العدد 4997 - الخميس 12 مايو 2016م الموافق 05 شعبان 1437هـ

«مبدأ بيتر»... الصعود نحو الفشل

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

عالم الإدارة الكندي لورانس بيتر نشر كتاباً غي العام 1969 أشار فيه إلى ملاحظة مهمة ترتبط بسعي الموظف في أي مؤسسة إلى الحصول على ترقية لكي يصعد في السلم الوظيفي، وأن هذا الشخص لايتوقف في مسعاه إلا إذا وصل إلى مستوى مرتفع في الهيكلية الإدارية وفشل في أداء مهماته، وأطلق على هذه الملاحظة مسمى «مبدأ بيتر»Peter Principle.

الملاحظة ثبتت دقتها في كثير من الأحيان، إذ أن هناك الكثيرين ممن يرتفعون في الهرم التنظيمي لمؤسساتهم، ويواصلون في الإرتفاع إلى أن يصلوا إلى مستوى يظهر عدم كفاءتهم، وعدم قدرتهم على أداء العمل المنوط بهم، وبالتالي فإنهم - بحسب «مبدأ بيتر» - كانوا يسعون إلى الوصول الى مستوى في التسلسل الهرمي لا يصلحون إليه، وليسوا مؤهلين بما فيه الكفاية لتنفيذ واجباتهم الجديدة. وعليه، فإن الشخص في أحيان كثيرة يواصل «الصعود نحو الفشل».

ليس هناك ضمانات مؤكدة لمنع حدوث «مبدأ بيتر»، ولكن لعل اختيار شخص لمنصب ما يجب أن يتم على أساس أداء المرشح الفعلي في دوره الحالي، بدلاً من التركيز على قدراتهم المتعلقة بدور مستقبلي محتمل.

ولكن مثل هذا الطرح قد يعني انغلاق الفرص أمام الذين تنكشف مواهبهم عند الحاجة، إذ أن هناك نوعيات فريدة من الأشخاص لا يمكن التعرف على قدراتهم إلا من خلال تعريضهم لمسئوليات تتجاوز نطاق عملهم الاعتيادي. في هذا الجانب ربما يأتي دور العمل بروح الفريق الواحد وتشجيع المبادرات القيادية لتقييم إمكانات الموظف قبل منحه ترقية لمنصب أعلى، بحيث يثبت قدراته الفعلية في مجال عمله المستقبلي قبل الصعود رسمياً في الهيكل التنظيمي.

إن «مبدأ بيتر» يوضح أن عدم كفاءة الشخص تنكشف عندما يصل إلى مستوى أرفع من السابق في الهيكل التنظيمي، فقد يكون الشخص مهندساً ممتازاً، ولكنه يفتقر إلى المهارات القيادية اللازمة لقيادة مجموعة من المهندسين والموظفين.

الطرق الحديثة في إدارة الموارد البشرية تركز على تحديد ما هو المطلوب من المعارف والمهارات والسلوكيات لكل نوع من الأفراد الذي سيشغلون مناصب قيادية أو تخصصية، وهذه المنهجية تسعى لربط ثقافة المؤسسة مع القدرات المتطورة والمطلوبة لنجاح عمل المؤسسة. مثل هذه المنهجية تساعد في تحاشي الوقوع في «مبدأ بيتر»، وذلك عبر منع الأشخاص الذين لا يمتلكون السلوكيات والمواهب المتوازنة من الوصول إلى مواقع أعلى في السلم الوظيفي.

لقد أدرج المدون سليمان البطحي على مدونته التي تهتم بمهارات الإدارة والتخطيط الإستراتيجي http://albuthi.com/blog/692بعض النصائح لتجنب الوقوع فريسة لـ «مبدأ بيتر»، منها ما يأتي:

1 - اعتماد سياسة «تطوَّر أو غادر» بإبعاد أي موظف يفشل في إحراز تقدم من خلال الترقية أو من خلال تطوير المهارات. فاستمرار الموظف في شغل وظيفة هو غير كفء للقيام بأعبائها يُثبِّط المعنويات العامة ويُسبب الاستياء ويُعيق تقدم من هم أسفل منه في السلم الوظيفي.

2 - ليس كل موهوب قائداً ناجحاً، لكن الكثير من المنظمات التي تتبنى إطار عمل «تطوَّر أو غادِر» تفشل في إدراك هذه الحقيقة. فيجب إيجاد طريقة لجعلهم يؤدون أفضل أعمالهم بدون إضافة واجبات أخرى متعلقة بقيادة الآخرين.

3 - الترقية ببطء وبمنهجية فقط لأولئك الذين لديهم المهارات والقدرات اللازمة لأداء مهام المناصب الأعلى.

