لا يوجد في العالم مجال أكثر ترابطاً والتصاقاً كالمجال الاقتصادي، الحدث في الصين شرقاً تتأثر به الولايات المتحدة والبرازيل غرباً وأستراليا وتشيلي جنوباً وروسيا والدنمارك وكندا شمالاً، ودول الخليج والشرق الأوسط في المنتصف بين هؤلاء جميعاً، والعكس صحيح.
تابعنا جميعاً أزمة الرهون العقارية في الولايات المتحدة في 2008 وما جلبته للعالم أجمع من مشاكل، نالت دول الخليج منها حظاً لا بأس به، ولم تتعافَ منها إلا مؤخراً وبعد سنوات من المعاناة وخاصة في قطاعي المصارف والعقارات.
اليوم يعيش العالم على حافة مشكلة اقتصادية جديدة ربما تتطور إلى «أزمة اقتصادية» قريباً وربما يتم «تفتيتها» قبل أن تتطور الأمور لما هو أكثر، منذ أيام قلائل خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي في 2016، وحذر من مخاطر كبيرة على الاقتصاد العالمي، بسبب تباطؤ الاقتصاد الصيني والانكماش في البرازيل وهبوط أسعار النفط.
وقال الصندوق في توقعاته الاقتصادية الجديدة، إنه وبعد تحقيق نمو من 3.1 في المئة في 2015، يتوقع أن يتحسن إجمالي ناتج الداخل العالمي هذه السنة إلى 3.4 في المئة، ولكن بوتيرة تقل 0.2 نقطة مقارنة مع التوقعات السابقة التي نشرت في أكتوبر/ تشرين الأول.
أما التقرير الخاص بالاستبيان الشهري عن يناير/ كانون الثاني الجاري لبنك أوف أميريكا ميريل لينش والخاص بآراء مديري صناديق الاستثمار «وهذه فئة مهمة جداً بالنسبة للتوقعات الاقتصادية... يمكن أن تعتبرهم الرؤساء التنفيذيين لرأس المال العالمي»، فقد رصد تراجعاً كبيراً في ثقتهم بآفاق نمو الاقتصاد العالمي بينما انخفضت استثماراتهم في الأسهم بشكل حاد وارتفعت في الحيازات النقدية في المقابل.
وتوقع 8 في المئة من مديري صناديق الاستثمار تحسن أحوال الاقتصاد العالمي خلال الشهور الاثني عشر المقبلة، في أدنى قراءة من نوعها لهذا المؤشر منذ عام 2012. في المقابل، توقع 12 في المئة من أولئك المديرين حدوث ركود اقتصادي عالمي خلال الشهور الاثني عشر المقبلة.
ومن هذه التوقعات التي يبدو أنها «متشائمة للأسف» يتبين أن العالم مرعوب من تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني.
أحد يسألني وما علاقتنا في الخليج والبحرين مثلاً بالصين؟ أو أن يقول لي «خلنا نفتك شوي من الصينيين، ما خلوا شيء ما نافسونا فيه»، ربما هذا يكون بالفعل وجهة نظر رجل الشارع البسيط، لكن في حقيقة الأمر أن الصين أحد أكبر مستهلكي النفط في العالم، وعندما يتباطأ اقتصادها يعني أن مصانعها ستنخفض وتيرة عملها، بما يعني أن استهلاكها من النفط سينخفض أيضاً، بما يعني أن سعر النفط العالمي سيقل، بما يعني أن مدخول دولتك سيقل وسيوجد عجز في الميزانية «كما هو حاصل حالياً»، يعني أن راتبك والامتيازات التي كنت تحصل عليها مثل الدعم وخلافه ستقل بكل تأكيد، يعني في النهاية أن الاقتصاد الصيني عندما يتباطأ سيصل أثره عندك وأنت جالس في بيتكم!
