قدّم "مركز محمد بن راشد للفضاء" ورقة عمل بعنوان "فضاء لسعادة الإنسان وإثراء المعرفة البشرية" خلال "المؤتمر الدولي لحكومات المستقبل" و"خليفة سات" المقام ضمن فعاليات الدورة الرابعة من "معرض دبي الدولي للإنجازات الحكومية" الذي ينظمه برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز التابع للأمانة العامة للمجلس التنفيذي لإمارة دبي برعاية من نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
تناولت ورقة العمل التي قدمها كل من مدير مشروع الإمارات لإستكشاف المريخ عمران شرف في مركز محمد بن راشد للفضاء، ومدير مشروع "خليفة سات" مركز محمد بن راشد للفضاء عامر الصايغ، اهداف وخدمات أبرز مشروعين فضائيين في دولة الامارات والمركز وهما في "مشروع الإمارات لإستكشاف المريخ" وعرضوا أحدث المستجدات التي طالت المشروعين في الأونة الأخيرة.
استهل اللقاء بعرض تقديم عامر الصايغ، إذ تناول أهداف مشروع "خليفة سات" المتمثلة في توطين عمليات تطوير الأنظمة الفضائية واستحداث معايير وأسس تطويرها في الدولة لتكون مرجعا هاما للقطاع، وذلك عبر تصنيع القمر بالكامل في دولة الامارات، مشيراً الى أن "تقنية تطوير الاقمار الصناعية تعتبر أحد أكثر التقنيات تعقيدا وصعوبة".
وأكد الصايغ ان "خليفة سات" رسّخ سيادة حكومة دبي ودولة الإمارات في مجال تطوير الأقمار الصناعية المتقدمة وادرج دولة الامارات ضمن الدول المُطورة للانظمة الفضائية، كما رفع معدل استثمار الدولة في قطاع الفضاء والصناعات المتقدمة. ولفت الصايغ الى ان ""خليفة سات" يعد أفضل قمر صناعي عربي للتصوير بدقة وضوح 0.7 متر، بقيادة إماراتية كاملة في تطوير واستخدام الأنظمة الفضائية، أخذين بعين الإعتبار المعايير والقوانيين الدولية، مضيفاً: "يثبت مشروع "خليفة سات" نجاح دولة الامارات في الدخول في صناعات التقنيات المتقدمة في فترة زمنية قليلة، 10 سنوات، وتأسيسها لمختبرات تقنيات الفضاء الأولى في الدولة بمواصفات عالمية المستوى، وبذلك تكون الدولة فتحت المجال لاستحداث صناعات محلية تقدم خدمات للقطاع محليا واقليميا وعالميا".
وشدد الصايغ على "خليفة سات" نقطة تحول رئيسية في تطوير أنظمة فضائية حديثة تقدم خدمات تنافسية على المستوى العالمي وذلك عبر ابتكارات اماراتية متقدمة مثل استحداث خدمات توفير الصور الفضائية بسهولة وسرعة واضافات لدراسات وتحاليل متخصصة، توسيع قائمة بيانات الدولة من الصور الفضائية مع رفع جودة الصور، كفاءة عالية في أنظمة التصوير والتخزين والتوجيه"، لافتاً الى ان القمر من أصغر الأقمار العالمية التي تقدم صور فضائية بدقة أقل من متر ويحتوي على أكبر كاميرا تم تطويرها في المركز"، وسيتمكن من تغطية معظم امارة دبي خلال مرور واحد بفضل تطوير تقنية تحريك القمر".
