مع الدعوات للترشيد تبدو الدعوة إلى الحد من هدر الطعام الفائض من الموائد واجبة.. فلم يعد من المقبول على كل المستويات إقامة مأدبة طعام يتبقى نصفها لحاويات البلدية! المال والجهد وشكر النعمة كلها مفردات تضيع مع أول إزاحة لأشكال وألوان مما لذ وطاب ضمن النفايات المنزلية، بينما تجد آخرين يتناولون ما يروق لهم بحساب ولا يتبقى من أوعيتهم إلا النذر القليل، وإن تبقى يحفظ ليستفاد منه آجلاً، وفق ما نقلت صحيفة "القبس" الكويتية اليوم الإثنين (21 مارس/ آذار 2016). ً
تقول الإحصاءات الصادرة عن إدارة شئون البيئة ببلدية الكويت لعام 2015 إن حجم النفايات المنزلية وحدها نحو مليون و528 طناً سنوياًَ، ليكون إنتاج الفرد نحو 364 كغ سنوياً، بمعدل كيلوغرام واحد نفايات يومياً للفرد الواحد، فيما تشكّل النفايات العضوية، أي مخلفات الغذاء والطعام، %45 من النفايات المنزلية، أي نحو نصف كيلوغرام من الطعام نصيب الفرد يومياً في صناديق القمامة.
يؤكد رجب محمود الذي يعمل في إحدى شركات التجهيزات الغذائية أن أغلبية الحفلات والعزائم يتم تجهيزها بكميات كبيرة تتنوع بين الأصناف الرئيسية والسلطات والمقبلات والحلويات،وكم الطعام ونوعه يتوقفان على البوفيه المراد تقديمه ما بين 3 أو 4 أو 5 نجوم، مشيراً إلى أن معظم الراغبين في حجز بوفيهات يطلبون طعاماً لعدد أكثر من العدد الفعلي للتباهي بكميات وأنواع الأطعمة المقدّمة، حتى لو كان يعلم أن معظم هذا الطعام مصيره سلة المهملات، لا سيما في حالات الأعراس أو الدعوات المفتوحة كحفلات عشاء الانتخابات أو غيرها من المناسبات، ما تترتب عليه زيادة كبيرة في فوائض الطعام.
حفظ النعمة
ويحكي حسين الفضلي عن حادثة وقعت له شخصياً، فيقول: كنت في زيارة إلى أحد الأصدقاء الذين يدرسون في الولايات المتحدة، وقام بدعوتي على الغداء في أحد المطاعم كعاداتنا في الترحيب، فطلب لنا من قائمة الطعام أنواعاً مختلفة من المقبلات والأطباق الرئيسية بكرم معتاد من أهل ديرتنا، وبعد انتهائنا طلبنا الحساب ودفعنا الفاتورة وعند مغادرتنا، إذ بسيدة مسنة تستوقفنا وعلى وجهها علامات غضب شديد، مشيرة بيدها إلى ما تبقى منا من طعام على المائدة، وقد لامتنا لوماً شديداً على طلب هذا الكم الذي تبقى نصفه، فقال لها صديقي لقد دفعنا ثمن هذا الطعام، فزاد غضبها وقالت هذا لا يعطيك الحق في طلب أكثر حاجتك وإلقائها في النفايات، فغيرك يستفيد منه وسيدفع ثمنه أيضاً، وكان هذا درساً لن أنساه في كيفية التعامل مع النعمة التي يقدرها غيرنا أكثر منا.
ويضيف محمد عطالله: معظم الناس يشترون ما يزيد على حاجاتهم، ولا ينظرون إلى من هم أقل منهم مادياً، والحل في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «ما آمن بي من بات شبعانا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به»، مؤكداً أن عدم الإحساس بالمسؤولية السبب الرئيسي في هدر النعمة، فلو ذاق المستهترون بنعم الله مرارة الجوع، فسيدركون المعنى الحقيقي للحياة، أعتقد أن الجيل الحالي ولد وفي فمه ملعقة من ذهب، فكيف نريد منهم أن يحسوا بمعاناة الآخرين.
عيار البطن
بدوره، أرجع وليد الخالدي سبب إهدار الطعام إلى أن الاغلبية العظمى من الناس لا يعرفون عيار بطونهم، يقول: هذه مقولة قديمة جداً كنت دائما أسمعها من والدي، نجد الكثيرين في الحفلات والبوفيهات المفتوحة «يترسون» أطباقهم بالطعام، ثم يتركون أغلبه لسلة المهملات، لافتاً الى أن هؤلاء «يأكلون بعينهم»، لذا المسألة مرتبطة بسلوك الانسان، والغريب إذا نصحتهم تمادوا في إسرافهم، مشيراً إلى أن العالم صار منقسماً إلى فئتين: أناس يموتون من التخمة وأناس يموتون من الجوع!
