قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم الثلثاء (3 مايو / أيار 2016) إن على السلطات المصرية الإفراج عن طبيب يدعو إلى تحسين ظروف الاحتجاز وشخصين كانا يسكنان معه. يظهر أن اعتقالهم واحتجازهم مرتبط فقط بأبحاث الطبيب ونشاطه السياسي السابق.
وأضافت "داهمت الشرطة شقة الدكتور طاهر مختار في 14 يناير/كانون الثاني 2016، وصادرت أجهزة إلكترونية وأوراقا تحوي "إسقاطات على الحكومة الحالية" و"بعض العبارات الإثارية المحرضة ضد الدولة"، بحسب محاضر التحقيق التي اطلعت هيومن رايتس ووتش عليها. قال محامي مختار والرجلين، أحمد حسن وحسام الدين حمد، إن الشرطة ضبطت تقارير أدلى بها مختار تتحدث عن ظروف الاحتجاز."
من جهة أخرى قال نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، نديم حوري : "يبدو أن السلطات المصرية ترى الانتقادات على أنها عصيان إجرامي خطير. بدلا من توقيف شخص مثل الدكتور مختار، على السلطات المصرية العمل على تحسين أوضاع السجناء".
وُضع الثلاثة في الاحتجاز المؤقت على ذمة التحقيق لمزاعم تتعلق بالتخطيط لاحتجاجات عنيفة للإطاحة بالحكومة و "ترويع المواطنين وإرهابهم".
يبدو أن الادعاءات تنبع من نشاط مختار السياسي – كتنظيمه إضرابات واحتجاجات الأطباء لمحاسبة الشرطة – وعمله في توثيق الإهمال الطبي في مراكز الاحتجاز في مصر. استنادا إلى سجلات التحقيق، لا يبدو أن الشرطة ضبطت أي أدلة في الشقة بخلاف تلك التي تزعم أن فيها كتابة مناهضة للحكومة. على النيابة العامة إسقاط التهم ضد مختار وحسن وأحمد نظرا إلى اعتماد الشرطة على انتقاده المكتوب ضد الحكومة، وليس أدلة حول التخطيط لارتكاب العنف.
جرت المداهمة خلال حملة أمنية واسعة النطاق في وسط القاهرة قبيل الذكرى الخامسة لانتفاضة 25 يناير/كانون الثاني، 2011 في مصر. بحسب تقارير صحفية، فتشت الشرطة عدة شقق خلال المداهمات.
وأشار مسئول في جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية لـ "رويترز": "هناك عدة إجراءات تم اتخاذها للتضييق على النشطاء وعدم تجمعهم. تم غلق عدد من المقاهي أو أماكن التجمعات. ألقي القبض على بعض منهم لإرهاب الآخرين."
قال المحضر الذي نظمه النقيب أحمد طه الزاهد، وكيل المباحث، إن عناصر الأمن الوطني تلقوا معلومات من "مصادرنا السرية الموثوق بها" تفيد أن شقة مختار كانت مقرا لـ "عناصر إثارية" يخططون لمظاهرات عنيفة لإسقاط الحكومة. أضاف أنه حصل على إذن المداهمة من نيابة أمن الدولة العليا.
سبق لمختار، عضو لجنة الحقوق والحريات في نقابة الأطباء، أن ساعد على تنظيم إضرابات الأطباء لتحسين ظروف عملهم. كما احتج مطالبا بمحاسبة عناصر الشرطة الذين ضربوا الشاب الاسكندري خالد سعيد حتى الموت في 2010. هذا الحادث أطلق شرارة انتفاضة مصر عام 2011.
طلبت اللجنة من مختار التحقيق في ظروف السجناء الصحية في مراكز الاحتجاز. من بين التقارير التي وُجدت في شقته تقارير نشرتها حملة "الإهمال الطبي في أماكن الاحتجاز جريمة"، والتي ساهم فيها مختار. حسن، زميل مختار في السكن، طالب قانون في السنة الرابعة في جامعة بني سويف، وحمد طالب هندسة ميكانيكية في جامعة 6 أكتوبر.
