لا تزال الخلافات والاتهامات المتبادلة تتصدر المشهد السياسي في مصر، على الرغم من وصول مراحل خريطة الطريق إلى آخرها بانتخاب أعضاء البرلمان ، وذلك وفق ما نقل موقع قناة "روسيا اليوم" أمس الخميس (12 فبراير / شباط 2016).
هيئة مكتب مجلس النواب المصري رفضت في اجتماعها الأخير قبول استقالة رئيس مجلس القضاء السابق، والعضو المعين في المجلس، المستشار سري صيام؛ وذلك تمهيدا لطرح الاستقالة في الجلسة العامة المقبلة للتصويت عليها.
البرلمان المصري يعيش هذه الأيام حالة من الجدل والإشكاليات الواضحة فيما يرتبط بترتيب أولويات المرحلة المقبلة. وآخر أعراض هذه الحالة البرلمانية، ظهر في استقالة النائب المعين المستشار سري صيام. وما زاد المشهد إرباكا كان رفض هيئة المكتب التنفيذي للمجلس الاستقالة، لتتحول الصورة إلى مواجهة بين مجلس نيابي تشكل للتو، وبين أحد أعضائه المعينين من دون انتخاب.
وفي غضون ذلك، برزت حالة من الجدل القانوني حول أحقية الرئيس في تعيين بديل للنواب المستقيلين؛ الأمر، الذي حسمه وزير شؤون مجلس النواب المستشار مجدى العجاتي، بتأكيده أحقية رئيس الجمهورية في تعيين بديل للنائب المعين عندما يخلو مقعد ما بسبب الاستقالة أو الوفاة، أو لأي سبب آخر ينص عليه الدستور.
رئيس البرنامج السياسي بمركز الأهرام للدراسات الدكتور يسرى العزباوي يرى أن مجلس النواب ملزم بقبول استقالة المستشار سري صيام، رفعا للحرج ونزولا عند رغبة الرجل. وخاصة أن صيام أحرج رئيس البرلمان أكثر من مرة، لأنه ﻻ يزال يتعامل مع البرلمان من منصة القضاء، بشكل ﻻ يتلاءم وطبيعة المرحلة، التي ﻻ تحتمل المزايدات السياسية، وفق تعبيره.
وأشار العزباوي إلى أن ائتلاف دعم مصر ﻻ يزال الائتلاف الأقوى في البرلمان، على الرغم مما تعرض له من هزات قللت من حجمه، من 400 نائب إلى نحو 250 نائبا، وذلك بسبب ضعف الخبرات البرلمانية والسياسية لبعض المسؤولين عنه.
وبعيدا عن الجدل القائم في أروقة البرلمان، يستعد المجلس للاستماع إلى ما يصفه كثيرون بالخطاب التاريخي، الذي سيلقيه أول رئيس بعد عهد حسني مبارك أمام البرلمان يوم السبت المقبل؛ فقد اجتمع الأمين العام للمجلس المستشار أحمد سعد الدين بممثلي الرئاسة لبحث ترتيبات الخطاب الرئاسي؛ وذلك وسط ترتيبات واسعة.
إذ جرى التأكد من سعة القاعة الرئيسية لـ 596 نائبا، يمثلون قوام المجلس؛ فضلا عن ترتيب مقاعد لضيوف المجلس ومرافقي الرئيس أثناء الخطاب.. حدث يشبهه متابعون للشأن المصري بإعلان للعالم بأن مصر دولة مكتملة المؤسسات، ﻻ تغوَّلَ فيها لسلطة على أخرى.
الرئيس عقد اجتماعات مع رئيس الحكومة وكل أعضاء البرلمان، كل قطاع على حدة، لبحث مشكلات المناطق المختلفة، في محاولة، وفق مراقبين، لإفساح المجال أمام حوار متكامل بين الحكومة والنواب ولتخفيف حجم الصدام بينهما.
وفي هذا الشأن، توقع الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفعت أن يقدم السيسي ما يشبه "كشف حساب" للمصريين عما قدمه منذ توليه مهمات منصبه، وعن رؤيته المستقبلية في ضوء ما تشهده البلاد من مخاطر وتهديدات.
ورأى رفعت أن خطاب الرئيس يؤسس لمرحلة مستقرة بين البرلمان والدولة لمحو ما ترسب لدى بعضهم من تحفظات للرئيس على موقف البرلمان من قانون الخدمة المدنية، حيث سيتعمد الرئيس التأكيد على مبدأ الفصل بين السلطات.
البرلمان المصري بات الآن في حالة تتحكم بها توازنات عديدة: بين إعادة ترتيب تكتلاته وتشكيل ﻻئحته واستقالة أحد أعضائه، والاستعداد لخطاب السيسي، ومحاولات الحكومة ﻻمتصاص حماسة النواب ضدها عبر لقاءات قطاعية، يعقدها رئيس الحكومة بهدف دراسة طلبات كل نائب في دائرته. والهدف هو الدفع لفتح صفحة جديدة مع مجلس النواب، الذي كانت أولى تعاملاته مع الحكومة والرئاسة تشبه الصدمة، عندما رفض البرلمان قانون الخدمة المدنية.