أكد رئيس مجلس الشورى علي بن صالح الصالح أهمية التوصيات التي خرج بها المؤتمر الأول للبرلمانات العربية "إعلان القاهرة" الذي اختتم أعماله اليوم الخميس (25 فبراير/ شباط 2016) في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، وذلك على صعيد التأكيد على أهمية تضافر الجهود الرسمية والبرلمانية، والتأكيد دور البرلمانات ومساهمتها في رسم السياسات التي من شأنها مواجهة التحديات الراهنة، ووضع الآليات الكفيلة بالقضاء عليها بما يحفظ للأمة العربية كيانها ووحدتها وأمنها.
فيما أبدى رئيس مجلس الشورى ترحيبه بتبني المؤتمر في بيانه الختامي للمقترحات التي تقدم بها بشأن دعوة البرلمانات العربية للدفع نحو الموافقة على النظام الداخلي والأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان، وتبني إنشاء مركز عربي للتنمية المستدامة ضمن أجهزة جامعة الدول العربية، والدعوة لوضع تشريعات استرشادية من قبل جامعة الدول العربية بشأن الإرهاب ومكافحة غسيل الأموال لتمويل الإرهاب.
وكانت البرلمانات العربية قد جددت ضمن البيان الختامي للمؤتمر التزامها بالعمل على إيجاد التشريعات والقوانين والنظم التي تتيح التعامل الفاعل مع التحديات التي تواجهها الأمة العربية، حيث أكدوا في هذا الصدد التزامهم بتعزيز التعاون الفعال بشأن تنفيذ قرارات القمة العربية في مختلف دوراتها والاتفاقيات العربية، لاسيما تلك التي تتعلق بالتكامل الاقتصادي والتعاون العسكري لصيانة الأمن القومي ومكافحة الإرهاب، والعمل على تحقيق التكامل الاقتصادي العربي، باعتباره جزءً لا يتجزأ من منظومة الأمن القومي العربي، بما في ذلك استكمال منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وتحقيق الأمن الغذائي، عبر رصد الموارد اللازمة لمبادرة السودان في هذا الشأن، وكذلك تحقيق التنمية المستدامة والاستغلال الأمثل للموارد وتضييق الفجوة الغذائية العربية والإدارة المستقبلية للموارد المائية تحقيقاً للأمن المائي العربي.
كما تم تأكيد العمل على تكييف الآليات والهياكل المؤسسية القائمة في فضاء العمل العربي المشترك على نحو مستمر لتتلاءم مع مختلف الأوضاع، وتواكب التطورات التي تستجد في دول المنطقة أو تواجه إحدى الدول العربية، مع تحقيق التقارب بين الحكومات والبرلمانات والشعوب العربية قطريا وعربيا، لتقوم الدول بأداء دورها المناط بها، والنهوض بالمجتمعات العربية لتتمكن من أخذ موقعها الذي يليق بمكانتها في المجتمع الدولي، والتواصل مع نظيراتها في دول العالم لبلوغ أهداف الأمة وغاياتها.
بالإضافة إلى تكريس مفهوم المواطنة بوصفه حقاً طبيعياً للشعوب، وذلك من خلال تمكين المواطن العربي من كافة حقوقه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، بما يكفل سلامة البني الاجتماعية ووحدة النسيج الاجتماعي في الدول العربية، والعمل على التعايش البناء بين جميع مكونات المجتمع والفئات والطوائف دون إقصاء أو تهميش وضمان التعايش البناء بين كافة هذه المكونات.
وأبدت البرلمانات أهمية بحث كافة القضايا مثار الخلاف بين الدول العربية وطرحها في إطار من الصراحة والشفافية وإيجاد الحلول السلمية للأزمات السائدة في عدد من دول المنطقة، والالتزام بالمبادئ السامية المسيُرة للعلاقات الدولية لاسيما مبدأ تسوية النزاعات بالطرق السلمية، وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول وتغليب الحوار والتوافق للوصول إلى تحقيق الحلول السياسية للأزمات في المنطقة العربية، ومراجعة وإعادة تقييم الموقف العربي الجماعي في تعامله مع دول الجوار الإقليمي، وكذلك في علاقاته مع الدول الكبرى المؤثرة في مجريات النزاعات القائمة في المنطقة، واستعادة الدول العربية للمبادرة السياسية في حل أزمات المنطقة ومنع تطورها إلى نزاعات مسلحة ذلك أن الخبرة التاريخية لدول المنطقة أثبتت أنها أكثر قدرة ونجاحاً في إيجاد حلول للأزمات الأكثر استعصاء.
