واحدة من المشكلات التي تواجه عمل الجماعات والمؤسسات هي ما يسمَّى بـ «الفيل في الغرفة» Elephant in the room، وهذه العبارة المجازية تعني أن هناك موضوعاً أو قضية أو مشكلة يراها الجميع (وكأنها بحجم فيل في غرفة الاجتماعات)، ولكن في الوقت ذاته لا أحد يتكلم عن الموضوع، أو يتجرأ التطرق إليه.
وربَّما يكمُن السبب في تجاهل التطرُّق إلى موضوع مهم يعود إلى أن الموضوع يسبِّب حرَجاً بالغاً، أو أنه من المحرّمات، أو أنه يتسبَّب في حساسية مفرطة في بيئة معيَّنة. وبدلاً من مناقشة الموضوع الأهم والأكبر، فإنَّ البعض قد ينفي وجود المشكلة (ينفي وجود فيل في الغرفة) من الأساس، وقد يركّز على صغائر الأمور، أو على الجوانب الفرعية هنا وهناك، أو قد يهرب إلى الأمام عبر الحديث عن مواضيع مستقبلية من دون معالجة الوضع الحاضر، وكل ذلك لتحاشي مناقشة الموضوع الحَرِج، أو التطرُّق إليه بأيِّ وسيلة قد تؤدِّي إلى المَساس بالوضع القائم.
يشير أدريان فورنهام في كتابه «الفيل في مجلس الإدارة» إلى عدة أسباب لبروز هذه المشكلة، منها: هيمنة قادة صعبي المراس لديهم أجندات شخصية، بيئات عمل غير مستقرَّة لديها قيم وثقافات مختلة، وأتباع محتاجون أو مستفيدون أو ضعفاء يمتثلون للبيئة السائدة من دون أن تكون لديهم وسائل تقويميَّة لتصحيح المسار.
إنَّ واحدة من مسئوليات القائد الفعّال تكمن في خلق بيئة مفعمة بالعلاقات الشفافة، المدعومة بالثقة المتبادلة، وعلى القائد أن يقيس الجوانب الإيجابيَّة لمعالجة قضية من هذا النوع بطريقة بنَّاءة. كما ينبغي معرفة المخاطر المحتملة من مواجهة «الفيل في الغرفة»، وماذا يمكن أنْ يكون على المحك بسبب ذلك، وأثر كل ذلك على الشركة، وعلى سمعة القائد، وعلى العلاقات بينه والآخرين، وأن يقيِّم أسوأ ما يمكن حدوثه عند مواجهة، أو عدم مواجهة، قضيَّة من هذا النوع.
قد تكون هناك مخاطر لعدم التصدِّي لمثل هذه المسألة، ولكن في كثير من الحالات، فإن خطر عدم القيام بأي شيء قد يكون أعظم بكثير، كما قد يفقد القائد فرصاً سانحة بسبب الاستمرار في غض الطرف عن تواجد الفيل في الغرفة.
أن عملية التصدِّي لـ «الفيل في الغرفة» قد تتطلَّب معالجة مع شخص ما على انفراد، وربما تتطلَّب التحدث إلى مجموعة صغيرة، أو الاستفادة من أطراف ذات علاقة، أو محايدة، من خارج المؤسسة، أو من خلال عقد لقاء مفتوح مع الموظفين والمسئولين. التصدِّي لمشكلة «الفيل في الغرفة» يتطلَّب أيضاً اختيار التوقيت، لكي لا تتوتَّر الأجواء عاطفياً، ولكي يكون التفكير العقلاني سائداً بكل وضوح.
مشكلة «الفيل في الغرفة» ليست سهلة، وهي قد تُحوِّل المؤسسة إلى ساحة لألعاب السيرك، ويمكن معالجة هذه المشكلة عبر أساليب مثل «التواصل الفعَّال»، التحلي بالشجاعة المهنية لمواجهة المشاكل، «تسوية الخلافات» وإزالة التوتُّر بين الشركاء، وعدم إفساح المجال لسيطرة الأجندات الخفيَّة كل ما أمكنَ ذلك. وهناك أيضاً متطلبات أخرى لمعالجة هذه المشكلة، من بينها: «حوكمة المؤسسة»، اعتماد ثقافة مؤسسيَّة تحثُّ على الشفافيَّة والمساءلة، توضيح الأدوار من دون التباسات، وإدارة الأداء بصورة علميَّة بالاعتماد على البيانات التحليليَّة الموضوعيَّة ومقارنتها مع أداء المنافسين.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 4878 - الخميس 14 يناير 2016م الموافق 04 ربيع الثاني 1437هـ
مقال
مقال رائع .
