الدورة الأولى للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي - الهندي انعقدت في البحرين أمس بحضور وزيرة الخارجية الهندية سوشما سواراج ونحو ثلثي وزراء الخارجية العرب. هذا الاجتماع يأتي في وقت تنطلق فيه الهند بسياسة مختلفة عن الماضي، وذلك نظراً لتقاربها الاستراتيجي مع إسرائيل، ولحساسيتها المستمرة من باكستان.

الهند كانت تتكوّن من نحو 500 مملكة وإمارة وإقطاعية، ولديها لغات وديانات ومذاهب مختلفة، ولكن نخبتها، بزعامة المهاتما غاندي، استطاعت أن تتخطى كُلَّ ذلك، وأن تناضل من أجل الاستقلال. وقد خرجت تلك النخبة بهند موحَّدة بين معظم مناطقها، فيما عدا انفصال باكستان (ولاحقاً بنغلاديش) عنها، لأسباب دينية. ولقد انقسمت النخبة المسلمة في الهند بين من رأى أن الأفضل البقاء ضمن هند موحّدة وبين مَن فضَّل تأسيس بلد مستقل للمسلمين.

الهند حاليّاً تطرح أولويّاتها نحو التعاون الاقتصادي مع دول الخليج، كما أن من أولويّاتها أيضاً الحديث عن مكافحة الإرهاب، بما في ذلك الدعوة إلى وضع استراتيجية للقضاء على مصادر التطرُّف والتمويل، وفك الارتباط بين الدِّين والإرهاب. هذا الحديث يتفق شكلاً مع ما يطرحه الجانب العربي، ولكنه يختلف مضموناً؛ لأنّ الهند لديها تعريفات مختلفة للمصطلحات والعبارات المتداولة في المنطقة العربية، كما أن لديها حساسيات مختلفة.

وعلى أساس ذلك، فإنّ مشكلة الهند الأساسية هي مع باكستان، ولذا فإنّ التصريحات الهندية عادة تحتوي على إشارات إلى باكستان، عندما تتحدث عن التحديات الناتجة عن ربط الدِّين بالعنف أو بدعم الجماعات المسلحة.

على أن الهند لديها الكثير مما يمكن أن تطرحه للعرب الغارقين حاليّاً في فتن وخلافات تتخذ غطاءً طائفيّاً. فالهند تمكّنت من احتواء الخلافات الطائفية عبر دستورها ونظامها الذي يوفر مظلة للجميع. وعلى رغم أن الحزب الحاكم حاليّاً في الهند يمثل اليمين الهندوسي، إلا أن وزيرة الخارجية استعانت بآيات من القرآن الكريم للتدليل على منهجية معتدلة مقارَنةً مع كثير من الخطابات المنفلتة طائفيّاً في منطقتنا العربية.