يحدث أن تقف مشدوهاً أمام اهتمام أحدهم بك. أن تتساءل في قرارة نفسك عن سبب هذا الاهتمام الذي لابد وأنه يشكّل عبئاً إضافياً على معطيه، حتى وإن كان لا يشعر به، وتحمد الله كثيراً؛ لأن الله جعل في قلب هذا أو ذاك مقداراً من حب الآخرين ما يجعله مهتماً بهم وبتفاصيل حياتهم.
بعض الاهتمام يأتي حانياً مطوّقاً روحك بكثير من الفرح وكثير من الاطمئنان، تشعر معه أنك لابد وأن تكون سعيداً وقادراً على منح الآخرين حباً يوازي ما يعطى إليك وأكثر. بعضه منحةٌ تصهر نتائج أي محنة حتى لا تغدو موجودة؛ فالإنسان كائن اجتماعي كلما وجد الآخرين حوله، شعر بأنه محفوف بالمحبة وأن للحياة معنى جميلاً يجب أن يعاش.
بعض الاهتمام يأتي من الأقرباء: أزواجاً، آباءً، أخوةً أو أصدقاء. بعضه يجيء على هيئة صدفة، فيحيل مانحه جزءاً مهماً في حياتنا، حتى نشعر وكأنها باتت ناقصة حين يغيب ولو قليلاً. وعلى رغم كل ذاك إلا أن الاهتمام الزائد بالحبيب أياً كانت صفته، يجعل بعض الأشخاص يملون منه، حيث يشعرهم وكأنهم أسرى أو أن حريتهم مقيدة بشكل أو بآخر، ولهذا لابد من الانتباه والتفريق بين الاهتمام والمحاصرة، وبين الحب والأسر.
مشكلات كثيرة تقع بين الأحبة كلما شعر أحدهم أن الآخر مشغول عنه، يبخل عليه بالسؤال والاهتمام بما يحب أو ينجز أو يقدم، وكثيراً ما نسمع شكاوى بشأن هذا الموضوع، كانت نواة إلى انفصال بين زوجين، أو قطيعة بين صديقين، أو بون بين أخوين. حين تشعر أنك مهتم بتفاصيل أحدهم لدرجة أنك تعرف عنه كل خطواته، فيما لا يكلف نفسه حتى عناء سؤالك عن الأمور المفصلية في حياتك، لابد وأنك ستشعر بالخذلان، خصوصاً حين يتكرّر الأمر كثيراً، بعد أن توجد له الكثير من الأعذار في كل مرة، وفي كل جرح وفي كل إحباط. فالاهتمام يُمنح ولا يُطلب، ومتى ما طلب بات خالياً من نكهته، لا معنى له، لأنه غير نابع من الاقتناع بأهمية من طلب وجدوى الاهتمام به، وتأثير ذلك على روحه وقلبه وبالتالي على إنجازه وحياته.
لا يعني ذلك أن ننتظر أن يهتم بنا أحدهم كي ننجز وننجح ونحقق طموحاتنا؛ فكلما اعتمدنا على أنفسنا في تحقيق كل نجاحاتنا كلما كانت فرحتنا بها أكثر، ولكن وجود من يهتم بنا في دائرتنا يجعلنا بلا شك قادرين على العطاء والإنجاز أكثر، لأننا نتجه للحياة بقلب مشرّع للحب والأمل والسعادة.
ولا يعني أن ننتظر الاهتمام من هذا أو ذاك، كي نحبهم ونهتم بأمورهم، ولكن لابد وأن أمراً مهماً كهذا –خصوصاً بالنسبة للنساء لاختلاف طبيعتهن الفسيولوجية عن الرجل- سيحدث فارقاً لو أنه وجد أو فقد في الحياة اليومية وفي العلاقات الإنسانية.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4961 - الأربعاء 06 أبريل 2016م الموافق 28 جمادى الآخرة 1437هـ
تلك كتابة لابد أن تُحبها.
انا من المعجبين بالمقلات المكتوبه للاستاذه سوسن دهنيم ودائما انتظرها بفارغ الصبر عند نشرها في قسم الاعمده وهي تمس الواقع وجميله وتتميز بوضوح الفكرة والمضمون ولا تصيب القراء بالملل.
جميل
لغة جميلة ومعنى اجمل
سلم الله قلمك وحفظك الله
الاهتمام يمنح ولا يعطي ، واذا اجبرت شخصاً ان يتصل وان يهتم فيك وسيفعل فقط من اجل إرضاءك فلا يكون له طعم ولا لون .
انا
احب كتاباتش واتمنی يجي اليوم الي التقي وياش استاذه ....