تشريحيّاً ينقسم الأنف إلى فتحتين بواسطة حاجز الأنف ويتكون من غضروف أمامي وعظم خلفي، ويوجد على الجانبين من تجويف الأنف ثلاث قرنيات «تسمى لحميات باللهجة الدارجة» في كل جهة «مجموعها ست في الإنسان على السواء، عليا ووظيفتها في حاسة الشم، وسطى وسفلية «وهما الأكبر حجماً» ووظيفتهما زيادة المساحة السطحية للأنف من أجل ترطيب وتدفئة الهواء الذي يدخل عبر الأنف قبل وصوله إلى الرئتين. تتكون كل قرنية «لحمية» من نسيج عظمي محاط بنسيج يحتوي على العديد من الأوعية الدموية، مغلفة بغشاء يحتوي على خلايا ذات أهداب وغدد عديدة، حيث تلعب دورًا مهمًّا في مناعة الإنسان.
إن اختلال وظيفة قرنيات الأنف يحدث لجميع الناس على السواء في وقت ما في حياتهم، حيث تتفاوت الأعراض ما بين الاحتقانات الخفيفة مع الإفرازات غير الطبيعية المصاحبة، أو قد تكون شديدة بحيث تؤدي إلى انسداد كامل لمجرى الأنف، ما يحدث مشكلة مرضية قد تحتاج إلى تدخل الطبيب المختص.
عادة تكون هذه الاختلالات نتيجة التهابات الشعب الهوائية التنفسية العليا؛ نتيجة الفيروسات أو البكتيريا، أو نتيجة مشاكل الحساسية المزمنة، سواء كانت موسمية أم اعتيادية، أو نتيجة التقلبات الهرمونية، وخاصة أثناء سنوات البلوغ أو دخول سن اليأس أو أثناء الدورة الشهرية أو الحمل، أو نتيجة تقلبات الجو الخارجية والتي تؤثر على قرنيات الأنف بشكل مباشر، ناهيك عن الوضع السيكولوجي والنفسي للإنسان والذي يؤثر بشكل مباشر أيضًا، هذا إلى جانب تأثير تناول بعض أنواع العقاقير، نذكر منها على سبيل المثال أغلب عقاقير علاج مرض ضغط الدم المرتفع، وقد توجد بعض العوامل التشريحية التي تؤثر على وظيفة القرنيات، منها إنحراف الحاجز الأنفي لأي سبب كان، أو وجود الزوائد اللحمية الأنفية «التي ستحتاج حتمًا إلى مقال آخر لتبيان الفرق بينها وبين قرنيات الأنف».
قد يبلغ اختلال وظيفة قرنيات الأنف إلى 50 في المئة لدى عموم الناس، وقد تكون نتيجة عدة عوامل، وقد تكون لفترة محدودة ولا تحتاج إلى أي علاج طبي أو جراحي، لكنها قد تكون شديدة وسيئة ومزمنة وتؤدي إلى أعراض مزعجة تؤثر على حياة الإنسان الطبيعية اليومية، وهنا نحتاج إلى العلاج الطبي.
هناك عدة أنواع من العلاجات الطبية لعلاج اختلال وظيفة قرنيات الأنف، منها بخاخات الأنف لعلاج الاحتقان، لكن لا يجب استخدامها أكثر من 5 أيام؛ لأنها تؤدي إلى مضاعفات تضخم القرنيات المزمن، وهناك عقاقير لعلاج الاحتقان وتستخدم في الحالات الحادة ولفترة قصيرة أيضًا؛ لأنها تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وضربات القلب، وتوجد عقاقير مضادات الحساسية حيث متوافر منها ثلاثة أجيال، إذ يتم وصف المناسب لكل حالة على حدة، والعلاج الأفضل هو استخدام عقاقير الكورتيزون على شكل بخاخات ونستطيع وصفها لمدد طويلة وتلعب دوراً مهمّاً في حالات الحساسية بجميع أنواعها وتكون مفيدة على المديين المتوسط والبعيد ولها نتائج سلبية نادرة جدًّا وهي جفاف الأنف أو حدوث نزيف بسيط.
يتم اللجوء للعلاجات الجراحية في حال فشلت العلاجات الطبية والتقليدية في حل اختلال قرنيات الأنف المزمنة، وحقيقة، وحتى اللحظة، لا يوجد علاج جراحي ناجع لهذه المشاكل، لكن نذكر بعض العلاجات المستخدمة، ومنها الاستئصال الجراحي التقليدي لجزء بسيط من القرنيات المتضخمة «وليس جلها»؛ لأنه يؤدي إلى مشاكل مزمنة سيئة، وهناك علاج الكي، سواء كان كيميائيا باستخدام نترات الفضة أو باستخدام الليزر أو باستخدام الكوبليشن أو بالتبريد، وكلها لها الهدف نفسه.
ونخلص إلى أن هناك فرقًا بين قرنيات «لحميات» الأنف التي تكون موجودة كجزء من الأنف منذ الولادة ولها وظيفة مهمة وحساسة لنا، وبين الزوائد اللحمية التي قد تكون موجودة لدى بعض الناس بشكل مرضيّ وتؤدي إلى مشاكل مزمنة. يعاني جزء كبير من الناس من اختلال في وظيفة قرنيات «لحميات» الأنف وقد لا تحتاج إلى علاج في بعض منها، لكن نلجأ للعلاجات الطبية في الحالات الحادة، وقد نلجأ للعلاجات الجراحية المتوافرة في بعض الحالات المزمنة.
إقرأ أيضا لـ "نبيل حسن تمام"العدد 4906 - الخميس 11 فبراير 2016م الموافق 03 جمادى الأولى 1437هـ
شكراً للشرح المفصل العلمي والمبسط.. اتمنى نجد مقالات طبيه أكثر مثل هذا المقال بالعربيه.
أحسنت
قلما تجد من الأطباء من يوضح هذا الأمر صحفياً.
مقال ممتاز