وأكدت البرلمانات العربية كذلك على تمكين مجلس السلم والأمن العربي من أداء دوره وإقرار نظامه الأساسي، بما يسمح بتفعيل عمله، وندعو إلى إنشاء هيئة الحكماء، بمشاركة برلمانية عربية، لتقوم بالنظر في معالجة الخلافات العربية العربية واقتراح الحلول الناجعة لها، وتعزيز التشريعات الضرورية التي تكفل التصدي للتهديدات الأمنية الجديدة ومكافحة الجريمة المنظمة المرتبطة بالاتجار غير المشروع للأسلحة وعمليات الاختطاف والابتزاز وما يرتبط بها من جرائم الفساد وغسل الأموال، وتجريم دفع الفدية وكافة النشاطات التي تهدد أمن واستقرار المجتمع.
كما تم التأكيد على مواصلة العمل وبذل الجهود اللازمة لتمكين المرأة العربية وتعزيز مكانتها ودورها في المجتمع، وحقها في المشاركة الفاعلة في العمل العام، وإدماج الشباب العربي في العمل العام من خلال الانفتاح والشفافية والمساءلة والفعالية على الساحة السياسية، وتحصينه من تأثير الأفكار التكفيرية ومعالجة الأسباب التي أدت إلى عزوف الشباب عن الانخراط الفاعل في المجتمع والمؤسسات الديمقراطية، وكذلك تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني العربي، وتمكينها من المشاركة في إيجاد وتنفيذ السياسات والبرامج الرامية إلى تحقيق التقدم في المجتمعات العربية.
إلى جانب تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك وبروتوكولاتها الإضافية واتفاقية التعاون الأمني والقضائي، والعمل على إنشاء مركز عربي لمراقبة ومكافحة الإرهاب بأشكاله المختلفة، والاستفادة من خبرات الدول في هذا المجال، واعتماد مبدأ إنشاء القوة العسكرية العربية المشتركة المنصوص عليها في القرار الصادر عن القمة العربية السادسة والعشرين المنعقدة بشرم الشيخ، والالتزام بالأطر المنهجية المنصوص عليها في القرار، والعمل على إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل وعلى انضمام إسرائيل إلى معاهدة منع الانتشار النووي في الشرق الأوسط، وإخضاع كافة المرافق النووية لدول منطقة الشرق الأوسط لنظام الضمانات الشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
إصدار بيان دعم القضية الفلسطينية:
كما أقر رؤساء البرلمانات العربية في ختام المؤتمر بيانا لدعم القضية الفلسطينية، نص على التالي:
أولا: نؤكد مجددا أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية الأولى للأمة العربية، وأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة على خط الرابع من حزيران1967 (الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة والجولان السوري ومزارع شبعا اللبنانية)، ما يزال هو التحدي الأول لأمتنا العربية، والمصدر الأول الذي يهدد أمننا القومي.
ثانيا: اتخاذ الإجراءات والتدابير الفورية والعاجلة لإنقاذ القدس بمسجدها الأقصى وكنيسة القيامة وباقي المقدسات المسيحية والإسلامية وحمايتها مما تتعرض له من أخطار وسياسات بهدف تهويدها وتنفيذ مخططات التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، والتأكيد على عروبة وفلسطينية القدس، وذلك بتفعيل الصناديق المالية العربية التي أنشأت من أجلها، لتمكين المقدسيين من الصمود على أرضها الطاهرة باعتبارها خطا أحمر يستلزم اتخاذ المواقف العربية السياسية والاقتصادية العاجلة لمواجهة ما تتعرض له المدينة المقدسة.
