النيابة البيئية منهج رقابي وقضائي، وأداة فعلية لإنفاذ القوانين والقرارات والأنظمة المنظمة لإجراءات الحفاظ على المعالم البيئية، وصون توازن النظام البيئي، والحفاظ على مقومات الأمن البيئي للمجتمع، والنيابة البيئية من المدارس الحديثة في منظومة القضاء البيئي، وبدأ الأخذ بها كمنهج قضائي نتيجة تصاعد وتائر المخالفات البيئية، وإبعاد مخاطرها بمختلف اتجاهات آثارها البيئية والإنسانية، ولتعضيد فاعلية جوهر محددات القانون البيئي، والنيابة البيئية أداة قانونية ورقابية يمكن أن تسهم في التشخيص المؤسس والممنهج لمواصفات نشاطات التعدي على مكونات البيئة، وتحديد مؤسسات الجريمة البيئية، وتوصيف محددات المسئولية والعقوبة على الأنشطة الإجرامية التي تستهدف الأمن البيئي للإنسان، ويمكن أن تساعد أيضاً في تعضيد فاعلية مناهج تقويم السلوك البشري في العلاقة مع المعالم البيئية، وإنجاز أهداف التنمية المستدامة.
الجريمة البيئية بمختلف تجليات آثارها التدميرية في النظم البيئية، وما تسببه من مخاطر مباشرة على الأمن البيئي للبشرية، تمثل الدافع الفعلي في تبني عدد من الدول لهذا المنهج القضائي، والجريمة البيئية كمفهوم تعني الأنشطة التدميرية الخطيرة على الإنسان والبيئة المخالفة للنظام القانوني، وتعتبر النشاطات والأعمال ذات الآثار الضارة والخطيرة، والتي تتسبب في تشكيل الخطر المباشر على صحة الإنسان والبيئة، وتؤدي إلى إزهاق الأرواح من الجرائم الدولية الخطيرة التي صارت تعرف بالجريمة البيئية، وإن إقحام الأنظمة البيئية في التكتيكات العسكرية، وقصف المواقع الاقتصادية المهمة لحياة الإنسان كالسدود وأنظمة الري والمناطق الزراعية وغيرها، بالإضافة إلى إلقاء المواد السامة في مياه الشرب أو في المحيط البيئي للإنسان، تُعد من الجرائم البيئية الخطيرة.
الدراسات المختصة تشخص جوانب الأنشطة التي تصنف ضمن الجرائم البيئية، ويؤكد مؤنس محب الدين في كتابه «البيئة في القانون الجنائي.. دراسة مقارنة» إن «جرائم التلوث المتعمدة لعناصر البيئة الطبيعية مثل الإلقاء المتعمد للمواد الكيماوية الخطرة أو النفايات المشعة متصاعدة الأضرار، وإغراق السفن التي تحمل مثل هذه الشحنات، مساوية لجرائم القتل أو الإبادة الجماعية - genocide». وترى بعض الدراسات القانونية لعدد من المختصين في روسيا والتي يجرى تسجيلها في كتاب «مسببات الجرائم الايكيولوجية أن «الجريمة البيئية تتمركز في النشاطات والأعمال الخطيرة، والتي تؤدي إلى إحداث الآثار السلبية على المحيط البيئي ومكوناته الأساسية المهمة لحياة الإنسان» ويؤكد البروفيسور في القانون بتروف ف.ف أن «الأضرار التي تحدث للبيئة الطبيعية تشكل السمة الرئيسة للجريمة البيئية».
وبالارتكاز على ما جرى تشخيصه، يمكن القول إن النشاطات البشرية التي لا تراعي الأسس السليمة في العلاقة مع الأنظمة البيئية، وعدم الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية والرأسمال الايكيولوجي، والمتمثل في الاستغلال المفرط وغير المستدام للموارد البحرية والثروة الزراعية والحيوانية، وتنفيذ البرامج والمشروعات التنموية والخطط الإقتصادية عديمة الجدوى، وغير المرتكزة على أسس التخطيط البيئي السليم، والتي تتسبب في الإخلال بالأنظمة البيئية، وتعرض الحياة البشرية للخطر، تمثل في مجموعها أحد أنماط الجريمة البيئية، وتدخل ضمن وظائف وآليات نشاطات النيابة البيئية.
