النخلة... تلك الشجرة المباركة ذات الطلع الهضيم، التي جاء ذكرها في أحد المواضع بالقرآن الكريم بصيغة أمر من الله سبحانه وتعالى لمريم العذراء البتول عندما جاءها المخاض قائلاً لها «وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً» 25 مريم.. فأكلت مريم عليها السلام من ثمار النخلة، فكانت معيناً لها على تقوية عضلات البطن، وسرعة وسهولة الطلق، فخفف عليها ذلك من آلام ولادة عيسى عليه وعلى أمه السلام... وفي ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «ليس من الشجر شجرة أكرم على الله من شجرة ولدت تحتها مريم ابنة عمران».
وقد وصفها قيصر الروم في رسالته لعمر ابن الخطاب وصفاً أقرب إلى الغزل والتي قال فيها «إن رسلي أخبرتني أن لديكم شجرة تُخرِج مثل آذان الفيلة، ثم تنشق عن مثل الدر الأبيض، ثم تخضر فتكون مثل الزمرد الأخضر، ثم تحمر فتكون كالياقوت الأحمر، ثم تنضج فتكون كأطيب فالوذج أُكل، ثم تينع وتيبس فتكون عصمة للمقيم وزاداً للمسافر، وهي من شجر الجنة»... وهذا هو أجمل وصف وصفت به النخلة.
التمر في القرآن والسنة
والتمر دائماً مرتبط في أذهاننا بشهر رمضان، فقد أوصى الرسول صلى الله عليه وآله سلم بالإفطار على تمرات، لأنه يعطي للصائم الطاقة التي يحتاجها بعد صيام يومه، فقال «من أفطر بشق من التمر كفاه الله ذلك اليوم» وقال أيضاً «إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور»، ومن عظيم شأن التمر أن يقرنه الرسول صلى الله عليه آله وسلم بالوقاية من النار فيقول «اتقوا النار ولو بشق تمرة»، وقد ذُكرت النخيل في القرآن في أكثر من عشرين موضعاً يتبين منها ما لها من مكانة رفيعة بين سائر الأشجار، ومن ذلك قول الله جل وعلا «ونزلنا من السماء ماءً مباركاً فأنبتنا به جنات وحب الحصيد، والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقاً للعباد».
مراحل نمو الثمرة
بعد التلقيح تأخذ الثمرة النامية شكلاً كروياً تقريباً وتسمى حصلة، ثم تبدأ في النمو والاستطالة ويصبح لونها أخضر وتسمى خلالة أو بلحة، ثم تتحول إلى اللون الأصفر أو الأحمر وتسمى بسرة، وعندما تصبح الثمرة ناضجة وتأخذ لونها النهائي الأحمر أو الأصفر تسمى رطباً وتصبح الثمرة حلوة سكرية الطعم، أما المرحلة الأخيرة من النضج فهي مرحلة التمر، وذلك بجمع الرطب وتهويته وتجفيفه بتعريضه لأشعة الشمس، ثم يجمع وينظف ويعبأ.
أشهر الأصناف
هناك بعض الأصناف التي تعطي تمراً جيداً، ومن أهمها صنف الخلاص والرزيز والخنيزي، أما بالنسبة للأصناف التي تعطي رطباً جيدة المواصفات فهي الخلاص والبرحي والهلالي والغرة وخصبة عصفور والشهل والخواجة.
التمر في التاريخ
عرف الإنسان التمر منذ خمسة آلاف عام، وشوهدت رسومه منقوشة على جدران معابد قدماء المصريين الفراعنة، حيث عرفوا له من الفوائد ماجعلهم يعتبرون النخلة من النباتات المقدسة، كما عُثر على سعف النخيل حول جثث موتاهم، حيث كانوا يغمسون تلك الجثث في منقوع ثمار التمر قبل تحنيطها لزيادة مدة حفظها، وكانوا يطلقون على التمر اسم «بنرت» ومعناها الحلاوة.
رفيق الإنسان في مراحل حياته
تبدأ رحلة الإنسان مع التمر حتى قبل ولادته، فقد أودع الله فيه من العناصر الغذائية ما يجعله قادراً على تقوية عضلات بطن الأم الحامل، فيخفف عنها الشعور بآلام الحمل، ويجعلها أكثر قدرة على احتمال مشاق الحمل والمخاض والولادة، لأن تقوية عضلات البطن تخفف عنها الإحساس بقسوة الطلق، وفي هذا المقام يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم «أطعموا نساءكم في نفاسهن التمر، فإنه من كان طعامها في نفاسها التمر خرج ولدها حليماً، فإنه كان طعام مريم حين ولدت، ولو كان هناك طعام خيراً من التمر لأطعمها الله إياه».
ثم يأتي دور التمر في مرحلة الطفولة، فقد أثبتت الأبحاث أنه يساعد الأطفال في بناء أجسامهم وزيادة أوزانهم وتقوية بنيتهم لاحتوائه على نسبة عالية من فيتامين A الذي يطلق عليه الأطباء اسم «عامل النمو» كما يقوم بتعويض النقص في العناصر الهامة عند حدوث سوء التغذية، وينظم كذلك عمل الجهاز الهضمي والعصبي لديهم.
لعلاج مرض العصر
ثم تأتي مرحلة الشباب والمراهقة وتحمل المسئولية، فيزداد الشعور بالقلق والحيرة، ويعتقد كثير من الأطباء أن مرض هذا العصر هو القلق وتوتر الأعصاب، وقد أثبتت التجارب العملية والأبحاث أن أكل التمر يساهم في تقوية الأعصاب ويبعث الهدوء والسكينة في النفس، ويحارب القلق النفسي، ويقضي على التوتر.
التمر والجهاز الهضمي
وإذا أضيف الحليب إلى التمر فإنه يفيد في علاج ضعف أعضاء الجهاز الهضمي، وترطيب الأمعاء وحفظها من الالتهابات لاحتوائه على فيتاميني B1، B2 ، كما إنه يساعد الكبد والبنكرياس وباقي غدد الجهاز الهضمي على زيادة فعاليتها، والقيام بوظائفها بكفاءة عالية، ويعمل كذلك على تنظيم عملية الهضم، حيث إن الألياف الموجودة في التمر تساعد على القضاء على الإمساك، كما يفيد في علاج قرحة المعدة، ويساعد على إدرار البول وغسل الكلى، وتخليص الكبد من البقايا السامة.