لا أعتقد أن الأوضاع التي تمر بها المنطقة والبحرين تستدعي أي نوع من التضييق سواءً على الناس بشكل عام أو على التجار والمستثمرين بشكل خاص، الأمر تحول في بعض المصالح الحكومية على وجه الخصوص إلى مستوى غير مقبول من سوء الأداء والتربص، وتفسير القوانين على الكيف وبناء على الحالة النفسية للموظف، هذا إذا أحسنّا الظن، ولكن لو أسأنا الظن فالباب مفتوح للشيطان على مصراعيه ليوسوس كيفما يشاء، وربما في الواقع التمس له بعض العذر!
إذا كان المسئول في أي جهة أو وزارة مطالباً بالضرورة (لأن هذا من صميم عمله) بالتسهيل على الناس ومعاملتهم بالحسنى، فإن الوضع الراهن يستدعي المزيد من التسهيل على المستثمرين وعلى الناس بشكل عام، لا نقول خالفوا القانون أو تجاوزوا على الإطلاق، بل نرجو أن تعطونا حقنا فقط بدون تعسف وبدون تفسيرات وهمية للقوانين، وبدون استبداد في استخدام قوة المنصب على أبناء الوطن وعلى المقيم والأجنبي أيضاً. نحن دولة متسامحة عُرفت طوال تاريخها بالتسامح والانفتاح.
هناك أمثلة عديدة حول كيفية التعامل وكيف يمكن أن يتسبب موظف مستبد في كارثة إن لم تكن مادية فهي نفسية، بسبب سوء تصرفه وطريقته، وفي أغلب الأحوال يتحول التأخير إلى خسائر، كأن يفوتك موعد لدخول مناقصة أو الاشتراك بمعرض، أو تتلف بضائعك في الميناء أو في الجمرك، أو يسبقك منافسوك في طرح بضائعهم في السوق وغيرها من أمثلة تتبلور جميعاً تحت عنوان واحد: «لا اهتمام بمصالح الناس ولا الخسائر التي تلحق بهم من جراء التعطيل».
موظف يوقف مشروعاً استثمارياً كبيراً بالملايين، لأنه يريد لكل شقة 6 مواقف سيارات، رغم أنه من المستحيل أن الساكن في شقة سيحتاج لست سيارات. والقصة أن المنطقة مصنفة تجارياً، فهناك قرار تنظيمي مثلاً بتوفير سيارة لكل 50 متراً مربعاً، لكن الرجل أنشأ في هذه المنطقة مشروعاً إسكانياً بمساحات كبيرة، والقانون لا يمنعه من ذلك، فلماذا أوفر لشقة مساحتها 300 متر 6 سيارات؟
موظف متعنت ثالث يوقّع له الوزير بتوقيع واضح وصريح على أنها معاملة معينة، فيوقف الورق بدعوى سؤال الوزير أو موظف أقل منه. كيف تسأله وتراجعه وهو من وقّع أمامك؟ وهل الموظف سيوقف توقيع المسئول الأعلى منه درجةً وظيفية؟
موظفٌ رابع يحمل سلطة الضبطية القضائية يصرّ على دخول أماكن غير مسموح له بدخولها عند التفتيش على المحلات التجارية، بدعوى أن من حقّه أن يفعل ما بدا له!
وخامسٌ يوقف سجل منشأة تضم أكثر من 30 أو 40 عاملاً لمجرّد تعسف في تفسير القانون، وغالباً ما يكون بالباطل.
هذا بالطبع بخلاف ترك العمل لتناول الطعام وشرب القهوة والشاي، وترك الناس أمام نوافذ تقديم الأوراق والعبث بالهواتف لعشرات الدقائق، ولو تذمّرت يمكن أن يعطّل أوراقك بالكامل لأبسط سبب!
