"رؤية السعودية 2030" لم تكن مجرد رؤية بل “ثورة” إقتصادية إجتماعية تنقل السعودية الى مكانة دولية متميزة وترفع من وزنها الإقتصادي والسياسي وستكون أكثر تأثيراً في المتغيرات الدولية .. لهذه النقلة متطلبات وهناك تحديات لسنا بصدد مناقشتها في هذه المقالة ، وفق ما نقل موقع قناة سي.إن بي.سي.عربية اليوم الاحد (1 مايو / أيار2016).
أشارت الرؤية إلى تعظيم القدرات الإستثمارية السعودية وبشكل رئيسي من خلال تخصيص الأصول المملوكة للدولة ومنها الشركات الرائدة والأراضي بهدف خلق زيادة في الموارد النقدية والقدرة على تنويع الإستثمارات من خلال تلك الموارد.
التغيير في تصنيف الشركة والمرونة ودرجة التكامل التي تمتلكها “أرامكو” في اختيار شكل و حجم الطرح العام و أهم اسس التقييم هو ما تركز عليه هذه المقالة.. و ستكون الاولى في سلسلة مقالات تتعلق بارامكو.
صنيفات ملكية شركات النفط الكبرى في العالم:
هناك ثلاث انواع لشركات النفط الكبرى من حيث الملكية:
شركات النفط العالمية (IOCs ) :وهي شركات مدرجة في اسواق الاسهم بنسبة 100% وتقوم بحكم القواعد التنطيمية للأسواق بنشر كشوفاتها المالية.
شركات النفط الوطنية (NOCs) : وهي شركات النفط المملوكة الى حكومة دولة ما وهي بعكس النوع الأول لا يتم نشر كشوفات مالية وربحيتها وإيراداتها . من أهم شركات النفط الوطنية شركة لوك أويل الروسية وشركة النفط الوطنية النيجيرية.
شركات برعاية حكومية (GSEs): وهي شركات نفط تكون نسبة الحكومة نسبة مهيمنة أو مهمة وجزء آخر مدرج في أسواق الاسهم ويكون الأفصاح في هذه الشركات عن الجزء المدرج في سوق الاسهم فقط .
شركات إيني الايطالية وبتروباس البرازيلية وشتات اويل النرويجية وبتروشاينا الصينية هي نماذج واضحة للنوع الثالث من شركات النفط.
ومن الواضح و بعد الطرح العام سيتغير تصنيف “أرامكو” من حيث الملكية من النوع الثاني إلى النوع الثالث وستكون نسبة الطرح للإكتتاب العام الأقل في العالم بين شركات النفط.
ويوضح الجدول التالي ملكيات الحكومات في شركات مدرجة في أسواق المال:
من المؤكد إيضاً ان هيمنة الدولة سوف تبقى قوية وستبقى كما هي الى حد كبير، فلو افترضنا انه سيتم طرح 5% للإكتتاب العام وهي أقصى نسبة متوقعة ، فإن تشكيل مجلس الإدارة (كشركة مدرجة في أسواق المال) سيبقى سعودياً بنسبة 100% ونصاب الجمعيات الحكومية العادية وغير العادية وفي كل القرارات التي تكون من صلاحيات الجمعيات العمومية ستكون قرارات سعودية 100% و اعتقد ان هذا الامر مهم جدا خصوصا في القرارات الاستراتيجي .
وعلى هذا الاساس، نسبة ملكية حكومية شبه مطلقة تقود الى هيمنه مطلقة على قرارات الشركة، فربما أكون أكثر ميلاً إلى ان أعتبر طرح “أرامكو” يستحدث صنفا رابعا من شركات النفط المدرجة المسيطر عليها كلياً من قبل الحكومة.
درجة التكامل:
تتباين شركات النفط الكبرى في تصنيفاتها المختلفة من حيث تكامل الأنشطة النفطية التي تمارسها فبعضها يركز على عمليات الاستكشاف والانتاج وهذه الانشطة تمثل بداية سلسلة الانشطة النفطية (UP Stream) وهناك شركات تقوم بكل الانشطة النفطية بدءاً من الاستكشاف والحفر والانتاج إلى الخزن والنقل والمصافي والتوزيع، وهذا النوع من الشركات تعتبر شركات متكاملة( Integrated)
شركات النفط العالمية (متعددة الجنسية) هي شركات متكاملة مع اختلافها في استراتيجية التركيز على انشطة سلسلة الصناعة النفطية. فشركات مثل Chevron و BP توازن بين انتاجها وطاقة تكرير مصافيها وفي شركات اخرى مثل Exxon و Shell فهي تركز بشكل أكبر على مستويات أعلى من التكرير في مصافيها وهذا يتطلب منها شراء النفط بالإضافة إلى ما تنتجه .
