كنتُ ضمن الوفد الذي رافق جلالة الملك في زيارته لمصر الأسبوع الماضي، ومصر لها بُعدُها الاستراتيجي لكُلِّ أرجاء الوطن العربي، وبالتالي ليس مستغرباً أن يكون الأمن الإقليمي أحد المحاور الرئيسية في المحادثات البحرينية المصرية. مصر تمثل عمقاً ثقافيّاً وحضاريّاً للمنطقة، ولدينا في البحرين جالية مصرية يبلغ عددها 25 ألف نسمة.

في الأسبوع الماضي كانت السعودية قد أطلقت رؤيتها للعام 2030، والبحرين لديها رؤية 2030، وكذلك عدد من الدول الأخرى لديها رؤية للعام 2030، بما في ذلك مصر. ففي مطلع العام الجاري أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسي «رؤية مصر 2030»، لتحقيق تنمية شاملة فى شتى المجالات، وذلك بهدف الارتفاع باقتصاد مصر ليكون ضمن أفضل 30 دولة على مستوى العالم، وهو ما يعني أن مصر ترى تحدّيها الأساسي في تحقيق الرخاء عبر التنمية، وتحقيق العدالة الاجتماعية عبر توازن السياسات الداخلية.

تعداد مصر يمثل ربع عدد العرب في العالم، وعندما كنت هناك سألتُ سائق السيارة المرافقة عن عدد السكان، فقال لي إنه شاهد اللوحة التي يشرف عليها الجهاز المركزي للتعبئة العامّة والإحصاء قبل أسبوعين، وكان العدد قد وصل إلى 99 مليون نسمة، وقال إنه سيريني كم وصل الآن. وعندما وصلنا بمحاذاة اللوحة (التي توضح عدد السكان بعد احتساب المواليد والوفيات باستمرار) كان العدد مختفياً من اللوحة، سوى من رقم «1» على آخر طرفها... وكان تفسيرنا إمّا أن اللوحة قد تعطّلت فنيّاً، أو أن العدد قد وصل إلى 100 مليون نسمة ولكن اللوحة صغيرة على ذلك الرقم، وليست فيها مساحة كافية لاحتواء الرقم الجديد. مهما يكن، فإنّ دراسة مصرية قالت إن التعداد السكاني سيصل إلى أكثر من 125 مليون نسمة فى العام 2031، بزيادة نحو 38 مليون نسمة خلال 17 عاماً. وأوضحت الدراسة أنه نتيجة لزيادة التعداد السكاني سيرتفع حجم القوى العاملة إلى 39 مليوناً العام 2031؛ أي زيادة حجم القوى العاملة بمقدار 10 ملايين نسمة مقارنة بالعام 2014.

كل ذلك يوضح أن مصر تمُرُّ بمتغيّرات عديدة، والمصريون حريصون على تماسكهم وهم يتطلعون إلى المستقبل من دون التخلّي عن الدور الاستراتيجي الذي يطمحون إليه.

لو نظرنا إلى الجانب الطموح، فإنّ العام 2030 في مصر قد يصعد بالمستوى الاقتصادي لما ترغب إليه القيادة المصرية، وسيكون ذلك جميلاً عندما يتوافق مع الرؤى الأخرى المطروحة لذلك العام، بما في ذلك رؤية البحرين الاقتصادية للعام 2030، والتي طرحت في العام 2008، لتحقيق حياةٍ أفضل لكافة المواطنين البحرينيين، مستندةً في ذلك إلى ثلاثة مبادئ توجيهيّة أساسيّة هي الاستدامة والعدالة والتنافسيّة... وهو ما نأمله لبلادنا ولجميع دول المنطقة.