منذ نحو عقدين أو أكثر أخذت شوارع البحرين، برمّتها تقريباً، تشهد اختناقات مرورية شديدة، ولم تعد محصورة في الشوارع الحيوية أوالطرق التي نحسبها فرعية، بل باتت تشمل حتى الشوارع السريعة المعروفة بـ «الهاي واي»، وتتسارع وتيرة هذه الاختناقات طرديّاً بقفزات هائلة مُذهلة عاماً بعد عام، ولعل إدارة المرور خير من يملك أرقاماً وإحصائيات دقيقة تؤكد صحة كلامنا، وحسبها أن تقيس هذا التفاقم الطردي السنوي للسنوات العشر الماضية (2005- 2015).
من نافلة القول إن هذه الأزمة المرورية غدت عالمية تعرفها المدن الكبرى، فبحسب تقرير نشرته مدونة «العالم العجيب» تتصدر مدينة بروكسل قائمة أكثر عشر مدن اختناقاً مروريّاً في العالم، تليها على التوالي: انتوريب الهولندية، لوس انجليس، ميلانو الإيطالية، لندن، باريس، هونولولو الأميركية، روتردام الهولندية، مانشستر، سان فرانسيسكو.
لكن اللافت في تعليل الاختناق المروري بمدينة «انتويرب» هو تضخمها السكاني مقارنة بصغر مساحة المدينة، وهو التعليل نفسه تقريباً فيما يتعلق بمدينة هونولولو، وفُسّر ذلك بكونها محور التجارة الدولية، أما مدينة «ميلانو» فقيل إن سبب الاختناق كثرة المركبات المتوقفة في كل مكان... وتكاد تكون أسباب الاختناقات في المدن الثلاث المذكورة هي ذاتها من الأسباب الرئيسية لاختناقاتنا المرورية.
كما أن التضخم السكاني لدينا مقارنة بمساحة البلاد من عوامل الأزمة أيضاً، ذلك أن البحرين في المرتبة الأخيرة عربيّاً وفي المرتبة الـ 184 عالميّاً من حيث المساحة. 15 عاماً فقط تفصلنا عن العام 2030 كنهاية لمدى الرؤية الاقتصادية التي وُضعت قبل 7 سنوات، ولا توجد حتى الآن أي توقعات لحجم الاختناقات المرورية إذا ما سار الوضع بهذه الوتيرة المخيفة من تفاقم الاختناق، وعلى رغم ما أنفق من أموال على مشاريع للتخفيف منها، من (كباري) وطرق سريعة وتوسيعات للشوارع، والغاء دوارات واحلال اشارات ضوئية محلها وخلاف ذلك من الحلول، فإن الاختناق المروري آخذ في التصاعد بمعدلات جنونية أسرع من الحلول ولاسيما في ساعات الذروة.
ومع انه لا توجد احصائيات عالمية عن أكثر مدن العالم في ضخ سيارات جديدة بمختلف أنواعها إلى الشوارع الا أننا نرجح أن عواصمنا الخليجية تتصدر عواصم العالم في هذا الشأن مقارنة بأحجامها السكانية.
ومن نافلة القول ان زيادة المركبات والاختناق المروري يسببان زيادة التلوث البيئي من عوادم السيارات وخاصة الشاحنات.
وبحسب تقرير تلوث الهواء للعام 2014 الصادر عن منظمة الصحة العالمية فإن البحرين تشغل المرتبة العاشرة على قائمة اكثر عشرة بلدان في العالم تلوثاً.
عدا ذلك فإن الاختناق المروري يسبب أيضاً للعاملين والموظفين ضغوطاً هائلة على أمزجتهم النفسية والمعنوية لقضائهم ساعات طويلة في سياراتهم للوصول الى مقار أعمالهم بما ينعكس في تدني انتاجيتهم، دع عنك الحوادث الناجمة من تلك الضغوط على الأعصاب.
ونظراً إلى تلوث هواء مدينة نيودلهي (17 مليون نسمة) اقتدت سلطاتها أخيراً بمدن صينية عديدة لمعالجته من خلال برنامج زمني لتنقل عدد السيارات التي تسير على شوارعها من خلال نظام المناوبة وتحسين وسائل النقل العام، وهنا فإن مما يضاعف اختناقاتنا المرورية هو الغياب الكلي لوسائل مواصلات بديلة تليق بكرامة العاملين والموظفين المتوجهين إلى أعمالهم، أكثر من ذلك لا توجد لدينا شوارع محددة تحظر على الشاحنات الثقيلة السير فيها ليلاً أو نهاراً، أضف إلى ذلك فإن أوقات الذروة النهارية تكاد تنحصر لدينا في ساعة واحدة خلال فترتين (بين السادسة والنصف إلى الثامنة صباحاً، وبين الثانية إلى الثالثة بعد الظهر)، وهي ساعة رجوع كل موظفي الدولة والطلبة والمدرسين وموظفي الشركات الكبرى والبنوك إلى بيوتهم، ولا توجد جدولة لتباعدات وقتية كافية إلى الآن بين تلك المؤسسات كافة، علماً بأنه آن الاوان لإرجاع نهايات دوام كل المراحل الدراسية كما كانت دونما حاجة إلى الصرف على ساعات تمديده، وتبرم المدرسين من عدم صرفها.
