العدد 4965 - الأحد 10 أبريل 2016م الموافق 03 رجب 1437هـ

كاميرون والعدالة البريطانية!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

تشهد العاصمة البريطانية هذه الأيام مظاهرات كبيرة، بعد فضيحة رئيس وزرائها ديفيد كاميرون المرتبطة بوثائق «بنما»، حيث أقر رئيس الحكومة البريطاني أمس الأوّل السبت (9 إبريل/ نيسان 2016) بأنه أساء التعامل مع تسريبات «وثائق بنما»، بعد يومين على إقراره بأنه امتلك في الماضي أسهماً في شركة أوفشور لوالده الذي توفي العام 2010، وأكد كاميرون أنه سينشر عائداته الضريبية معلناً أنه يتحمل مسئولية الجدل حول شئونه المالية، وقال أمام المنتدى الربيعي للحزب المحافظ في لندن: «لم يكن أسبوعاً جيداً»!

كاميرون تقبّل الفضيحة بشجاعة، والشعب البريطاني جاوبه بمظاهرات صاخبة، إذ إنّ من يحاول اللعب بالنّار تكويه حتّى وان كان اللعب قبل الرئاسة، لكن تصريح كاميرون وإعلان ذمّته المالية لا يُقدّر بثمن، والمظاهرات الصاخبة للتعبير عن الرأي هي الأخرى لا تُقدّر بثمن، فالعدالة البريطانية داخل بريطانيا واضحة ولا شبهة فيها.

ومن الواضح أنّ الشعب البريطاني لم ولا يقبل الفساد، وإن لم يكن لكاميرون يدٌ فيها بشكل كامل، إذ كانت الأسهم ملكاً لوالده المتوفّى في ذلك العام! وعلى رغم هذا كلّه هناك محاسبة ذاتية من قبله، ومحاسبة من قبل الحزب، وأهم من ذلك كلّه محاسبة من قبل الشعب.

عندما يعي الشعب أهمّية المحاسبة سيكون بالمرصاد لكل من يحاول اللف والدوران على القوانين والدساتير والأنظمة، وهناك في بريطانيا لا يوجد أحد أفضل من أحد، ولا يوجد أحد فوق القانون، وإن وُجد لا يعلم بها العالم أو الإعلام، فمتى دخلت حيّز الإعلام تكون قضايا الرأي خطيرة ومؤثّرة في الشارع.

متى سنستطيع يا تُرى محاسبة الفساد والمفسدين في المجتمع العربي؟! دعنا من المجتمع العربي، متى سيستطيع نوّاب الشعب محاسبة المفسدين في وطني؟! متى سترجع أموال النفط إلى خزينة الشعب؟! ومتى سترجع أموال ألبا/ ألكوا إلى خزينة الشعب؟! ومتى ستتم محاسبة كل مسئول سرق من الدولة أو أفسد في إدارته أو وضع مصالحه الشخصية وذاته قبل وطنه؟!

لابد لنا من محاسبة المفسدين، أولئك الذين ذكرهم ديوان الرقابة المالية والإدارية لسنوات كثيرة، ولابد من التغيير، فليس هناك شيء سرمدي؛ لأنّ عدم التغيير يزيد من الفساد، والشواهد كثيرة.

أيضاً طرحنا موضوعاً من قبل، ويا ليت يتم تطبيقه، حرصًا على المصلحة العامّة، موضوع التدوير، تدوير المسئولين في الدولة، وفي الأماكن الحسّاسة بالذّات، تلك التي يستطيع أحدهم بناء شبكة من الفساد فيها، حتّى لا تقوم الأنفس الضعيفة باستغلال المنصب من أجل أغراض أخرى أو من أجل الانتقام من البعض، أو حتّى من أجل السلطة والنفوذ.

لا نشكّك في أحد، لكن هي طبيعة النفس الأمّارة بالسوء، وحتى لا تقع الفأس في الرأس ونقول يا ليت ويا ليت، التدوير والتغيير والمحاسبة تحد من الفساد المالي والإداري، وتزيد من الاستثمار في الوطن، وتجعل الجميع يحاسب نفسه قبل أن تتم محاسبته من القيادة العليا. ننتظر هذه الأمور على أحرّ من الجمر طبعاً.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 4965 - الأحد 10 أبريل 2016م الموافق 03 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 8:47 ص

      الحقيقة ذلك المجهول!!
      ما دامت الحقيقة مجهولة فليس بغريب اليوم أن يكون رئساء يعض أو معضم الحكومات في بعض الدول الغربيه لا تعمل إلّا بالسمسمرة أو بالكميشن أو ما يطلق عليه أحياناً دهان سير. فلا يمكن أن يصدق البعض ويكذب البعض الآخر.وهل الحقيقة تثبت أو / أم تشترى في السوق الحره أو في التجارة الحرة بلا حدود أدب. فالقيادة فن وأخلاق وأدب وإحترام لا إحتراف السرقة من تحت الطاولات. اليس كذلك أن شغل الإنجليز في البلقان وفي جزر الدار وفي أم الصبان وأم النعسان كان ولا يزال ماشي الحال.

    • زائر 6 | 12:10 ص

      ديمقراطية بريطانيا وأمريكا وفرنسا يرون انها ملك لهم ولا يمكن اعطائها لأي شعب آخر.
      بالأمس كان كيري هنا ويخطئ المعارضة لأنها لم تدخل في برلمان مسلوب الصلاحيات مقطوع الاجنحة كيري نفسه يستحيل ان يقبل بمثله في بلده لكنه يطالب به هنا لهذا الشعب .
      أيضا بريطانيا تعطي شعبها حقوقه السياسية والانسانية وتدافع عنه لكنها لا تقبل ان تقف يوما مدافعة عن شعب آخر ليحصل على نصف ما لدى شعبها

    • زائر 5 | 12:06 ص

      فرق بين حكومة متحرّكة تأتي اليوم بأصوات الشعب وطلبه ثم تذهب حين ترى انها اخفقت في تحقيق حلم الشعب ......................

    • زائر 4 | 11:52 م

      قال الشهيد عمر المختار للمستعمر الايطالي : إني أرى حبل عدالتكم يتدلّى أمامي على الدوام ، هكذا هو حال الدول الاستعمارية لا تختلف بريطانيا عن غيرها.
      واعتقد ان فيلم غاندي يعطي بعض الحقيقة عن بريطانيا

    • زائر 3 | 11:48 م

      العدالة البريطانية تشهد عليها شعوب كل أرض وطأها الاستعمار البريطاني وكل شبر من وطن اداره البريطانيون له أنين وشكوى لربّ العالمين الذي لا زالت أناته وصبره نافذ على هذه البلد التي اذاقت الشعوب الويلات

اقرأ ايضاً