عندما ظهرت خدمة الانترنت لأول مرة، كان الغرض من ذلك إيجاد نظامٍ حرّ للاتصالات والتواصل لا يكون خاضعاً للسيطرة من أية جهة كانت، بحيث يبقى هذا النظام فعالاً ويعمل من دون وجود سلطة مركزية تتحكم به أو تقيد استخدامه.
إنَّ الحرية شبه المطلقة التي يفترض أن تكون عليها الانترنت شجعت البشرية جمعاء، سواء على مستوى دول، أو منظمات، أو حتى أشخاص على استخدامها وفق الطريقة التي تحقق أهدافهم وغاياتهم، سواء كانت سيئة أو نبيلة.
يمكن تصنيف هذه الاستخدامات بالشكل الآتي: استخدامات مفيدة تنفع البشرية وتثري البعد الانساني وتكون بناءة، استخدامات سيئة تضر الآخرين لتحقيق غايات وأهداف بطرق غير مشروعة، واستخدامات غير واعية قد يكون الهدف الاساسي منها هو تقديم المنفعة والفائدة، نقل المعلومات، والتعبير عن الآراء بنية حسنة، لكن بسبب عدم توافر الوعي الكافي فإن هذا الاستخدام قد يؤدي الى نتائج عكسية تضر بالطرف المسئول عن هذه الاستخدامات أو الأطراف الأخرى.
يعتبر الاعلام الاجتماعي أحد أهم نتائج تطور الانترنت وظهور الويب (3)، والاحصائيات التي تتعلق بعدد المستخدمين على المستوى العالمي كفيلة بإخبارنا بمدى قوة وتأثير الاعلام الاجتماعي. لذلك فإن القوة والتأثير اللذين يمتلكهما الاعلام الاجتماعي يمكن ان يجعلا منه سلاحاً ذا حدين، اي بمعنى اذا تم استخدامه بطريقة صحيحة فإن من الممكن ان يحقق العديد من المكاسب والفوائد. وعلى العكس اذا تم استخدامه بشكل سيئ سواء بشكل مقصود او غير مقصود فإنه يمكن ان يسبب اضراراً تتدرج من البسيطة الى الجسيمة وللأطراف المختلفة.
إنَّ موضوع الخصوصية وحقوق الاخرين في العالم الافتراضي موضوع شائك وهنالك جدل كبير حول ذلك بسبب عدم وجود اتفاق وتحديد شامل ودقيق للفعاليات التي يمكن ان تعتبر منتهكة للخصوصية وللحقوق من عدمها، اي من الممكن ان يكون هنالك اختلاف بوجهات النظر حول هذه الفعاليات. على رغم ذلك ينبغي لمستخدم منصات الاعلام الاجتماعي ان يراعي خصوصية وحقوق الاشخاص الاخرين مثلما يجب ان يراعي الاخرين خصوصيته وحقوقه.
النقاط الآتية هي امثلة لحالات يمكن اعتبارها تجاوزاً لخصوصيات وحقوق المستخدمين الاخرين الموجودين في منصات الاعلام الاجتماعي، وهي مثار جدل، إذ البعض يعتبر بعض هذه النقاط شرعية بينما البعض الاخر يعتبرها غير شرعية وتنتهك الخصوصية:
- التصوير المباشر: من الممكن ان يتم تصوير حدث او موقف معين، محاضرة او شيء آخر من دون رغبة او موافقة الاطراف المعنية، لذلك يجب ان يتم التأكد من الحصول على الموافقات اللازمة واخذ الاذن من كل الاطراف التي يتعلق بهم الموضوع قبل النشر على منصات الاعلام الاجتماعي، سواء كانوا مالكي الاماكن، أو الاشخاص، الخ.... حتى يتم تجنب القضايا القانونية والمشاكل الناتجة عن ذلك.
- التصوير غير المباشر: قد يتم تصوير حدث او موقف ما ويصادف ظهور اشخاص في التصوير بسبب تواجدهم في المكان او مرورهم بطريق الصدفة، يجب ان يتم الانتباه الى ذلك؛ لان بعض الحالات قد تؤدي الى مشاكل لا تحمد عقباها بسبب تصويرهم دون موافقتهم مما ينتهك خصوصيتهم وحقوقهم.
- نشر معلومات عن الاشخاص دون اخذ الاذن منهم: يشمل هذا الموضوع نشر معلومات شخصية عن الافراد دون موافقتهم، مثل: العمر، الاهتمامات، مواقف مروا بها، وحتى المعلومات التي تتعلق بأسرهم الخ.... ما يعتبر انتهاكا لخصوصيتهم.
- إعادة نشر معلومات شخصية دون رغبة الطرف الذي تتعلق به تلك المعلومة.
- نشر معلومات دون ذكر المصدر إذ ان ذلك يعتبر انتهاكاً لحقوق الملكية.
- تصوير ممتلكات الآخرين دون استئذانهم وموافقتهم.
- تحريف المعلومات ونسبها الى الاشخاص.
- مشاركة مواقع واماكن تواجد الاخرين دون رغبتهم وموافقتهم على ذلك.
إن الذي تم ذكره سابقا هو مجرد امثلة على الحالات التي يمكن ان تعتبر تجاوزاً لحقوق وخصوصيات المستخدمين في منصات الاعلام الاجتماعي ويمكن اضافة العديد من النقاط الاخرى الى هذه القائمة.
يبقى الوعي العلمي، الديني، الاخلاقي والثقافي هو الفيصل في هذا الموضوع، وله الدور الريادي في جعل منصات الاعلام الاجتماعي بيئة امنة وخالية من اي مخاطر وتجاوز للحقوق والخصوصيات.
إقرأ أيضا لـ "محمد الحمامي"العدد 4928 - الجمعة 04 مارس 2016م الموافق 25 جمادى الأولى 1437هـ
رائع