مع أن قرار حكومة السويد الأخير، بطرد أعداد هائلة من المهاجرين واللاجئين، الذين وصلوا البلاد حديثًا، ضمن موجة الهجرة واللجوء الموسعة، التي شهدتها أوروبا في العام 2015 بذريعة مخالفة قوانين اللجوء وعدم توافر الشروط المطلوبة، قد أغضب الكثير من القوى والمنظمات الحقوقية الوطنية والأوروبية والدولية، فإن جميع الأحزاب اليمينية المتشددة والمتطرفة في البلاد، وعلى مستوى دول الاتحاد الأوروبي، رحبت برغبة الحكومة السويدية، في التمسك بالاجراءات المشددة جدًّا على الحدود، وقرارات الطرد، وتنفيذ المزيد من السياسات الحازمة والصارمة ضد المهاجرين واللاجئين.
وفي الوقت الذي بلغت فيه حملات التضامن الوطنية السويدية والدولية، ذروتها مع اللاجئين الفارين من جحيم الحروب والاضطرابات ومآسي الطبيعة والحياة المعيشية الصعبة في أوطانهم الأصلية، وعدم تعرضهم للترحيل القسري، الذي قد يعرض حياة بعضهم للمخاطر، أعلن وزير الداخلية السويدي، أنديرس إيجمان، أن بلاده، أصبحت مضطرة إلى طرد قرابة 80 ألف لاجىء وصلوا السويد خلال العام 2015، وتم رفض طلبات اللجوء، التي تقدموا بها.
وقال، أندرياس ايجمان، للصحافيين، إن الحكومة السويدية، أعطت الأوامر لأجهزة الأمن ومكاتب الهجرة، لتنظيم عمليات طرد جميع اللاجئين والمهاجرين المرفوضة طلباتهم، وإن «الأمر على ما يبدو سيكون صعبًا ومعقدًا، وأنه ربما يستغرق سنوات طويلة من الزمن».
وبحسب تصريحات، ستيفان لوفين، رئيس الوزراء السويدي، لوسائل الاعلام الوطنية والأوروبية، فإن السويد استقبلت في خلال الفترة الأخيرة، أعداداً هائلة من اللاجئين، وتحملت نصيبًا وافرًا من المسئولية، وأنها اليوم مع هذه الزيادة المضاعفة والمحزنة للاجئين، لا يمكن الاستمرار في التعامل بالسياسة السابقة نفسها لاستقبال جحافل المهاجرين واللاجئين.
وبالمثل تعاملت، النمسا مع المهاجرين واللاجئين المرفوضة طلبات لجوئهم في البلاد، حيث أعلنت الحكومة النمساوية حديثًا، وعلى لسان وزيرة الداخلية يوهانا باكل لايتنر، أنها ماضية في تدابير ترحيل اللاجئين والمهاجرين، وبشكل مطرد، وأن الحكومة مصرة على ترحيل قرابة 50 ألف لاجىء إلى أوطانهم الأصلية بحلول العام 2019 وتسليم المجرمين والمخالفين للقوانين، موضحة أن النمسا قد رحلت خلال العام الماضي أكثر من 8366 لاجئًا إلى الدول المجاورة، أو إلى أوطانهم الأصلية.
وكذلك خطت الحكومة الألمانية بالطريقة نفسها، حيث صرح الوزير المنسق لشئون اللاجئين في الحكومة الالمانية، بيتر ألتماير، لصحيفة «بيلد أم زونتاغ» في (31 يناير/كانون الثاني 2016) بأن ألمانيا الاتحادية تعتزم ترحيل اللاجئين كافة المدانين في جرائم متنوعة، إلى أوطانهم الأصلية، وفي حال تعذر ذلك فإن الحكومة ستقوم بترحيلهم بشتى الوسائل إلى بلدان العبور، التي وفدوا منها إلى ألمانيا، وأن برلين تفاوض الآن عواصم هذه البلدان، من أجل اقناعها باستقبال اللاجئين المدانيين بجرائم في ألمانيا، مشددا على أن جميع «اللاجئين الذين ليس لهم حق البقاء في البلاد، عليهم مغادرتها في الأوقات المناسبة، قبل أن تتخذ السلطات بحقهم جميع الأجراءات الضرورية واللازمة».
وكانت الدنمارك، قد رحلت في سنوات سابقة وخلال الفترة الأخيرة، عددًا من المهاجرين واللاجئين، إلى بلدان أوروبية مجاورة، مثل السويد وألمانيا وبلجيكا، إما بسبب عدم توافر شروط اللجوء، أو لأسباب أخرى متعلقة بارتكاب جرائم خطيرة.
وبذلك تكون أحلام اللاجئين والمهاجرين بـ «الجنة الموعودة» في الغرب، والحصول على «الملاذات الآمنة» في ظلالها، قد تبخرت، أوعلى الأقل تكون قد تحطمت على أرض الواقع، بعد أن عكفت بلدان اللجوء والهجرة الرئيسية، التي ظلت تدعي طوال العقود الماضية حماية المضطهدين والمسحوقين، والفارين من جحيم الحروب والكوارث الطبيعية القاتلة، على فرض الإجراءات الصارمة والموجعة، ضد المهاجرين واللاجئين، تحت مسوغات وذرائع وحجج واهية.
إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"العدد 4940 - الأربعاء 16 مارس 2016م الموافق 07 جمادى الآخرة 1437هـ
مساكين هؤلاء اللاجئين حتى مصيرهم تتلاعب به هيئة الامم والحكومات ولا ينتظرون غير رحمة الله في اوضاعهم