في مؤشر على وجود انقسامات عميقة بين أعضاء الحلف الأطلسي حول سوريا، صعّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتقاداته للأميركيين والغرب، وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم السبت (20 فبراير/ شباط 2016).
وحذر أردوغان في اتصال هاتفي الرئيس الأميركي باراك أوباما من أي دعم جديد لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، الجناح السياسي لوحدات حماية الشعب الكردية في سوريا الذي تتهمه أنقرة بالوقوف خلف تفجير أنقرة الذي حصد 28 قتيلاً ليل الأربعاء. كما هدد بإغلاق قاعدة «إنجيرلك» التي يستخدمها سلاح جو الجيش الأميركي نقطة انطلاق لقصف مواقع المتشددين في سورية.
وفي ظل إصرار حزب الاتحاد الديمقراطي على نفي تورطه بالتفجير الذي قال أن «أنقرة تستغله لتصعيد القتال في شمال سورية»، بعدما أثار تقدم الوحدات في شمال سورية أخيراً مخاوفها من إذكاء نزعة الانفصال لدى الأقلية الكردية التركية، أعلنت جماعة «صقور حرية كردستان» القريبة من حزب العمال الكردستاني مسؤوليتها عن العملية متعهدة مواصلة الهجمات. وهي التي تبنت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي هجوماً بقذائف الهاون على مطار في إسطنبول. وأورد بيان نشرته الجماعة على موقعها: «ليل 17 فبراير/ شباط نفذ انتحاري هجوماً استهدف قافلة لجنود الجمهورية التركية الفاشية في أنقرة».
وترافق ذلك مع ضبط الشرطة في دياربكر (جنوب شرق) سيارة قالت أنها مفخخة بكمية 500 كغ من المتفجرات. وأعلنت اعتقال مشبوهَين اثنين في دياربكر، ما أثار تكهنات بمحاولة تدبير هجمات جديدة، خصوصاً بعدما كشفت أجهزة الأمن أن المتفجرات التي استخدمت في هجوم أنقرة نقِلت من دياربكر على متن سيارة مسروقة عبرت مناطق أمنية عدة في المدينة. وواصل الجيش التركي قصف مواقع لوحدات حماية الشعب في سوريا، «رداً على إطلاق نار عبر الحدود».
وردّ أردوغان على إعلان الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي أن واشنطن لا تعتبر وحدات حماية الشعب منظمة إرهابية، ولا تستطيع تأكيد أو نفي اتهام تركيا للوحدات بالوقوف وراء تفجير أنقرة، قائلاً: «لا أخاطب كيربي، وسأبحث الموضوع مباشرة مع أوباما الذي أبلغته قبل شهور أن نصف عتاد عسكري أرسلته الولايات المتحدة على متن ثلاث طائرات انتهى في أيدي داعش، والنصف الآخر في أيدي حزب الاتحاد الديمقراطي». وكان كيربي دعا تركيا أيضاً إلى وقف قصفها لوحدات حماية الشعب.
وخلال زيارته العاصمة الجورجية تبليسي، طالب وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو واشنطن بقطع روابطها مع المقاتلين الأكراد في سوريا. واتهم الولايات المتحدة بالإدلاء بتصريحات متضاربة حول وحدات حماية الشعب الكردية، وقال: «أبلغني وزير الخارجية الأميركي جون كيري بأنه لا يمكن الوثوق بالمقاتلين الأكراد، لكن الموقف الرسمي لواشنطن مختلف». وتابع: «من الضعف لجوء الحلف الأطلسي والمنظمات الدولية وأقوى الدول في العالم إلى جماعات إرهابية مماثلة من أجل محاربة داعش. هذا خطأ كبير يجب أن يتعاون الجميع لتصحيحه، خصوصاً حليفتنا الولايات المتحدة».
وكان لافتاً عودة الرئيس السابق عبدالله غل إلى الواجهة مجدداً، في ظل اتهام مقربين من أردوغان إياه «برعاية تيار المعارضة داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم ودعمه». وقال: «تواجه تركيا أخطاراً كبيرة تحتم عدم اتخاذ أي خطوة متسرعة، بل بعد تفكير وتأنٍ، مع فتح باب النصح والمشورة مع الآخرين من أجل اتخاذ القرارات المناسبة».