كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن التعثر والمتعثرين في القطاع الاقتصادي، حتى باتت الكلمة متداولةً بشكل قد يكون له أضرار على الاقتصاد الوطني، لما تعكسه الكلمة من أثر سلبي حقيقي على صورة الاقتصاد البحريني في الخارج، خاصةً الآن في عصر الانترنت والاتصالات، حتى بات من السهل معرفة ما يدور في أي دولة بالعالم بكبسة زر صغيرة!
ومنعاً لهذا الأذى الذي قد يعوق بالفعل صفقات وأعمالاً، ربما لتخوف مستثمر عربي أو أجنبي غير ملمٍ بحقيقة الأوضاع، يجب أن يتوقف الجميع عن الإسراف في استخدام اللفظ وما شابهه من ألفاظ منعاً للضرر.
لكن دعنا نأتي إلى التعريف، مَنْ مِن التجار ينطبق عليه لفظ المتعثر؟ وهل يختلف عن الفاشل إدارياً؟ أو المفلس؟ تجربتي في مركز فاروق المؤيد لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة – الذي بفضل الله أولاً وبفضل راعيه ثانياً ساعد عدداً كبيراً حقاً من المتعثرين – ساعدتني كثيراً في الوقوف على تحديد «عملي» لمن هو المتعثر، وكيف يختلف عن الفاشل إدارياً أو المفلس.
المتعثر هو الشخص الذي يدير عمله بكفاءة وإدارة رفيعة، ثم تستجد ظروف خارجية خارجة عن إرادته تؤثر على هذا العمل، أما الفاشل فهو الذي يتبع أساليب إدارية خاطئة من البداية في عمله، لا تنسجم مع مشروعه، ويتم فيها الخلط بين ما هو خاص وما هو عام، أما المفلس فهو الذي يستمر في هذه الممارسات الإدارية الخاطئة، والخلط الواضح بين الموارد والنفقات حتى ينتهي أو شبه ينتهي رأس المال كلياً.
أمثلة لذلك تاجر يدير شركته أو متجره بشكل متميز جداً على مدى سنوات، ويحقق أرباحاً معقولة تساعده على حياة كريمة، دخل في مشاريع جديدة على اعتبارات معينة تتعلق مثلاً بسعر الكهرباء أو الأغذية أو السولار، وفجأةً ترفع الحكومة الدعم عن هذه السلع ويضطر لتغطية الفترة المتبقية من المشروع وفقاً للعقد المبرم مع العميل بالأسعار الجديدة، فيصيبه التعثر. هذا التاجر أو هذه الحالة من التجارة هي أكثر الفئات استحقاقاً للدعم؛ لأنه بالأصل ناجحٌ في عمله، ولولا الظروف التي طرأت لما تغيّر في نجاحه شيء وما تعثر، وهذه الفئة مساعدتها واجبة على الجميع؛ لأنها بعد المساعدة ستستقيم مرةً أخرى، وتقف على قدميها وتواصل عملها الإيجابي.
الفئة الثانية هي الفاشلة إدارياً، ويندرج تحتها نماذج كثيرة، منها من بدأ في الخلط بين مصروفاته الخاصة وحسابات شركاته، دون تحديد لراتب شهري معين لنفسه، بصفته مديراً، فينفق بكثافة كبيرة تفوق قدرة مشروعه أو الأرباح المتحققة منه، وربما تفوق دخل المشروع بالكامل، فيحمّل المشروع ولو كان ناجحاً، أعباءً فوق قدرته فيسقط، ومنها من أتى بعمالة زائدة عن احتياجاته تحت مسميات مختلفة وربما لمجاملات أو «كشخة» لا محل لها من الإعراب في العمل. ومنها من كرّر مشروعاً وجده ناجحاً في مكان معين بظروف معينة، فكرّر نفس الفكرة دون مراعاة للمكان والزمان المناسبين، والظروف المحيطة بالمشروع، ففشلت نتيجةً للتكرار غير المدروس. ومنها من ليس لديه نظام محاسبي سليم أو تسويقي، ومنها نماذج كثيرة ومتنوعة لمثل هذه الأخطاء الناتجة عن عدم الدراسة والتقصي والتخطيط.
جميع هذه الحالات يرجى علاجها، وتأتي في المرتبة الثانية للمساعدة، ولكن بشروط صارمة وهي التخلص التام من العيوب التي أدت إلى الفشل الإداري، وهذا ليس متعثراً ولكنه «فاشل إدارياً»، وبناء عليه يجب توجيهه أولاً للتخلص من عيوبه في الإدارة، سواءً عن طريق الفصل التام بين أموال المشروع، وأموال صاحب المشروع، بحيث يخصّص لنفسه مبلغاً محدّداً فقط لا يزيد عليه، أو من خلال تقليل النفقات، وخفض عدد العمالة، أو المديرين أو غيرها من حلول وفق كل حالة، إذا استجاب «الفاشل إدارياً» سيكون بعدها متعثراً يستحق الدعم أو المعونة.
أما «المفلس» فهو شخص من وجهة نظري لا يستحق الدعم ولا المعونة إلا بعد أن يتم مساعدة جميع الحالات الأخرى، لأن الرجاء من مثل هذا النوع شبه معدوم، فقد وصل به الحال إلى فقدان رأسماله بالكامل خطوةً خطوة، نتيجة للإصرار على أخطاء بعينها، وهذا من الصعب تقويمه ناهيك عن «تنجيحه».
أما عن كيفية المساعدة وتقديم الدعم، فسيكون لنا معها حديث قريب إن شاء الله، وخاصة أن هناك لجنة جديدة للمبادرات أنشأتها غرفة التجارة حديثاً، وسيكون لها دور أكيد في المرحلة المقبلة.
إقرأ أيضا لـ "أحمد صباح السلوم"العدد 4978 - السبت 23 أبريل 2016م الموافق 16 رجب 1437هـ
تحياتي لك لكن المفلس في نهايه المطاف هو بحريني ومن حقه ان يحصل على دعم مادي واداري لانعاش تجارته وليس انتقاده لانه فاشل ..فالبحريني يكافح لأجل النجاح
تعريف وتشخيص صحيح لجميع الفئات ولكننا يجب أيضا ان ننتبه للناحيه النفسيه لهؤلاء الاشحاص لان الكثير منهم ممن يبالغون في الانفاق بدون التقيد بجدول زمني صارم او ممن ياخده الغرور او الثقه المفرطه بالنفس .ناحية مهمه اخري وهي تشجيع الافراد المستجدين في هده الاعمال للاستفاده ممه توفره او مايمكن ان توفره الجهات المختصه من نصائح وتوجيهات لتفادي الأخطاء وهدا ليس عيبا . الصبر والمثابره عنصرين مهمين في بداية أي مشروع هدا ما ينصح به كبار المستثمرين ممن بدأوا من الصفر .