وتطرق الصايغ في العرض الى الخطط والمشاريع المتطورة التي اطلقها والمواكبة لإحتياجات دولة الإمارات التي بذلها المركز حتى اضحى مرجعاً رئيسياً لخدمات الأقمار الصناعية، متتوّجاً ذلك بمشروع "خليفة سات" الذي يصنّع بالكامل في المركز بكفاءات اماراتية، بإدارة خبراء في تقنيات البرمجيات والتصوير والأنظمة الميكانيكية والالكترونيات، بالاضافة الى فرق الدعم اللوجستي والجودة وادارة المشاريع، مشيراً الى "توفير المركز لبرامج تدريب وتأهيل متقدمة تخوّل المنضمين الجدد التمكن من علوم وتقنيات الفضاء والانضمام الى فرق العمل خلال 3 إلى 6 أشهر، ما يزيد من الكوادر الإماراتية المتخصصة ويفعّل القطاع".
وختم الصايغ قائلاً: "الكفاءات الإماراتية العاملة في مشروع "خليفة سات" وانجزت حتى اللحظة نسبة 70 في المئة من اجمال المشروع وسيطلق الى الفضاء في العام 2018 على متن متن الصاروخ H-IIA - (اتش 2 إى) من قاعدة "مركز تانيغاشيما للفضاء" في جزيرة تانيغاشيما اليابانية، ليست فقط متمكنة من تقنيات تصنيع وادارة الأقمار الصناعية للإستشعار عن بُعد ومراقبة الأرض وانما ايضاً مشاركة في مشاريع استكشاف الفضاء الخارجي عبر "مشروع الامارات لاستكشاف المريخ" – "مسبار الامل"، إذ ان المهندسين العاملين على المشاريع السابقة و"خليفة سات" هم أيضا اعضاء فاعلين في الإعداد والتنفيذ والإشراف على كل مراحل "مسبار الأمل"".
وفي السياق نفسه، أكد عمران شرف ان "الإمارات العربية المتحدة بنت قطاع فضائي متكامل مثلث الأضلاع مكون من كوادر بشرية وبنية تحتية ومشاريع رائدة، مشيراً الى "ان مشروع مسبار الأمل ينجز بقيادة فريق عمل اماراتي يعتمد أفراده على كل ما اكتسبوه في المشاريع الفضائية السابقة من مهارات وتقنيات ومعلومات ويجتهدون اليوم لإكتساب المعارف ذات الصلة بعلوم استكشاف الفضاء، وهذا ليس بالأمر السهل، إنما الإيمان بتحقيق الهدف للوصول الى المريخ ورفع اسم الإمارات وبث روح الأمل يقوي الإرادة ويحفزنا على بذل الجهود اللازمة لبلوغ الهدف"، معتبراً أن "مشروع الإمارات لإستشكاف المريخ" له أهمية إستراتيجية، إذ يؤسس الى حقبة جديدة في قطاع الفضاء في دولة الإمارات ويعكس استراتيجية الدولة لتحقيق رؤيتها لمستقبل التنمية وبناء اقتصاد تنافسي قائم على المعرفة والإبتكار".
وتطرّق شرف في عرض تقديمي الى أهمية قطاع الفضاء في نمو إقتصادات الدول لافتاً إلى تجارب دول كبرى في هذا الصدد، والإكتشافات التقنية الناتجة عن المشاريع الفضائية وأثارها على النمو الإقتصادي والتقدم العلمي، قائلاً: "اظهرت نتائج البرامج الفضائية للدول الأخرى ان كل إستثمار بدولار واحد في الفضاء مردوده 7 دولار وذلك من خلال الاكتشافات التقنية ومثال على ذلك إختراع البطاريات وألواح الطاقة الشمسة، وغيرها.. وهذه الإكتشافات باتت وطُورت لصناعات يستفيد منها الإنسان في حياته اليومية وساهمت بالوقت عينه في تقدم صناعة الفضاء. وتشير الدراسات ان معدل النموّ المتوقع لصناعة الفضاء العالمية هو 8 في المئة سنوياً، فيما حجم صناعة الفضاء عالمياً 300 مليار دولار".