“أرامكو”تعتبر من الشركات المتكاملة وبطبيعة الحال فإن ستراتيجية ارامكو التركيز يتم على مستوى الأنتاج وتصدير نفط خام مع امتلاكها او مشاركتها في ملكية مصافي داخل وخارج السعودية.
ماهي العوامل المؤثرة في تقييم شركات النفط:
أهم العوامل التي تؤثر في تقييم شركات النفط هي :
حجم الأحتياطي النفطي المؤكد: وهذا العامل هو الأهم ويرتبط بتعريف “الاحتياطي” المعتمد من مؤسسات دولية، وهناك دليل (Guide) لتقييم الأحتياطيات والموارد النفطية تم أعداده من قبل مؤسسات مهنية متخصصة ويتضمن تعريفات محددة ووصفاً يُمَكن من احتساب الاحتياطيات بدرجة مقبولة ضمن الظروف التكنلوجية المتاحة حالياً.
درجة الـ API : وهي معيار معهد البترول الامريكي لقياس درجة الوزن النوعي للخام المستخرج ويعبر عن كثافة الخام (Density) وعلى اساس هذا المقياس تُصنف نفوط العالم الى: ثقيلةجدا أو ثقيلة أو متوسطة أو خفيفة، فالنفوط المتوسطة والخفيفة أغلى من الثقيلة ومعظم النفوط العربية هي نفوط متوسطة وخفيفة، والسعودية تشترك في سلة أوبك بالخام “العربي الخفيف” الذي تبلغ درجة API 32.8 .
القصد ان هذا العامل إيجابي في عملية التقييم.
وتعتبر الاحتياطيات المؤكدة والانتاج من أهم مؤشرات الرسملة السوقية. كما انه من المهم الاشارة الى القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية للانتاج و للاحتياطيات
ربما سنناقش لاحقاً وفي ورقة بحثية قادمة المعادلات ذات العلاقة بإحتساب القيمة السوقية لشركات النفط.
سيناريوهات الطرح العام
حجم الإحتياطيات النفطية السعودية الضخمة يضعها في المرتبة الثانية عالميا (بعد فنزويلا) والتي تشير غالبية المصادر النفطية على انه بحدود 265 مليار برميل، وعمليات تقييم “أرامكو” قد تقود إلى قيمة تاريخية لشركة نفط هي الاعلى تاريخياً.
ولهذا فإن أمام “أرامكو”عدة سيناريوهات للطرح الاولي وهي :
تخفيض نسبة الطرح الاولي المستهدفة وربما ستكون بين 1%و 5% من قيمة “أرامكو” السوقية.
شطر “أرامكو” جغرافياً بحيث تكون الاحتياطيات النفطية موزعة على أكثر من شركة ويتم الطرح العام لاحدى الشركات، خارطة الحقول السعودية تسمح بذلك.
شطر انشطة “أرامكو” مثل استبعاد المصافي المحلية في شركة مستقلة وابقاء المصافي في الخارج مع ارامكو.
ويوفر الاحتمالان الثاني والثالث المزيد من المرونة ولكن قد تستغرق عمليات الشطر وقتاً اطول.
ويتوزع الهيكل التنظيمي لـ “أرامكو” بحسب الانشطة الى ستة قطاعات رئيسية هي:
1– التنقيب والانتاج
2- التكرير والتسويق والاعمال الدولية
3- الهندسة وادارة المشاريع
4 -خدمات الاعمال
5- المالية
6- العلاقات الصناعية
وتتطلب عملية الادراج بالتأكيد اختيار سوق رئيسة ذات سيولة عالية وأتوقع ان يكون الادراج مع الشركات النفطية الكبرى في السوق الاميركية، ويفضل إضافة اسواق اخرى كإدراج ثانوي، ويجب ان يكون من ضمنها السوق السعودي.
سأتطرق الى موضوع الادراج وقواعده في مقالة قادمة.