قبل أيام صرح وزير الإعلام وكأنه يتحدى النواب ولجنة التحقيق البرلمانية في إفلاس هيئتي التقاعد والتأمينات الاجتماعية بأن «موقف الحكومة قوي» وتمنيت لو قال: موقف الحكومة صحيح ونظيف ولا غبار عليه، ولأن موقف الحكومة مهزوز فعلا ولأن إفلاس الصندوقين وراءه تجاوزات حكومية صارخة بحيث شهد على ذلك شاهد منهم حين أعلن المدير العام للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية الشيخ عيسى بن ابراهيم (لحقوا يا النواب ترى المؤسستين على وشك الإفلاس)، ما دعا إلى إيقاظ المارد الذي أزيلت أسنانه وأبقي في قمقمه من دون أن يخرج فقام المجلس بما يعيد بعض الثقة فيه، وكانت هذه هي النقطة الإيجابية التي تصب في صالح الإصلاحات التي قام بها جلالة الملك بحيث لو نجح المجلس في إعادة حقوق المواطنين (اللتيّا واللتي) من خلال نجاحه في هذه القضية لأخرج الأعضاء من الحرج الذي هم واقعون فيه ولأوقف الشماتة فيهم من قبل الجمعيات التي عارضت المشاركة في الانتخابات أو الترشح، على اعتبار ان ذلك لن يخدم المواطن بقدر ما يحسب عليه أنه موافق على هذه الديمقراطية، فهل من صالح القيادة الجديدة برئاسة جلالة الملك أن تفشل التجربة ليندم الذين شاركوا في الانتخابات ما قد يدفعهم إلى فقدان ثقتهم في الدستور الجديد والأعضاء معا.
لا اعتقد أن المناورة ومحاولة التلاعب والبحث عن وسائل ملتوية لإقناع المواطن بمزيد من الصبر، فأي شعب صبر مثلما صبر الإنسان البحريني وتحمل إيقاف العمل بدستور تم الاتفاق عليه بينه وبين قيادته في 1973 الذي لم يستمر أكثر من سنتين، وظل بعد وقف الدستور يحاول المطالبة بشكل سلمي وبأسلوب حضاري إلى أن «بلغ السيل الزبى» كما يقولون، ودفع الثمن من أجل استعادة دستوره.
صحيح أن قانون أمن الدولة تمكن من قمع أصحاب هذه المطالب بالسجون والمعتقلات وتعذيب سجناء الرأي حتى الاستشهاد لكنه لم ينهها، وأعتقد أن جلالة الملك نفسه لن يرضى بعودة الوضع إلى سابق عهده، وليس من مصلحة البلاد العودة إلى الوراء من أجل أن يستبيح بعض المتنفذين أموال الشعب ويتم التستر على مصلحة أفراد مقابل فقدان الشعب الثقة في الإصلاح والدستور الجديد. إننا فعلا أمام اختبار صعب من خلال هذه القضية، فلو رجعت البلاد إلى الخلف فإن ذلك ما لا يتمناه المثقفون المعتدلون ولا جلالة الملك نفسه ولا أي محب ومخلص لهذا الوطن
العدد 498 - الجمعة 16 يناير 2004م الموافق 23 ذي القعدة 1424هـ