الحفلات والعزائم
من جهتها، قالت أم عبدالله عند التدقيق في هذه الظاهرة نجد أن النسبة العظمى من الاهدار ناتج عن الحفلات والعزائم الموجودة في كل المجتمعات بنسب متفاوتة ومن طبقه إلى آخرى داخل المجتمع، وحسب ثقافة المجتمع، والقوه الشرائية والاستهلاكية، وشراهة الشراء خصوصاً بعض النساء أثناء تسوقهن نتيجة ما أحدثته الحياة العصرية من تبدل في السلوكيات الغذائية وبشكل خاص زيادة الولائم وانتشار مطاعم الوجبات السريعة، مؤكدة أن كل ذلك من العوامل التي أدت إلى ارتفاع معدلات الهدر في الاستهلاك الغذائي.
البلدية
من ناحيته، كشف رئيس قسم ردم النفاية في البلدية م. بشار حاجية أن %45 من إجمالي النفايات المنزلية تعد نفايات عضوية (أطعمة) بحسب آخر إحصائية لإدارة شؤون البيئة بالبلدية، مشيراً إلى انه يتم التخلص من هذه النفايات عن طريق الردم بعد فشل تجربة تحويلها إلى سماد بسبب ارتفاع التكلفة عن الأسعار الحالية للأسمدة، بالإضافة إلى قلة الرقعة الزراعية التي تستوعب كل هذه الكمية.
ولفت إلى أن جمع النفايات بوجه عام يكلف الدولة حوالي 50 مليون دينار سنوياً، فيما تكلف عمليات الردم حوالي نصف مليون دينار فقط، مشيراً إلى أن معدل النفايات في البلاد ضمن المعدل الطبيعي مقارنة بعدد السكان حيث ينتج الفرد حوالي 1.5 كغ يومياً، بينما يبلغ معدل إنتاج الفرد في دولة قطر حوالي 4 كغ يومياً، وفي الامارات حوالي 5 كغ يومياً، نظراً لزيادة المرافق والمصانع والأسواق التجارية.
وأكد أن انتاج النفايات يتوقف على مستوى رفاه الدولة وعدد السكان، مشيرا إلى معدل زيادة النفايات في البلاد ثابت بنسبة %5 سنوياً طرداً مع الزيادة السكانية، حيث يختلف انتاج المحافظات حسب الكثافة السكانية، وتحتل محافظتا حولي والفروانية الصدارة في غنتاج النفايات.
الشريعة
ارجع مدير مركز الواحة للدراسات الشرعية الداعية الإسلامي علي الفاضل السبب في الإسراف إلى عادات المجتمعات العربية التي تخلط بين الكرم والإسراف الذي يعني مجاوزة الحد، مشيرا إلى ان الله عز وجل صريح في هذه المسألة بقولة في كتابة الكريم «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين»، فالإسراف من الأشياء التي يبغضها الله سبحانه وتعالى بنص القرآن، لافتا إلى التباهي بالكرم عدم الإحساس بقيمة النعمة يرجع إلى ان بعضنا لم يمر من قبل بحالات جوع او حاجة الى الطعام لذلك لا يدرك قيمة ما يهدر.
وتابع قائلا «ان الرسول عندما مر بسعد ابن ابي وقاص عندما كان يتوضأ قال له ما هذا الإسراف يا سعد فقال له او فالماء سرف يا رسول الله، فقال له نعم وان كنت على نهر جار»، مشيرا إلى ان حق النعمة علينا الشكر ويكون الشكر بالمحافظة عليها.. والمحافظة عليها بعدم الإسراف.
وذكر ان الشعور بقيمة النعمة يدفع إلى ضرورة الاقتصاد في التعامل معها فالمجتمعات الأخرى وان كانت غنية لديها هذا الشعور بالمسؤولية تجاه النعمة، مشيرا إلى ان الكثيرين يظنون ان الإسراف هو جزء من إظهار النعمة، هذا خطأ، لان إظهار النعمة يكون بالاقتصاد فيها وعدم التباهي بها أمام الآخرين.
واكد انه ما بين طرفة عين وانتباهتها يبدل الله ما بين حال وحال، وكم من دول غنية في السابق تبدل بها الحال فقبل 100 عام كانت الصومال تتداعى لإرسال معونات غذائية لأهل الجزيرة ايام القحط والمجاعة والآن ننظر كيف انقلب الحال، فالإنسان لا يأمن مكر الله. مطالباً أئمة المساجد والخطباء بالمزيد من التوعية والتذكير بأهمية تعديل هذه السلوكيات بما يتناسب مع قيمنا الإسلامية والعربية الصحيحة.
علم النفس: الفراغ والرفاهية وراء الهدر
أكد الاستشاري النفسي والاجتماعي د.حسن الموسوي ان الإسراف بوجه عام سمة سائدة في المجتمع الكويتي بسبب الفراغ والرفاهية والوفرة المالية التي تدفع الكثيرين إلى شراء الطعام او غيره بشكل مفرط.
