العدد 4986 - الأحد 01 مايو 2016م الموافق 24 رجب 1437هـ

المحبة وترتيب الحياة... الكراهية وخرابها

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

المحبة مكلفة. الكراهية مكلفة أكثر. المحبة تعمّر فيما الكراهية تخرّب وتدمّر كل من وما حولها. المحبة تتيح لك النظر بحياد وعدل وصدق والكراهية لا تتيح لك أياً من ذلك. المحبة أتاحت للعالم فترات من استقرار مكّنته من تحقيق ما لم يستطع تحقيقه في سنوات وقرون من الكراهية والحروب والقلاقل.

مآزق العالم اليوم وأمس في كثير من أوجهها: الكراهية، الهجرات الجماعية بفعل الحروب التي نشهدها اليوم في سابقة تكاد تتجاوز الهجرات في الحروب العالمية الكبرى، لم تكن نتاج محبة. تقسيم الأوطان وتفتيتها لم يكن نتاج محبة.

محبة الخير والعالم أنتجت المضاد الحيوي، ونقيضها أنتج أسلحة الدمار الشامل. لا أحد يمكن أن يقتنع بأن الذي توصل إلى وصفة القنبلة الهيدروجينية والنووية كان عاشقاً للبشر واستقرار العالم، مهما كانت المبررات والدوافع.

كل دقيقة، ساعة، يوم، أسبوع، شهر، سنة تمر والبشر مشغولون بطبخ المكائد والمخططات لمن حولهم، يصبحون بالناقص مما عاشوه، لأنهم لا يكونون وقتها مشغولين بترتيب الحياة، بل مشغولون بتخريبها وإثارة القلاقل في أرجائها، ودفعها دفعاً إلى أن تكون غير صالحة للاستعمال. وذلك هو ما يجعل تلك الدقائق والساعات والأيام والأسابيع والشهور والسنوات تتسلل من أعمارهم وأعمارنا وكأنها لم تكن.

وما ينطبق على الأفراد ينطبق على الأمم والأوطان. فرد يحب سينجز وسيكون نافعاً لنفسه ولمن حوله. وأوطان تحب ستكون نافعة لبشرها ولمن حولها. وحين قلنا إن المحبة مكلفة في بداية هذا المقال، فلأن لها ضرائب تحمُّل وصبر ومجاراة وتنازل في كثير من الأحيان، ولكنه تنازل له مردوداته المثمرة والإيجابية على المدى الطويل، وتتضح نتائجها فيما يتجلى من استقرار والذي بدوره يتيح إمكانيات واسعة للإبداع وتنظيم أمور الحياة بشكل أعمق وأجدر.

وحين تحب، تحترم آدميتك تقدّم أجمل وأروع ما فيها وما تتضمنه من خير ومُثل، وعلى الضد من ذلك: الكراهية، ستجد نفسك عالقاً في جحيمها، وتكون بذلك تقدّم أسوأ ما فيك وتعرب - بوعي أو من دون وعي - عن التزامك الحط من تلك الآدمية والأخذ بها إلى مجهول سيرديك في هاوية لم تكن ترجوها ولكنك فعلت.

وفي المحبة اكتشاف للذات ووقوف على طاقاتها الكبرى والمؤثرة. وفي الكراهية وقوف على كل خراب ودمار وتنغيص عيش وفتح أبواب لا نهاية لها من الجحيم.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4986 - الأحد 01 مايو 2016م الموافق 24 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:57 ص

      المحبه هي الروح

      هنيئا لك أستاذه على هالمقال الرائع أصبت وجه الحقيقه ..
      المحبه بناء والكراهيه خراب ..
      تحياتي ..

    • زائر 1 | 2:20 ص

      مقالك جميل

      واتمنى المرة القادمة التحدث عن الحقد

اقرأ ايضاً