كما عرض شرف مخطط رحلة "مسبار الأمل"، مؤكداً ان "العمل يسير وفق الجدول الزمني، ووصلنا الى مرحلة ناضجة من التصاميم الأولية، كما دخلنا في تفاصيل الأنظمة الفرعية التي ستنتهي في أواخر العام الحالي، على ان يتم مراجعة التصاميم النهائية في العام 2017 وسيعقب ذلك مرحلة التصنيع والإختبارات، ليطلق المسبار الى الفضاء الخارجي في العام 2020 ويصل الى مدار الكوكب الأحمر بالتزامن مع الإحتفال باليوبيل الذهبي لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة".
وشرح شرف عملية إطلاق المسبار، خصوصاً بعد ان وّقع المركز عقداً مع شركة "ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة المحدودة" لإطلاقه في العام 2020 على متن الصاروخ H-IIA - (اتش 2 إى) من قاعدة الإطلاق التابعة للشركة في اليابان وقال: "سيتم وضع مسبار الأمل في رأس الصاروخ، وتزويد الصاروخ بالوقود ليطلق بعدها الى الفضاء. وتستغرق مرحلة الإطلاق 54 دقيقة، حيث يقوم الصاروخ بإخراج المسبار الى خارج الغلاف الجوي لكوكب الأرض ومن ثم يذهب المسبار منفرداً بإتجاه كوكب المريخ".
وحول إختيار شركة إطلاق، أكد شرف ان فريق الإطلاق في المشروع أجرى دراسة مفصلة للخيارات المتاحة والقرار اتى بعد الإطلاع على مواصفات ونجاحات الصاروخ. وقال: "نحن نعي أهمية المشروع والحد من أي مخاطر هو معيارنا الأول في أي قرار أو خطوة نتخذها. إن مرحلة الإطلاق مرحلة مهمة جداً وحساسة وتستدعي الدقة في القرار لأن فرصة الإطلاق الى كوكب المريخ تأتي فقط مرة كل سنتين. لذا، نظر الفريق الى عدة معايير لتقييم الخيارات المتاحة منها نسبة نجاح الشركة في الإطلاق التي تبلغ 96.7 في المئة. ونظرنا أيضاً الى اداء الصاروخ، لأن اداء الصاروخ ميزة محورية فكلما كان الأداء اعلى زادت نافذة الإطلاق ونكون بالتالي قلّصنا أي مخاطر محتملة، بالإضافة الى إمكانية لإنفصال الصاروخ عن المسبار في مسافة ابعد من مدار الأرض واستخدام وقود أقل ومنحنا قدرة اكبر للوصول الى مدار المريخ".
وحول جهود المركز في تطوير الكوادر البشرية الإماراتية المتخصصة في علوم كوكب المريخ وتنمية قدراتها لإستخراج المعلومات من البيانات التي ستتشارك مع المجتمع العلمي حول العالم، قال شرف: "يستكمل "مركز محمد بن راشد للفضاء" استراتيجية نقل المعرفة في برنامج استراتيجي حول علوم كوكب المريخ والتقنيات المرتبطة بالتعاون مع الشركاء الإستراتيجيين الأكاديمين في الولايات المتحدة الأمريكية، ليتمكن فريق العمل من المهندسيين الإماراتيين تحليل البيانات التي سيرسلها المسبار عقب وصله الى مدار الكوكب الأحمر وارساله البيانات الى المحطة الأرضية في دولة الإمارات، بالإضافة الى تدريب الفريق العلمي في المركز على اسس وتقنيات تحليل البيانات واجراء دراسات وابحاث مرتبطة".
وختم شرف: "مسبار الأمل" هو أول مشروع عربي إسلامي من نوعه لإستكشاف كوكب اخر، وقرار الدولة بمشاركة البيانات مع المجتمع العلمي المهتم بإستكشاف كوكب المريخ يبرز مساهمتها في إغناء المعرفة البشرية، كما يبعث الأمل في الشباب العربي خصوصاً والعالم العربي عموماً ويرّسخ قدرة العالم العربي على إنتاج المعرفة وخدمة البشرية جمعاء".