تتصرف الولايات المتحدة الأميركية في العراق وكأنها واحدة من المدن الأميركية في جميع المجالات. ومع أننا مدينون لواشنطن خلعها من الحكم صدام حسين الذي أغرق المنطقة في واقع مظلم لم نرتضه لأنفسنا ولبلداننا كدول إسلامية تدعو إلى العدل والعيش بسلام فإننا لا نرضى للواقع الذي يتم فرضه هناك بهيمنة أميركية وغربية.
ففي الوقت الذي بدأت فيه تتفتح الأبواب أمام المستثمرين للمشاركة في إعادة اعمار البلد العربي العريق فإن على المستثمرين العرب اقتناص الفرصة قبل فوات الأوان وليس الانتظار حتى تتهيأ جميع الظروف الملائمة للاستثمار فيه.
ومع أن الحال الأمنية في العراق تدعو إلى القلق بسبب استمرار المقاومة العراقية ضد القوات التي تحتل بلادها فإن الاستثمار في جميع البلدان له مخاطره، وعلى المستثمرين العرب الدخول في السوق العراقية بدلا من فتح المجال أمام الشركات الأجنبية للسيطرة على جميع قطاعاتها.
وحسنا فعلت المؤسسة العربية المصرفية التي قالت انها طلبت فتح مصرف لها في بغداد لتوسيع عملياتها في العالم العربي إذا ما أعطيت الفرصة. وأعتقد أنها مؤهلة لخوض هذه التجربة التي تقاعست عنها مصارف كثيرة كان الواجب يحتم عليها أن تكون في المقدمة. وعلى رغم أن طلب المؤسسة غير مضمون الاستجابة له فإنه يمثل قفزة نوعية في التحول إلى البلدان العربية بدلا من الاستثمار في الدول الأوروبية والأميركية التي عانت منها المصارف المحلية والعربية بسبب الديون والقروض المعدومة التي أدت إلى خسائر كبيرة في السنوات الأخيرة.
مسئولية مساعدة شعب عريق مثل الشعب العراقي لكي ينهض ويقف على قدميه ليعيش حياته مثل بقية الشعوب تتطلب التضحية من المستثمرين الذين يبحثون عن فرص للاستثمار، وهم في النهاية سيكونون المستفيدين من المشروعات الكبيرة التي تنتظر التنفيذ.
أما ترك الساحة أمام المستثمرين الأجانب فسيؤدي حتما إلى ارتماء التجار والشركات العراقية في أحضان هذه الشركات.
ويحق للمستثمرين النظر إلى الفرص الاستثمارية المناسبة وما أكثرها في بلد سينفق على إعادة الأعمار عشرات المليارات من الدولارات، وعليه فقط تحمل بعض الصعاب والمخاطر الأمنية التي ستزول مع مرور الوقت.
ومع قرب اجتماع تنظمه غرفة تجارة وصناعة البحرين بين التجار العرب والعراقيين فإن الفرصة مناسبة لإعادة الحسابات
العدد 500 - الأحد 18 يناير 2004م الموافق 25 ذي القعدة 1424هـ