبى هريرة عن رسول الله (ص) «من ترك مالا فإلى الورثة ومن ترك ضياعا فإلينا».
ويستفاد من هذه الراويات التي لم يعارضها من الجمهور معارض:
1 - أن الأراضي والضياع لم يعارضها من الجمهور معارض: فإطلاق الأئمة الأربعة إرث الزوجة أو الزوجات على الثمن أو الربع ليس لأنهم يحملون الآيات المتعلقة بإرث الزوجات على العموم أو الإطلاق باعتبار الاسم الموصول وإنما أطلقوا الفتوى لان الفرائض عندهم لا تجرى في الضياع والأرض وتجرى في غيرها بإجماع الأمة في كل ما يسمى مالا، عملا بالأحاديث سالفة الذكر.
2 - أن لفظ المال إذا ورد في كلمات فقهاء المذاهب الأربعة ينبغي حمله على غير الأرض بدلالة هذه الأحاديث؛ لأن حجية ما رواه أبو هريرة عندهم ثابتة، ومع عدم المعارض الراجح يجب العمل طبق الرواية وهذا الحمل يجب إمضاؤه حتى لو أحيطت القضية بألفاظ العموم للتفرقة بين المال والضيعة في هذه الأحاديث.
3 - أن يكون الميت إذا كانت له ضياع وأطفاله صغار تكون على الحاكم كما تكون الضياع التي يتركها للحاكم كذلك عملا بما تقدم من أحاديث نبوية ولا خلاف بين الإمامية مع أئمة المذاهب الأربعة في أن الزوجة والزوجات يرثن الثمن أو الربع بحسب الموارد من كل ما ترك الميت من الأموال عدا الأراضي والضياع.
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الشملاوي"العدد 5003 - الأربعاء 18 مايو 2016م الموافق 11 شعبان 1437هـ
للأسف يا اخ عبدالله انت قاعد تنفخ في جربه مقطوعه فالقطيع يحب بل يعشق الذل و التذلل لرجال الكهنوت و السبب هو التخلف و الجهل الذي نعيش فيه
حسبي الله ونعم الوكيل .. وبئس المصير.