عُرض الفيلم المصري "اشتباك" في افتتاح مسابقة (نظرة ما) بمهرجان كان السينمائي هذا العام. ووصف كثيرون الفيلم بأنه الجوهرة المكنونة للمهرجان.
ويمثل هذا الفيلم عودة السينما المصرية للمسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي منذ فيلم "بعد الموقعة" للمخرج يسري نصر الله في 2012.
وتجمع طاقم التمثيل والعاملون في الفيلم على خشبة المسرح في حفل افتتاح مسابقة (نظرة ما) بالمهرجان حيث تحدث مخرج الفيلم محمد دياب عن شعوره بالفخر ووجه الشكر لكل من ساهموا في فيلمه.
وقال دياب "مبسوط وفخور إن أنا هنا. بس لا يمكن إن أنا أكون موجود من غير الناس دول (هؤلاء) فلازم نصفق لهم كلهم."
وتدور أحداث الفيلم في الفترة الزمنية التي أعقبت الإطاحة بالرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في عام 2013. وتتعلق الأحداث بمجموعة من المحتجين من كل أشكال الطيف السياسي وقد وجدوا أنفسهم محبوسين معا في سيارة فان خاصة بمصلحة السجون.
وقال دياب إن المشاهدين سينظرون لفيلمه باعتباره "مثيرا للجدل" لكنه يأمل بأنه سيسبب استياء للجميع بشكل متساو.
وأضاف "في أي حرب يرى الناس بعضهم البعض بلونين فقط هما الأسود والأبيض. ولذلك فان محاولة إرغامهم على رؤية العالم باللون الرمادي..فانك تقبل ذلك في بعض الأحيان ولا تقبل في بعضها الآخر. حاولنا قدر الاستطاعة أن نمارس ألعابا في الفيلم لنجعل كل شخص يرى الآخر من وجهة نظر الآخر. وهذا أمر في غاية الصعوبة لأشخاص يريدون أن يروا الآخرين كأنهم شياطين. بالتالي فأنا أعرف أن هذا الفيلم مثير جدا للجدل وأن هناك فرصة لاستياء الجميع لكني آمل أن يستاء الجميع بشكل متساو."
وقالت الممثلة المصرية نيللي كريم إن عملية تصوير الفيلم في شاحنة فان خاصة بالسجن لم تكن عملية سهلة.
وقالت "أسعدني لكني أعرف بالطبع أنه من الصعب جدا أن تصور فيلما كاملا في سيارة..في مكان مغلق يعج بكثيرين لاسيما وأن درجة الحرارة في مصر مرتفعة جدا لدرجة أنها تتجاوز 40 درجة مئوية في الخارج. وبالتالي في داخل السيارة ومع الكهرباء والإضاءة قد تتجاوز 50 درجة مئوية. لكن الحمد لله لم يكن الجو حارا للغاية أثناء التصوير."
وأضافت نيللي كريم "يعني أعتقد إن الفيلم مُش سياسي على قدر ما هو إنساني قوي. لأن الفيلم بيطرح فكرة اللي إحنا عايشين فيها. إحنا عندنا وجهات نظر مختلفة.. يمكن اتجاهاتنا السياسية مختلفة. دياناتنا مختلفة لكن كلنا بني آدمين وكلنا عايزين نعيش حياة أفضل. وأنا شايفة إن شاء الله ح نعدي والبلد حتكون أحسن وأحسن."
وتعاني مصر من اضطرابات سياسية منذ انتفاضة عام 2011 التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك بعد أن قضى 30 عاما في حكم البلاد.
والآن ومع وجود رئيس قوي لمصر هو عبد الفتاح السياسي قال دياب إن الأحداث في مصر كان لها تأثير بالغ على جيل الشباب في مصر لكنه لا يزال متفائلا.
وأضاف دياب "الخمس سنوات اللي فاتوا كانوا سنين صعبة جدا.. جدا..جدا على كل المصريين وخصوصا الجيل اللي دخل في الثورة وحس (شعر) إنه وصل للسماء وبعدين وقع. ده جيل عايز يتعالج نفسيا وتعبان. ونصنا (نصفنا) عندنا بقى الانفلونزا الجديدة هي الاكتئاب. كل المصريين الشباب الصغير بالذات عندهم اكتئاب الجيل الجديد. الفيلم بالنسبة لي كان نوع من أنواع العلاج النفسي ونوع من أنواع يعني رسالة وداع مش هاقول الثورة أنا دائما عندي أمل. ولكن كانت حاجة فعلا نفسيا صعبة عليَ إن أنا باعمل الفيلم ده ولكن كانت مرحلة علاج وحاسس إن أنا على الأقل لو فشلنا أنا على الأقل -أنا بأتكلم عن نفسي- لو فشلت إن أنا أوصل لأحلامي على الأقل عرفت أعبر عنها. واللي بأتمناه إن كل إنسان يشوف الفيلم ده يتأثر ولو فيه يتغير حاجة صغيرة جدا إنه يروح أكثر للحتة (الجزئية) الإنسانية وينسى خطاب الكراهية المنتشر بيننا كلنا للأسف."
وأردف دياب أن الفيلم محاولة لتحقيق تقارب بين مواقف أفراد المجتمع المصري على اختلاف انتماءاتهم.
وفيما يتعلق بردود الفعل التي لمسها حتى الآن على فيلمه قال إنه قوبل باستحسان من شاهدوه من المصريين حتى الآن.
وأضاف "إلى الآن الناس اللي شافت الفيلم من مصر هنا في كان الحمد لله أحبوا الفيلم جدا وقالوا لي كلام ممتاز. حتى النقاد وكان كلام إيجابي جدا. ولكن الفيلم ده أنا عارف تمام من أول يوم وأنا باعمله إنه فيلم ها يبقى ملخبط وها يلخبط الناس ومش هيعجب كل الناس."
وهذا هو ثاني فيلم لمحمد دياب الذي سبق له أن أخرج فيلم بعنوان "ستة سبعة ثمانية" ركز خلاله على قضية أخرى مهمة انتشرت في الآونة الأخيرة وهي قضية التحرش الجنسي في مصر.