سؤالٌ صريحٌ نوجهه للسادة المسئولين، لماذا كل تلك الصعوبات والطلبات الكثيرة لمن يحاول عمل مشروع تجاري صغير؟! وأثناء فتحهم للسجل، وما يتبع من شروط وجزاءات حينما يريدون استيراد المواد للتجارة، ودعوني آخذ مثالاً أدوات التجميل والكريمات (والتي تعتبر بلاد الخليج من أكثر المواد التي تستهلكها في العالم)، والذي قد يكون أحد أسباب غلائها وربما لكثرة الكلفة المخفية، وقبل بيعها، والأمور الروتينة، والتكاليف التي تقلقهم في قدراتهم على النجاح، وخسارة ما قد يستدينونه أو «تحويشة» العمر.
ودعوني أحاول تلخيص شكواهم... أبدأها بالأمور المعنوية الأولية التي تُطلب منهم:
1 - أوراق من بلد المنشأ للمكونات، وبأن تُصَّدق في السفارة (هي خطوه لا نعرف معناها) سوى تطويل العملية.
2 - والأغرب إذا ما تغير الوكيل، فلابد للوكيل الجديد أن يعيد كل الإجراءات السابقة بما فيها أخذ عينة من المنتج لفحصه بالمختبرات البحرينية على رغم عدم تغيير المنُتج أو مكوناته أو الجهة المُصدرة (شيء لا أفهمه) مما يطيل فترات الانتظار، مع الإيجارات وتراكم مصاريف الأرضية التي يدفعها يومياً للجمارك وزيادة العذاب.
3 - أما شروط الأمور المادية: إيجار مخزن إجباري من الدولة (في سترة) لوضع المواد المستوردة حتى لو كان عنده مكان مكيف للتخزين، ويحتسب بالمساحة ما لا يقل عن مئة دينار في الشهر على أقل تقدير.
4 - وضع 300 دينار مقدماً للكهرباء والماء (ربما يتهرب البحريني من السداد ولحماية مستحقات الدولة)!.
5 - لابد من الاستعانة بمخلص خاص لتخليص الأوراق لكثرتها، والحصول على الرخصة (CR) مهما كان حجم الشركة صغيراً وفردياً إلا أنه يرهق الميزانية للبدء، حيث إنه لن يتمكن الفرد من القيام بكل الطلبات الروتينية والمعقدة وحده التي تحتاج الكثير من الجري والمتابعة وراء أشياء وأماكن يصعب الاستدلال عليها، ولا يمكنني تفصيلها في المقالة، سواء من إيجار الشقة أو مراجعة دائرة الحرائق، والصحة، والبلدية، وكل جهة تريد مصاريف، وقد لا تقل النثريات في عمومها عن الألف دينار، عدا سعر المُنتج والذي لا يقل عن الأربعة أو الخمسة آلاف على أقل تقدير، إضافةً للضريبة الجمركية، السابقة الذكر (الضرائب المخفية) على رغم أننا نجد الكثير من الأسماء والتي لا علاقة لها إطلاقاً بالمنتج وعندما نتساءل يقال «عندهم واسطة»... الخ! كمثل محل إفريقي ويبع ثياباً أو محل اسمه يوحي بالورود وهو مكان لبيع الأزياء أو تصفيف الشعر.
هذا وتزداد هذه الشروط وتتعقد في طلبات المطاعم والمأكولات أو الإلكترونيات وغيرها... وتزداد حياتنا غلاءً يوماً بعد يوم للضرائب المخفية هذه، إنه لشيء جيد من وضع القوانين لحماية المستهلكين وأرواحهم من دون المبالغة في البيروقراطية، والأوراق، والرسوم المخفية، قد يتمكن منها التجار الكبار والمحلات القائمة منذ زمن ممن غطت خسائرها؛ ولكنها تصبح تعجيزية للأبناء الجدد على المهنة، ويجب مراعاة دور الشباب في المجتمع الاقتصادي، وتنميتهم، وتسهيل مهماتهم الحياتية ممن يطمحون للقيام بهذه المشاريع الفردية، ومساندتهم كي لا ينتكسوا، واقتصار الوقت كي لا يضطروا لتعويضها بالأسعار المرتفعة للمنتج، ومن ثم تبور بضائعهم مع الخسارة والإحباط في بلادٍ لم تعرف كيف تتبنى أو تقيم أبناءها إلى شاطئ الأمان.
ودعوني أذكر ما قاله لي أحدهم لكم تعبيراً يُضحك ويُبكي في محاولته لفتح محل، إنه شعر من بعض المسئولين أثناء مراجعته، ومن كثرة الطلبات والأوراق، وكأنها عملية مسابقة للإحباط و «التطفيش»، لجرأته لافتتاحه مشروعاً، مُقارنةً بدول الجوار والتي تُسهل على شبابها وتساعدهم وتوفر لهم معظم احتياجاتهم؛ بل وتتابعهم حتى يقفوا على أرجلهم
إن حياتنا أصبحت صعبة وعسيرة جداً في هذه الأيام، على رغم وجود «تمكين» والتي ساعدت البعض، ولكن يبدو أن حدودها اقتصرت على أعداد وعيناتٍ محدودة، فدعونا نيسر الأمور لنساعد أبناءنا للعيش الكريم ومن دون عوزٍ أو إذلال... وكان الله في عون الجميع.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 4971 - السبت 16 أبريل 2016م الموافق 09 رجب 1437هـ
كلام حقيقي ورائع
مقال رائع وحقيقي فالشباب تطلع روحهم الى ان يستحصلون على اي مشروع والكثير يمل او يخسر قبل بدايته للمشروع ويتوقف فالكل يطلب شروط ودون مساعده او حميميه