يمر الإنسان بمواقف وظروف متنوعة ومتفاوتة في شدتها، كما تختلف ردود فعلنا باختلاف تلك المواقف وباختلاف درجتها، فمشاعر الحزن أو السعادة أو الخوف أو الغضب كلها مشاعر طبيعية ومحمودة مادامت ضمن المستويات العادية والمقبولة.
واسمحوا لي أن أتطرق لمشاعر الغضب وارتباطها بالقلق واللذين أصبحا من أكثر الانفعالات وضوحاً في حياتنا اليومية والتي تظهر على شكل شكاوى متكررة وغضب ينتقل من شخص لآخر لتكون حالة عامة من السلبية و «التحلطم» بلغتنا العامية على كل شيء، إضافة إلى انتشار آفات كثيرة، مثل محاولة التوافق مع هذه الضغوط من خلال تعاطي المخدرات أو المهدئات بشكل واضح وخطير، أو بازدياد المشكلات الأسرية والخلافات في العمل والقلق من المستقبل لدرجة تصل إلى القلق والاكتئاب المرضي.
قد لا أملك إحصائيات دقيقة في هذا الشأن ولكني كمتخصصة في المجال النفسي من خمسة عشر عاماً، لم أكن أرى هذه الشدة فيما سبق ولكني خلال الثلاث سنوات الماضية ألاحظ هذا التحول وقد أكاد أجزم أنه يلاحظ حتى من قبل غير المختصين.
الغضب انفعال فطري يشعر به الكبار والصغار، ولا يعتبر الغضب في حد ذاته مشكلة، ولكن تكمن خطورة هذا الانفعال بعجز الفرد عن التحكم بغضبه. وقلق المستقبل بمفهومه هو التوجه نحو المستقبل، فهما على طرفي متصل واحد، فبقدر ما يكون قلق المستقبل حافزاً على الإنجاز فإنه يقترب من التوجه نحو المستقبل، وبقدر ما ينخفض مستوى التوجه نحو المستقبل لدى الفرد فإنه يعبر عن قلقة من هذا المستقبل ودفاعه ضد هذا القلق بالإغراق فى الحاضر.
وبالتالي فإن قلق المستقبل يشكل خوفاً مزيجاً من الرعب والأمل بالنسبة للمستقبل والأفكار الوسواسية، وقلق الموت، واليأس بصورة غير معقولة تجعل صاحبه يعاني من التشاؤم من المستقبل وقلق الموت واليأس والأفكار الوسواسية، وقد يعيش الحياة بشكل زائف فيلجأ إلى الكذب وقد يصل إلى الخداع والنفاق فى التعامل مع الواقع من حوله.
ولكن هل نستطيع أن نكبح جماح غضبنا المتزايد مع كل هذه الضغوط والنظرة السوداوية للمستقبل، هذه هي المعادلة الصعبة، وخاصة إذا كانت نظرتنا فيها جزء كبير من الواقعية.
إقرأ أيضا لـ "فاطمة النزر"العدد 4878 - الخميس 14 يناير 2016م الموافق 04 ربيع الثاني 1437هـ
مقال أكثر من رائع
مقال يستحق القراءة والتأمل، شكراً للكاتبة على هذه المعلومات المفيدة ونرجو أن تستمري في تلك المعلومات... كما نشكر جريدة الوسط على هذا الجهد البناء، مع قبول خالص تحياتي
فاطمة
كلام جميل ومفيد شكرا استاذه فاطمة ... من غازي حسين