ونحن ننفرد بين دول العالم بمرونة هائلة في وقف تنفيذ قوانين المرور في حالتين: الأولى تتمثل في المناسبات الدينية، سواء في ظهيرة أيام الجُمع أم في المناسبات الدينية الأخرى، فكأنما تشريعاتنا المرورية تتعارض مع الشريعة، ولذلك لا يجد الكثيرون حرجاً في أن يركنوا سياراتهم في الشوارع أو فوق الأرصفة. والحالة الثانية تتمثل في الأعياد والمناسبات العامة والرياضية، فنتسامح مع مراهقينا ليحتفلوا بها على طريقتهم الخاصة بالسياقة البطيئة المعطلة لحركة السير ليستمتعوا بممارسة صخبهم بإطلاق الأبواق والاستعراضات الصبيانية الاخرى التي تسيء إلى تلك المناسبات أكثر مما تُحييها.
وقصارى القول، لقد آن الأوان لاجراء دراسات ومقاربات علمية عاجلة لمواجهة الاختناقات المرورية تضع حلولاً عملية ناجعة من بينها تخفيف اختناقات ساعات الذروة والتوعية الدينية بأن تطبيق قانون المرور هو من روح الاسلام ولا يتعارض البتة مع أنظمة السير مهما بعُدت المسافة عن المصلين أو المعزين، وألا يتحرّج شرطة المرور من ضبط المصلين والمعزين المخالفين، بل لربما نالوا ثواباً أعظم عند المولى عز وجل عندما يتحملون قليلاً من العناء في سبيل تأدية الفريضة أو الواجب الديني، وخصوصاً حينما يلمسون تطبيق القانون على الجميع سواسية في مختلف المناسبات الدينية والعامة، فضلاً عن أهمية تدارس سُبل الاستفادة من تجارب الدول في وضع الحلول الأخرى المناسبة.
إقرأ أيضا لـ "رضي السماك"العدد 4883 - الثلثاء 19 يناير 2016م الموافق 09 ربيع الثاني 1437هـ
اولا نشكر الكاتب على هذا المقال. وانا اقول مع الاسف احنا في البحرين عندنا المشكلة في السواق حتى اله دوامه متاخر يطلع من بيتهم من وقت ويسوق على سعة واذا احنا في شارع رئيسي يعطي مجال حق السيارات اله في الشارع الفرعي ومايعطي سيارة وحدة او ثنتين او ثلاث لا وكل شوي يمشي و يوقف وبعدين ويش طول المسار. واحد على سعتة واله يمشي في اقصى اليسار ويسوق خمسين او ستين . وكل من هب ودب واخذ ليسن من الاجانب وسيارات والمحتاج ولغير مو محتاج.
التوقيع:::::
(مواطن مهزوز)
بكل بساطة و بدون عقد الشاحنات يكون له وقت مخصص اي بعد الذروة من الساعة 9 و تتوقف الساعة 2 الظهر و انتهى الموضوع .
أزمة المرور
يشتكي المواطنون من الاختناقات المرورية طوال أيام الأسبوع نظرا لتزايد عدد السيارات والمركبات الثقيلة ومحدودية المساحة فيجب ع الدولة عمل الكباري والانفاق بدل من الإشارات الضوئية التي تزيد من أزمة المرور اليومية وشكرا للكاتبة المحترمة ع اللفتة الكريمة لما يعانيه المواطنون يوميا.
الكاتب ذكر شيئا مهما جدا الا و هو وقت الشاحنات نفس وقت الذروة في الصباح و المساء. يجب على الدولة إصدار قانون يمنع عبور الشاحنات في نفس وقت الذروة و سوف تحل جزئية كبيرة من المشكلة حيث ان من الملاحظ من الشوارع مزدحمة من الشاحنات اذا مب اكثر. لكن لم لا تأخذ إدارة المرور هذا الإجراء لسبب واحد ان التكلفة ستكون على .....