دعوت خلال مشاركتي في المؤتمر السنوي الـ 21 لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بعنوان «الشباب والتنمية» إلى خروج المؤتمر باستراتيجية خليجية موحدة لتنمية الشباب عبر الإعلام الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي، تمتد لثلاث إلى خمس سنوات، وتشارك فيها مؤسسات معنية من كل دولة خليجية ويجري تبنيها من قبل جهات مسئولة، ربما على مستوى الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
إن أهمية هذه الاستراتيجية ترتكز على جملة من الحقائق، من بينها أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت تشكل أحد أهم قنوات تنمية الشباب في الخليج العربي، ففي دولنا الخليجية تتسع قاعدة الهرم السكاني ليشكل الشباب ما نسبته نحو 60 في المئة من السكان، وهم الشريحة الأكثر استخداماً لمواقع التواصل الاجتماعي، كما أنه لدينا واحد من أعلى معدلات عدد مستخدمي شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في العالم، مع توفر بنية تحتية متقدمة جداً لشبكة الانترنت في دول الخليج العربي، وإن كان ذلك بنسب متفاوتة نسبياً، فيما ترتفع نسب استخدام الهواتف المحمولة في بعض الدول مثل البحرين لتصل إلى 190 في المئة، أي عدد الهواتف المحمولة ضعف عدد السكان تقريبا.
ومن شأن تدشين تلك الاستراتيجية الطموحة تعزيز الاستفادة من الإمكانيات الهائلة التي وفرتها وسائل الإعلام الاجتماعي في تنمية الشباب فكرياً وثقافياً واجتماعياً وعلى مختلف الأصعدة، وخاصة أن الشباب هم الأكثر حضوراً على مواقع الإعلام الاجتماعي، وعلينا تدريبهم على كيفية الاستثمار الأمثل لتلك المواقع في مجالات الدراسة والعمل والتواصل وغيرها، وتزويدهم بالمهارات والمعارف والأدوات اللازمة لذلك.
هذا ويحمل استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي في الخليج العربي بعداً إيجابياً من النواحي الثقافية والمعرفية والإنسانية وخلق التواصل البناء بين الأفراد والحكومات، لكنه يحمل في الوقت ذاتها بعداً سلبياً من خلال محاولات البعض المستمرة لبث العنف والكراهية والتحريض على العنف وتهدد الأمن أو تسهل ارتكاب الجرائم.
موضوع آخر على قدر كبير من الأهمية عن الحديث عن الإعلام الاجتماعي وتنمية والشباب، هو «المحتوى والتفاعل»، فعلينا أن نسأل أنفسنا ما هو المحتوى «التنموي» الذي ننشره على مواقع التواصل الاجتماعي ونستهدف به تنمية الشباب؟، وهل نكتفي بمجرد بناء المحتوى ونشره؟ أم نحن بحاجة إلى التفاعل مع الشباب؟ ومن يقوم بعملية التفاعل هذه؟، وماذا عن حضور مؤسسات تنمية الشباب، الرياضية والفكرية والتعلمية، على مواقع التواصل الاجتماعي؟ وهل يواكب هذا الحضور فعلاً مدى شغف الشباب بالحصول على المعلومات والمعرفة؟
إن مسألة تنمية استثمار الإعلام الاجتماعي في تنمية الشباب تقع على عاتق الجهات الرسمية من جهة كما أنها تقع على عاتق الشباب أنفسهم أيضا، وهنا أنا أنصح الشباب بما يلي: غوغل نفسك، وافتح حساباً في لينكندان «LinkedIn»، واستمع وابحث عن هويتك، وخطط تقويماً للمحتوى الإلكتروني، وتعلم أساسيات وأدوات النشر، وأطلق مدونة Blog خاصة بك، وأقرأ خمسة مقالات على الانترنت أسبوعياً وطبق واحدة، وتعلم قياس تفاعلك في وسائل الإعلام الاجتماعي.
بقي أن أؤكد أنه يحسب للقائمين على مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية مبادرتهم إلى استكشاف أحد أهم الركائز التي ترسم معالم حاضر ومستقبل المنطقة، ألا وهم والشباب، وأجزم أن المؤتمر تمكن عبر المحاور المدروسة بعمق ومستوى المحاضرين الرفيع من الخروج بتصور واضح حول تسخير إمكانيات الشباب في التنمية، وأنا متفائل جداً بأن نرى ثمار هذه الجهود تنعكس إيجابياً على واقع الشباب الخليجي خاصة، وعلى أتم الاستعداد لتعزيز مساهمتنا في الوصول بتلك الجهود إلى النتائج المرجوة.
إقرأ أيضا لـ "علي سبكار"العدد 4935 - الجمعة 11 مارس 2016م الموافق 02 جمادى الآخرة 1437هـ
احسنت
شكرا لك ايها العزيز على تشجيعك الدائم لنا