إعلان ديوان الخدمة المدنية الذي نشر حديثًا في الصحافة المحلية، عن عدم وجود كفاءات بحرينية في تخصصات تعليمية مثل الرياضيات واللغة الإنجليزية والمواد الصناعية، يثير الدهشة والكثير من التساؤلات ويبرز علامات استفهام كبيرة.
إذا كان ما قيل صحيحًا، ولم تكن تلك التخصصات موجودة في طابور العاطلين القابعين في بيوتهم، فأية جهة رسمية في البلاد تتحمل المسئولية كاملة عن هذا الوضع غير الطبيعي؟ أليس وزارة التربية والتعليم عليها أن توفر كل المتطلبات والإجراءات التي تضمن وجود كل التخصصات التعليمية والمهنية وغيرها من التخصصات العلمية والطبية والهندسية والحقوقية والقانونية والرياضية والفنية وغيرها من التخصصات الضرورية؟ أليس وزارة التربية والتعليم تتحمل كامل المسئولية عن كل نقص في أي تخصص في البلاد؟ ليست هناك مبررات منطقية وعقلانية ممكن قبولها من الوزارة في هذه المسألة الحساسة، وخصوصًا أن التعليم في البحرين في العام 2016 قد وصل عمره إلى 97 عاماً، ومازالت الوزارة تشكو من عدم وجود كفاءات بحرينية في بعض التخصصات التي ذكرتها في الصحف المحلية، هذا الحال غير السليم في المنظور التربوي يعتبر كبيرة جدًّا في حق التعليم في البحرين، شاءت الوزارة أم لم تشأ، أين خططك الاستراتيجية يا وزارة التربية والتعليم في هذا المجال؟ أليس ما يحدث في التعليم مخالفاً للقانون؟ أليست المادة الأولى من الاقتراح بقانون تؤكد الآتي:
1 - لا يجوز أن يكون شغل الوظفية لغير البحرينيين أطول من الفترة اللازمة لتأهيل مواطن بحريني لشغلها على النحو الذي تنظمه اللائحة التنفيذية.
لو سألنا وزارة التربية والتعليم كم عدد الموظفين غير البحرينيين الذين مر على تعاقدهم عشرات السنين؟ فهناك من غير البحرينيين يعملون في مختلف التخصصات سنوات طويلة، والوزارة لا تستطيع إنكار هذه المسألة الحساسة، أليس وجود هذا العدد الكبير من غير البحرينيين كل هذه السنين يدل على عدم تنفيذ الوزارة القانون الذي يلزمها قانونيا بتأهيل البحرينيين لشغل مختلف الوظائف التعليمية؟
2 - لا يجوز أن يشغل غير البحرينيين الوظائف التي تتطلب مؤهلا أكاديميا أدنى من البكالوريوس، إذا تقدم للوظيفية من يحمل المؤهل الأكاديمي المطلوب من البحرينيين.
ما نسبة تطبيق الوزارة لهذا البند القانوني؟ حال التوظيف في الوزارة ليس خافيا على المتابعين للشأن التعليمي.
3 - تتكفل كل جهة حكومية خاضعة لأحكام هذا القانون بتأهيل موظفيها بابتعاثهم للجامعات والمعاهد في الداخل إن وجدت أو الخارج وذلك لكل وظيفة لا يتوافر بحرينيون لشغلها لعدم وجود التخصص خلال مدة لا تتجاوز سنة من صدور هذا القانون.
بالتأكيد لو أخذت وزارة التربية والتعليم بالمبدأين، المواطنة المتساوية وتكافؤ الفرص في التعيينات والتوظيف، لوجدت أعداداً ليست بالقليلة من المعلمين وحراس أمن المدارس ممن يمتلكون مؤهلات جامعية تصل إلى الماجستير والدكتوراه، مازالوا يراوحون في مكانهم وظيفيا ومهنيا، لإعتبارات غير قانونية تعلمها هي قبل غيرها، فلو طبق هذا البند من القانون بوزارة التربية والتعليم بكل شفافية، لما حدثت لديها أية نواقص في كل التخصصات التعليمية والمهنية.
المطلعون على قرارات وإجراءات وممارسات وزارة التربية والتعليم في التعيينات والتوظيف والترقيات والبعثات الدراسية في السنوات الخمس الأخيرة يجدون جلها تنفذ بعيدا عن القانون، ولهذا لم تتمكن من تحقيق طموحات الوطن في كل التخصصات على رغم الإنفاق الكبير على التعليم، ما يظهر للرأي العام من تصريحات الوزارة عن النواقص في بعض التخصصات التعليمية والمهنية، بأن هناك أزمة كبيرة في إدارة التعليم في البلاد، وهذه الأزمة جعلتها تتخبط في قراراتها وإجراءاتها وممارساتها وعدم الأخذ في سد النواقص بالمبدأين، المواطنة المتساوية وتكافؤ الفرص، ولم تطبق الشفافية في عملها، ولم تشارك الجهات والمؤسسات التي لها علاقة مباشرة بعمليتي التعليم والتعلم في البلاد، لوضع الخطط الاستراتيجية التي تتواءم مع متطلبات سوق العمل.
في دول العالم التي تقدس العلم وتقدر أهله، تعطي للتعليم اهتماما كبيرا، وتضعه دائما في مقدمة أولوياتها الوطنية، لما له من تأثيرات مباشرة على كل المجالات، فلهذا تراهم يخصصون فريقا، يكون شغله الشاغل تقييم أداء إدارة التعليم بصورة مستمرة، فلهذا نجدها تعالج سريعا كل الثغرات ومواطن الضعف قبل أن ينعكسا سلبا على القطاعين العام والخاص في البلاد، فلو بدأت الوزارة قبل خمس سنوات في إيجاد كوادر متخصصة في الرياضيات واللغة الإنجليزية وبعض المواد الصناعية لما وصلت إلى هذا الحال المأساوي، الذي تعلن فيه عدم وجود كفاءات بحرينية في بعض التخصصات التعليمية، نأمل للتعليم في بلدنا ان يأخذ طريقه في التطور الشامل في الأداء والنتائج، المبني على الأسس العلمية الحقيقية.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 4940 - الأربعاء 16 مارس 2016م الموافق 07 جمادى الآخرة 1437هـ
حسبنا الله ونعم الوكيل
الاستاد الفاضل سلمان سالم متقاعد من التدريس وأهل مكه ادرا بشعابها