كثيرون يذهبون للعديد من الجهات الحكومية فتجد مثلاً 17 أو 18 نافذة أو مكتباً للتقديم، لا تجد من هذا العدد إلا اثنين فقط أو ثلاثة يعملون، والباقي لا وجود لهم! لقد تبخّروا! وأبسط رد أنهم في «بريك»، وأعتقد أن كثيرين صادفهم هذا الموقف، والسؤال: أين رؤساء هؤلاء الموظفين؟ ما الانطباع الذي سيأخذه أي مستثمر أجنبي عن البلد بشكل عام من تصرف موظف مهمل أو موظفة كسولة؟
صديقٌ يحكي نموذجاً آخر من الأفعال المستفزة، موظفة بإحدى السفارات الأوروبية المفترض مهمتها أنها تتسلم الأوراق من الناس، وتتأكّد أنها مكتملة، وتسأل بعض الأسئلة عن أسباب السفر وغير ذلك، قد يواجهها بعض المشكلات إذ يجهل بعض المتقدمين القواعد فترشده للطريقة الصحيحة، وفي النهاية هي موظفةٌ تقوم بدور محدود، تستلم الأوراق ومن ثم تسلمها للمسئولين في السفارة ويتخذون قرارهم أياً كان. لكن هذه الموظفة (وهي عربية الجنسية بالمناسبة) ما تركت واحداً إلا واختلقت معه مشكلة. سيدة شابة من المتقدمات كادت تبكي من أسلوبها الفجّ، رجل كبير أعطى لها درساً في أخلاق التعامل مع من هم أكبر منها سناً، ولو كانت سفيرة وليست موظفة في سفارة، وأكثر من شخص «صارخ عليها أو صارخت عليه» في أقل من ساعة قضاها صديقي ليقدّم أوراقه، حتى جاء دوره فأبدت رفضها من طريقة توقيعه، مشيرةً إلى أن توقيعه صعب أو معقّد في تركيبته، فأجابها الصديق «أنا الذي أوقّع وليس أنتِ، لن يتعبك هذا الأمر في شيء»، فامتعضت من إجابته الباردة، ثم سألته مثلاً إن كان يحصل بدل سفر من شركته أم لا، فلما أجاب بـ»لا» استنكرت أنه لا يحصل!
إلى هذه الدرجة بلغ التدخل والتحكم والتعقيد والسخف! لا أدري هل تتابع الخارجية هؤلاء الموظفات في السفارات أم تقع مسئوليتهن على السفارة الأجنبية المختصة.
الوضع يحتاج تخصيص جزء من وقت كبار المسئولين لتوجيه موظفيهم وتعريفهم بكيفية التعامل مع الناس بشكل عام، الوضع لم يعد يحتمل هذه المبالغات؛ بل بالعكس يحتاج الأمر إلى التحلّي بروح القانون والتسهيل متى أمكن ودون تجاوز، وغير مطلوب على الإطلاق «التعصب والتشدد» مع سبق الإصرار والترصد.
ويا حبذا لو تم تفعيل مكاتب الشكاوى بشكل فعال وإيجابي، وتكون إدارة ذات سيادة مستقلة، وبها موظفون يتمتعون بالنزاهة والعدالة. فالموظّف عندما تذكر له أنك ستشكوه «يبتسم» وكأنك ستمدحه ويقول في سرّه «اشرب من البحر»، لأنه يعلم أن الشكاوى ستأخذ شهوراً تتعطّل فيها معاملتك، ولن تنتهي بالنسبة له إلى شيء. كم موظفاً عوقب لأنه عطّل مصالح الناس وقال ببساطة «ما كنت أقصد». كم موظفاً عوقب لأنه فسّر القانون على مزاجه وعلى هواه الشخصي، ثم بمنتهى اللامبالاة يقول «كنت فاهمه بهذا الشكل».
ختاماً... أطالب كل مسئول بحماية المتعاملين سواءً كانوا تجاراً أو من عموم الناس، من هؤلاء الموظفين الذين يسيئون للوطن قبل أن يسيئوا لأنفسهم.
إقرأ أيضا لـ "أحمد صباح السلوم"العدد 4936 - السبت 12 مارس 2016م الموافق 03 جمادى الآخرة 1437هـ
وهذا حال المفتشين
بين كل شهر يجي المفتش للمحل ويلصق لي ورقه انه جا المحل والمكان مسكر .. وكل مره اروح هيئة تنظيم سوق العمل واخبرهم محلاتي تفتح الساعة 10
والمفتش يجي الساعه 7 او 8 اكيد بيكون مقفل !
وتعال عقبها مع الاوراق والتعطل والمخالفات الي يخلونك تدفعها وتخسر وقتك وانت تروح وتجي ليهم
يعني هذا المفتش ما يشوف اللافته الي قد سيارته مكتوب فيها وقت الدوام !!؟ ليش التعنتر هذا
اي والله صدقت ياولد سلوم والمشتكى لله
بالفعل يا استاذ .. منذ عدة سنين تقدمت لوزارة التجارة لانشاء مشروع ضخم فما كان من الموظف الصغير الا ان يسألني : من اين لك هذا المبلغ المبير؟!
استنكرت السؤال .. ثم نصحني بالتفكير في انشاء المشروع في احدى دول الخليج لان البحرين ذات اقتصاد ضعيف !!!
فهل من حق هذا الموظف >>>ان ينصحني ؟!