ولفت إلى أن المرأة أكثر إسرافاً من الرجل، باعتبارها المسؤولة عن المطبخ في الأسرة وتسعى لتوفير الكثير من الطعام لإشباع أسرتها لو بعمل طعام اكثر من اللازم حتى لا تحرم أولادها وان كانت هي نفسها اقل استهلاكا من غيرها من أفراد الأسرة. وبين الموسوي، ان إقبال البعض على «ترس» أطباقهم بالطعام في العزائم والأفراح يرجع إلى فقدان الاتزان الذي يسبب نوعاً من الهوس تجاه الأكل والخوف من نفاده، مشيراً إلى التنشئة الاجتماعية لها دور كبير بهذا الخصوص.
وأشار إلى ان البعض ينهم في الشراء ليزداد شعوره بالأمان نتيجة توفير احتياجاته لفترة أطول، لافتا إلىان هؤلاء يقعون فريسة للعروض التي تطلقها الأسواق والجمعيات من وقت إلى آخر والتي تدفعهم إلى الشراء بكميات كبيرة للاستفادة منها حتى لو كانوا ليسوا في حاجة اليها، مشددا على ضرورة تحكيم العقل في عملية التقييم والشراء. فالغالبية عندما يعودون إلى المنزل يفاجأون بشراء كميات كبيرة ليسوا في حاجة اليها.. مشددا على ضرورة تغيير هذه الثقافات ونشر التوعية من خلال المدارس والمساجد ووسائل الإعلام.
علم الاجتماع: فتِّش عن الثقافة السائدة وليس الرفاه!
قال أستاذ علم الاجتماع يوسف غلوم إن ظاهرة هدر الطعام لا ترتبط بمدى رفاه المجتمعات ماديا بل بالثقافة المنتشرة فيها، مشيرا إلى أن اغلب الدول الغربية الغنية اقل منا هدرا للطعام، لذلك يتم جمع النفايات المنزلية مرة واحدة كل أسبوع على عكس مجتمعاتنا، حيث نجد صناديق المهملات ممتلئة يوميا بل وتفيض في الشوارع.
وارجع ذلك إلى السلوك السلبي للاستهلاك، والمتعلق أحيانا بالعادات والتقاليد، خصوصا في حفلات الزواج والمناسبات التي تشهد تقديم أطعمة ومشروبات تزيد بشكل ملحوظ عن حاجة الحضور، لافتا إلى أن أعلى صور الهدر الغذائي في مجتمعنا مبنية على التباهي لاسيما في الولائم والحفلات وغيرها من المناسبات الاجتماعية والدينية والتي قد تظهر أضرارها على المدى البعيد نتيجة زيادة الاستهلاك وانخفاض الادخار على المستوى الوطني، بالإضافة إلى زيادة المخلفات والتلوث البيئي بكل أشكاله، مما يزيد الأعباء على الدولة.
واكد ان مشكلة المجتمعات الخليجية بصفة عامة والمجتمع الكويتي بصفة خاصة عدم وضع أي معايير للاستهلاك بسبب توافر المادة، مشددا على أهمية إقناع الأفراد بضرورة فرض رقابة ذاتية على انفسهم باعتبارها اهم المؤشرات الحضارية في أي مجتمع، مشيرا إلى ان تعلم الترشيد في الطعام سيكون طريقة وأسلوب حياة في جميع الأمور الحياتية الأخرى.
وبين أن هناك فرقاً بين الكرم او الإسراف الذي غالباً ما يكون وراءه التباهي، لافتاً إلى أن هذه العادات حديثة العهد في مجتمعنا وقد ظهرت مع دخول الخير واكتشاف النفط، فتاريخنا العربي مليء بقصص الكروم وليس الإسراف، فالضيف يأكل مما هو متوافر بالبيت أو يستلف من الجيران لإكرامه. وحدد غلوم سبل معالجة الظاهرة من خلال التنشئة الاجتماعية السليمة ومشاركة أجهزة الإعلام ومناهج التربية.
ضدهم
المجمعات التجارية والفنادق كل يوم يرمون بقايا الطعام الزائد الذي لم يتم بيعه بعد عملية الجرد بحجة ان الوزارة لاتقبل بأن يتم بيع الطعام بعد يوم واحد من بقائه ! نعم هذا قانون ولكن اليس من الاجدر ان يتم بيع الطعام المتبقي في نهاية الدوام بنصف او بربع السعر والمتبقي يخزن ويحفظ في مكان ملائم صحيا وتوزيعه على المحتاجين ويقوم بهذا الدور لجنة خيرية تقوم بتوزيع الطعام حتى العمال الاسيوين
يا الله نعمة الله حرام تنقط والغير ممكن يستفاد منه
اطلبوا اكثر من حاجتكم وتفشخروا محد منعكم بس على الاقل الاكل الزايد النظيف حطوه في علب
ياخذونه العمال والمحتاجين
مستحيل اقدر ارمي اكل زايد لو على الاقل احطه للقطط او الدواجن او يستفيد منه الغنم
بس حرام ينقط وغيري بيستفيد منه
نفس العلب البلاستيكية ارجو تجميعها والمساهمة فيها لجمعية المعاقين(الاحتياجات الخاصة) لان يستخدمونهم للكراسي المتحركة