حملة الاعتقالات الجماعية المستمرة من قبل السلطات منذ الإطاحة بمحمد مرسي عام 2013، وهو أول رئيس مصري منتخب بحرية، أوصلت نسبة استيعاب السجون ومراكز احتجاز الشرطة إلى 160 بالمئة من طاقتها، وفقا لتقرير مايو/أيار 2015 السنوي لـ "المجلس القومي لحقوق الإنسان" شبه الحكومي. خلقت الزيادة في الاعتقالات أوضاعا غير آمنة واكتظاظا أدت إلى ارتفاع الوفيات في الحجز.
أخبر أحد محامي الدفاع عن الرجال هيومن رايتس ووتش أن الشرطة لم تقدم مذكرة تفتيش خلال مداهمة شقة الدكتور مختار، لكن قدمت واحدة لاحقا للمحامين. يعتقد المحامون أن الشرطة وضعت تاريخا قديما على المذكرة، لكنهم لم يتمكنوا من إثبات ذلك.
قال أحد المحامين إن الشرطة اقتادت الرجال الثلاثة إلى مركز شرطة عابدين في القاهرة للتحقيق معهم، دون إبلاغهم بالتهم الموجهة إليهم. أضاف أن الشرطة أبقت المحامين في غرفة أمامية من المركز ومنعتهم من التواجد لدى بدء الاستجواب.
في 17 يناير/كانون الثاني 2016، أمرت محكمة الجنح في عابدين باعتقال مختار ومن معه 15 يوما على ذمة التحقيق، ثم مددت أوامر اعتقالهم 15 يوما أخرى في 31 يناير/كانون الثاني، وفي 14 فبراير/شباط. في 2 مارس/آذار، أمرت المحكمة بتمديد اعتقالهم 45 يوما، وفي 23 مارس/آذار، رفضت التماسا قدمه محامو مختار لإطلاق سراحه.
في 16 أبريل/نيسان، مددت المحكمة أمر الاعتقال 45 يوما أخرى للرجال الثلاثة، لكن لم يقرر الادعاء العام بعد إن كان سيحيلهم إلى المحكمة. في السنوات التي تلت الإطاحة بمرسي، احتجزت السلطات آلاف الأشخاص فترات طويلة قبل المحاكمة، منهم من تجاوز فترة عامين التي يجيزها القانون.
يُحتجز الثلاثة في سجن طرة في القاهرة. قال أصدقاء حسن لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات وضعت مختار في زنزانة مع رجال آخرين، في حين وُضع حسن وحمد سوية مع محتجزين آخرين. عندما سأل مختار لماذا لم يوضع مع حسن وأحمد، ضربه الحراس. أكد محامي مختار أن الحراس ضربوه.
يبدو أن الاعتقالات انتهكت المادة 139 من قانون الإجراءات الجنائية المصري والتي تنص على أن "يبلغ فورا كل من يقبض عليه أو يحبس احتياطيا بأسباب القبض عليه أو حبسه".
تمنع المادة 6 من "الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب"، ومصر طرف فيه، الاعتقال التعسفي. كما ينص الميثاق على أنه "يحق لكل إنسان أن يعبر عن أفكاره وينشرها".
تنص المادة 9 من العهد الدولي للأمم المتحدة الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ومصر طرف فيه أيضا، أنه "يتوجب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف لدى وقوعه كما يتوجب إبلاغه سريعا بأية تهمة توجه إليه".
قال حوري: "لا يشكل الأطباء والناشطون الساعون لتأمين الحقوق الأساسية تهديدا للأمن القومي المصري. على السلطات إطلاق سراح جميع المحتجزين بسبب ممارستهم حقوقهم، وخاصة أشخاص مثل الدكتور مختار وزميليه، الذين قد يقضون أشهرا أو سنوات محتجزين على ذمة المحاكمة".