نعم لهذه الدرجة يترابط الاقتصاد إلى حد مبهر، هذا الترابط يدفعني للقول بأن الوضع الاقتصادي الراهن في البحرين يحتاج إلى «يد جراح ماهر» ليخرج بمملكتنا العزيزة من هذه المشكلة بأقل خسائر ممكنة، وينقذ المريض من أزمة ساقته الظروف للوقوع فيها، «ما لنا يد فيها على الإطلاق».
من وجهة نظري، إننا لا نمر بأزمة اقتصادية بمفهومها الشامل وخاصة في البحرين، ولكننا نمر بأزمة «سيولة»، هناك نقص واضح في السيولة بالسوق ناتج عن انخفاض أسعار النفط وبدء الحكومة في التقشف التدريجي منذ فترة وخفض الوزارات للإنفاق الداخلي على مستوى العديد من القطاعات، وما تلا ذلك من حالة الانقباض التي أصابت الشارع التجاري سواء على مستوى القطاع الخاص الذي تعتمد جوانب كبيرة منه على المشروعات الحكومية، أو حتى على مستوى المستهلك «بحريني ومقيم» الذي بدأ يتحفظ كثيراً في الإنفاق تحسباً لما هو قادم وغير واضح بالنسبة إليه حتى الآن.
التعامل الحكومي مع «الأزمة» لايزال يمثل علامات استفهام خاصة زيادات الأسعار المتوالية ورفع الدعم عن بعض السلع، وهل هذا يعد الحل الأمثل للتعامل مع الأزمة؟ مع مراعاة أن المعالجة افتقدت للتدريج في العديد من جوانبها.
لجوء بعض التجار إلى زيادة الأسعار في حد ذاته مشكلة، ولا يعتبر الحل الأمثل للتعامل مع الأزمة، لأنك عندما تمر بأزمة سيولة في السوق فمن الأفضل أنك تقوم بعمل «تخفيضات وعروض» حتى تجذب السيولة مرة أخرى من جيوب المستهلكين، لكن زيادة السعر ستدفع المستهلك للتفكير ألف مرة قبل اتخاذ قرار الشراء، ولن يذهب إليه حقيقة إلا إذا كان مضطراً لذلك.
نفس الأمر ينطبق على القطاع العقاري في حال زيادة الإيجارات ستكون هناك موجة من «هجرة العمالة الأجنبية» التي لن تتحمل غلاء المعيشة مع زيادة في الإيجارات وثبات شبه مؤكد في الرواتب، وهو ما سيضر بعجلة الاقتصاد من جهة وسيحمّل أصحاب الأعمال تبعات إضافية من جهة أخرى، وهو ما سينطبق على القطاع الحكومي أيضاً.
تروس الاقتصاد في العالم كله متشابكة بشكل مذهل من أكبر ترس في أميركا أو الصين وحتى أصغر ترس في شركتك أو مصنعك، فلا تتعجب عندما أؤكد لك أن تباطؤ الاقتصاد الصيني يؤثر على دخلك في البحرين!
إقرأ أيضا لـ "أحمد صباح السلوم"العدد 4887 - السبت 23 يناير 2016م الموافق 13 ربيع الثاني 1437هـ
مقال قدم عرضاً مبسطاً للوضع يسهل فهمه .. ولكن يجب الاشارة للدور السعودي والايراني في اغراق السوق ، المتضرر البحرين خصوصاً وسائر دول الخليج العربي عموما والمستفيد الدول اللي تستورد البترول .. احنه اللي بناكلها دام اقتصادنا هو الاصغر .. لك الله يالبحرين
عام
في نقطه في،موضوع النفط البلد المصدر الى النفط بعد راجع المارد الايراني الى السوق في خوف ليش عشان ايران بلد في بعض الاوقات يبادل النفط مقابل السلع يعني بدون نقدا في هذي الحاله الوضع. يسهل على الدول مثل الصين الو الهند او اليابان اوغير من الدول المصدر ايران تستفيد من الدخل في وتسويق السع شعب محتاج اكثر من 80مليون الباقي متتضرين مثل الخليج بس،محتاج سيوله نقدا ...