إن تقنين ومأسسة آلية ضبط الجرائم البيئية اتخذت منهجيات مختلفة في مسمياتها، بيدَ أنها متفقة في وظائفها وأهدافها، ففي الصين جرى في (مايو/أيار العام 2014) افتتاح أول محكمة لشئون البيئة، تعمل وفق منهجية جديدة لمعالجة تلوث الهواء والمياه والتربة، وفي قطر جرى في (مارس/آذار 2014) إنشاء «نيابة البيئة والبلدية» وتختص بالتحقيق والتصرف في الجرائم المنصوص عليها في القوانين التي تعالج جملة من القضايا من أهمها الباعة الجائلين، النظافة العامة، الحيوانات المهملة، استغلال وحماية الثروات المائية الحية، تجريف الأراضي الزراعية ورمال الشواطئ، الإضرار بالبيئة النباتية ومكوناتها، صيد الحيوانات والطيور والزواحف البرية، حماية الحياة الفطرية ومواطنها الطبيعية، والجرائم المرتبطة بها، الاتجار في أنواع الكائنات الفطرية المهددة بالانقراض ومنتجاتها، استغلال الثروات الطبيعية ومواردها، التحكم في المواد المستنفدة لطبقة الأوزون.
الواقع البيئي المتأزم التي أنتجته جملة من الظروف في لبنان دفعها في (يناير/كانون الثاني 2012) إلى إنشاء نيابة عامة خاصة بالبيئة، وتشير التقديرات إلى أن ما استدعى التوجّه الى ذلك عوامل عدّة تتلخّص في استنزاف الموارد الطبيعية جرّاء التطوّر العمراني في ظلّ زيادة عدد السكّان مروراً بالقضاء على المساحات الخضراء، وتلويث الأنهار والكثير من الآبار الجوفية، وتخريب الشواطئ وتدمير الطبيعة الجبلية بمنح عشرات الرخص للمقالع والكسّارات بعيداً عن أيّ تنظيم توجيهي، وفي سيطرة واضحة للنفوذ والمصالح السياسية لخدمة المحاسيب، وموجة الحرائق المفتعلة في المناطق غير الممسوحة عقاريّاً غالباً، في محاولة لتغيير معالمها والسيطرة على مشاعات الدولة وأملاكها ووضع اليد عليها.
وتناول مقترح القانون بإنشاء النيابة البيئية في المادة الرابعة، بإضافة باب جديد إلى القسم الأوّل من قـانون أصول المحاكمات الجزائية بعنوان: «مهام النيابة العامة البيئية» جرى بموجبها النص على اجراءات تعيين النائب العام البيئي يتولّى مهام الملاحقة في الجرائم الناشئة عن مخالفة أحكام القوانين البيئية، والصحّة البيئية، والاعتداء على أملاك الدولة العامة والخاصة، وخاصةً الزراعية والمشاعات، الجرائم الناشئة عن مخالفة قوانين منع التلوّث، والحفاظ على الثروة الحرجية، والغابات، والكسّارات والمقالع، والمياه الجوفية، والأنهر، والجوّ، والموضوعات الزراعية كافة، والجرائم الناشئة عن استخراج الرِّمال وسائر المواد من الأملاك العمومية البحرية ومن قعر البحر، والجرائم الناشئة عن مخالفة قوانين المحميات والحماية الإجبارية، والجرائم الناشئة عن مخالفة قوانين تصنيف المؤسّسات، والرقابة على سلامة وصحّة المواد التي تؤثّر على صحّة المواطن، جرائم غصب الأملاك العمومية، جرائم مخالفات قوانين البناء، وقانون التنظيم المدني، وجرائم النفايات الصناعية والسامة ونفايات المستشفيات، والجرائم التي تنال من مكانة الدولة البيئية.
إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"العدد 4997 - الخميس 12 مايو 2016م الموافق 05 شعبان 1437هـ
دكتور شبر مع التحيه
مازال موضوع النيابه البيئيه مبكر ياليتك طلبت مركز تثقيف بيئي او عالاقل مركز بحرث والدراسات البيئيه لعل وعسى بنتدي نوضع سلالم التوعيه كانك استعجلت علي الشرطه والقوانين بهالمجال طيب خل اول يحطو عقوبات المخرب للبيئة عندك مثال اطلع علي حديقه الشماليه البيئيه التعليمية واسال منو اشرف عليها او عالاقل وضع لهم دراسه وافكار وأمسك بطنك ضحك او شفتها وبعدين لاحقين عقب 50 سنه اقل توقع علي المستوي الكبير هذا من طلبك عملك السابق في وزارة بيئه ومجال تخصصك اعرف انه طلبك يحدده هالكفاءه بوركت يداك