ثالثا: توفير الدعم اللازم لإنجاح الجهود الفلسطينية الساعية لعقد مؤتمر دولي للسلام لإيجاد آليات ملزمة لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية، وتوسيع الدول المشاركة بعملية السلام وتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس، على كامل حدود الرابع من حزيران عام 1967، ودعم المساعي بالتوجه لمجلس الأمن الدولي لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني ولإدانة الاستيطان والمطالبة بوقفه لحماية حل الدولتين، وهذا تحدي يجب معالجته وجعله أولوية قصوى لعملنا كبرلمانيين.
رابعا: دعم الهبة الشعبية الفلسطينية، وإدانة الإرهاب والإجرام الإسرائيلي الذي يمارسه يوميا ضد الشعب الفلسطيني من إعدام ميداني للنساء والأطفال والشيوخ والشباب اليافع والعمل على رفع الحصار الإسرائيلي الظالم عن قطاع غزة، واعتبار كل ذلك جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والعمل على تفعيل ودعم سلاح المقاطعة للاحتلال الإسرائيلي الذي يتنامى ويتصاعد عالميا رفضاً لسياساته العنصرية بحق الشعب الفلسطيني.
خامسا: دعم ومساندة الموقف الفلسطيني في وجه السياسات الإسرائيلية الرامية لتصفية القضية الفلسطينية، سميا وأن فلسطين مقبلة على اتخاذ قرارات وإجراءات لإعادة النظر في جميع علاقاتها السياسية والاقتصادية والأمنية مع الاحتلال، ويكون ذلك بتنفيذ القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية، سواء أكانت صادرة عن جامعة الدول العربية أم عن البرلمان العربي أم عن الاتحاد البرلماني العربي، مثل شبكة الأمان المالية المقرة في القمم العربية لدعم الموازنة الفلسطينية، وتوأمة العواصم العربية مع مدينة القدس بتأمين الدعم الاقتصادي لمواجهة سياسات تهويدها وتثبيت أهلها عليها. وإعادة إعمار غزة.
سادسا: العمل مع الحكومات العربية وبشكل مستعجل على تأمين الدعم المادي لأهالي الشهداء الذين تهدمت بيوتهم لإعادة بنائها، حيث وصل عدد الشهداء منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى 197 شهيدا. ووضع خطة عمل برلمانية عربية بهدف شرح قضية الأسرى والمعتقلين في مختلف المنتديات البرلمانية والمطالبة بإطلاق سراحهم، ومن ضمنهم البرلمانيين الأسرى، والتدخل الفوري لإطلاق سراح الصحفي محمد القيق المضرب عن الطعام منذ 91 يوما، والإفراج عن جثامين الشهداء المحتجزة.
سابعا: توثيق ونشر الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين بالصوت والصورة، وإرسالها لكافة برلمانات العالم، بهدف فضح الجرائم الإسرائيلية من خلال لجنة متخصصة بين البرلمان العربي والاتحاد البرلماني العربي والمجلس الوطني الفلسطيني تتولى هذه المهمة.
ثامنا: دعم الجهود الفلسطينية والعربية لإنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية، تعقبها انتخابات شاملة حسب اتفاقيات المصالحة.
تاسعا: تفعيل دور الدبلوماسية البرلمانية العربية مع الاتحادات البرلمانية الإقليمية والدولية لشرح وجهة النظر العربية من قضية الاحتلال والإرهاب ومن يمارسها، وجذورها وأسبابها، وإرسال وفود برلمانية عربية لزيارتها أو دعوة رؤسائها لزيارة المنطقة، للإطلاع على السياسات الإسرائيلية العدوانية، وشرح العلاقة بينها وبين وتنامي الحركات الإرهابية وتأثيرات ذلك على استقرار وأمن المنطقة وعلى السلم والأمن الدوليين، بهدف تكوين رأي عام برلماني عالمي ضاغط على الحكومات الغربية لتغيير مواقفها بما يخدم قضايانا ويحقق الأمن لمنطقتنا.