4 - تحديد أصحاب المواهب في كل مستوى من المستويات وعدم إهمالهم أو تجاهلهم. وفي بعض الأحيان يستاء القائد قليل الكفاءة من مرؤوسيه الموهوبين ويحجب عنهم الإرشاد والتوجيه. ولهذا يجب أن يتدخل القائد الأعلى في حال اكتشاف وجود أحد هؤلاء الموهوبين ممن يعمل تحت إشراف مدير غير كفء يعيق تطويره وترقيته.

5 - عدم الترقية اعتماداً على الجهد الذي يبذله الموظف، فالجهود لوحدها لا تقود الأعمال بل النتائج هي التي تقودها. ويجب الترقية عندما نرى نتائج تتجاوز توقعاتنا كقادة لهم.

6 - في كثير من الأحيان يستحق أصحاب المواهب الوصول إلى أدوار وظيفية متقدمة بسرعة حتى لو كانوا حديثي الالتحاق بالمنظمة.

7 - تدريب المرشح للترقية على وظيفته الجديدة بأن يكون ملازماً للمتقلد الحالي للمنصب ليتعلم منه. وكذلك يمكن الاستعانة بمدرِّب متخصص في إعداده للترقية.

8 - تسجيل المرشح في برنامج تدريبي رسمي أو إيجاد وسيلة أخرى تساعده على تعلم المهارات المطلوبة.

9 - تقييم أداء الذين يقومون بالترقية أو بالتوصية بالترقية ومراجعة سجل أدائهم لمعرفة مدى نجاح توصيات الترقية التي أوصوا بها.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4997 - الخميس 12 مايو 2016م الموافق 05 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 10:15 ص

      مقال مفيد جدا جزاك الله خيرا. و أسمعت لو ناديت حيا

    • زائر 8 | 6:33 ص

      مقال رائع..واولادي استفادوا منه كثيرا. شكرا للدكتور منصور الجمري.

    • زائر 6 | 4:18 ص

      ...

      ....هناك روؤساء اعتمدت علي موظفيها بتسديد الفواتير وتوصيل عيالهم احنا مسؤلنا قرب له شخص فقط لانه يخدمه يخلص اشغال بيته ويشتري حالي الأكل والمستلزمات يدخلها سيارته نشوفه له كل المميزات والحوافز والترقيات تعرف هذا وين ... كالعاده ....

    • زائر 5 | 4:02 ص

      مثال لذلك بعض العاملين في التربية أعتقد تميز البعض في التدريس آداة لتقييم أستحقاق الترقي لوظيفة إدارية أمر خاطئ، يمكن مدرس منخفض الآداء يؤدي دور إداري أفضل ...

    • زائر 4 | 2:52 ص

      أتابع مقالاتك كل جمعة واعتبرها أكاديمية في التنمية البشرية تعطي دورات مجانية .
      شكرا يا دكتور

    • زائر 2 | 2:19 ص

      الحديث ذو شجون

      تعال شوف دكتور ......جابوه بستاني مايعرف اسم ماراح اقول معدات لا مايعرف يحسب المسافه بين نقطتين او اخلي اعطيك مثال مايقدر يحدد مستوي قطر الحوض المسموح فيه للرصيف يعطوه سفرات وهو بعقد مؤقت وفوق هذا حوافز ولايخلوه يشرف علي عملك وانت مهندس المشكله فقط كل هالمميزات اخذها عشان ينقل وش يقولون علي الرئيس ومنى يحبه ومنى يكرهه خذ عاد الاكاذيب والقصص

    • زائر 1 | 11:34 م

      نعم هذا يحصل في البلاد الراقية أما في بعض البلاد تترقى بالواسطة أو انت إبن من وليس بالكفاءة

    • زائر 11 زائر 1 | 3:17 م

      اسمح لي يا دكتور ..كتاب لورانس بيتر لا يناسب زماننا ....

      الكتاب قديم منذ سنة 1969 اي منذ 50 عاما واكثر و هو لا يناسب زماننا المتطور و السريع في كل شيء حتى في الادارة والقيادة .. كما اني لا اتفق معك في الكلمات التي كتبتها بان الموظف الذي لا يطور نفسه عليه ان يغادر و هذا اجحاف في حقه و اصلا هو قبل التوظيف اكمل الكثير في الجامعات و بعد التوظيف هناك ورش و دورات وهناك من يراقب الاداء عن كثب فقط نقطة اقولها ان انشغال الموظفين و المعلمين و المعلمات في الهواتف و البرامج و السناب شات و غيره ادى الى عدم الجودة او عدم السرعة في الانجاز او عدم الاهتمام ...

اقرأ ايضاً