وماذا تقول عن من لا يريد ان يحلون مشكلته يريد ان يخرب ولا يريد الحوار وعامل نفسه هو الكل في الكل
دكتور الجمري أفندم
ارجع حق عزك وعطنا كل يوم من ها المقالات إللي تبرد القلب واليوف.
صباح الخير دكتور
اعتقد انكم في الصحافة البحرين تمارسون نفس الخطاء فلا احد منكم يتكلم عن الفيل وتهربون لتغطية احداث بسيطة وجانبية ومستقبلية خوفا من الحديث عن الفيل وانا لا الومك يادكتور فكلنا نفعل ذلك الا قليل ممن رحم ربي نسأل الله لهم الفرج ولكن وصف الحل سهل جدا فما اسهل هزيمة الفيل البطئ السمين المهترئ ولكن بالكلام والعبرة حين نقف وجها لوجه امام الفيل ونشعر ان الأرض تهتز من وقع اقدامة حينها سنجد الف الف مبرر لعدم مواجهة الفيل بدعوى العقلانية وعدم التهور ومقتضيات المصلحة.....الخ
ثابت العرادي
مقال رائع.
أتمنى أن تكتب مقالا عن حوكمة المؤسسات
ملخص القول
لم يعد أمر هذه البلاد بيدها
وجدنا مؤسسات تفشل وتنهار بسبب وجود الفيل وتشبثه بموقعة، وامشكلة عندما يكون هذا الفيل احد المساهمين في رأسمال هذه المؤسسة...!!!
مقال في الصميم معظم المسؤلين في الدولة تلاحقهم مشكلة الفيل لا يستطيعون طرح المشاكل الأساسية للدولة أمام مسؤوليهم
جيوش الفيلة
حتى لو كانت جيوش الفيلة في غرفة الاجتماعات لا تنظر لها وإنما وإنما ذبابة تبحث عن قوتها في تلك القاعة تزعجهم ولهذا الدول العريقة في الديمقراطية اوجدوا دساتير سوى مكتوبة أو غير مكتوبة للتلجم تلك الفيلة وزمرة صغار الفيلة
فعلا تركوا الفيل وذهبوا لمناقشة قضية دبابة وبعوضة وحشرة في الغرفة وبقي الفيل في الغرفة يزداد وزنا وحجما والمشكلة تزداد تعقيدا وهم يبحثون عن البعوضة وعن الدبابة
ملخّص القول لم يعد أمر البلاد بيدها
مقال في الصميم دكتورنا العزيز
وصادف إني بس من كم يوم كنت أتلكم مع أحد الإداريين في أحد الجمعيات الخيرية عن نفس المشكلة ... أن عندكم فيل في الغرفة يا جماعة الخير ... وفيل كبير
المقال نسخته إلى جروب الناشطين في مؤسسات المجتمع المدني ... وتكلمت ليهم عن إنه فعلاً هالموضوع محتاج انتباهة منهم ... ما يسمعون منا كأفراد ... بس قد يثير انتباهم كلامك
فيل مريض
الفيل الموجود في الغرفة لديه ... ولا تستطيع النهوض من مكانه حتى للعلاج
عزيزي د. منصور
انت بهذا المقال اكتفيت بتفسير الماء بعد الجهد بالماء.
يا ريتك عرفت بالفيل عوضا عن الاكتفاء بالاشاره الى انواع الافيال
يمقن فيلنا غير عن افيالهم
...
هو التمييز الطائفي و الاستفراد بالقرار و تهميش الغالبية من الشعب بسبب معتقداتهم المذهبية و القمع ضدهم، في ازمة انخفاض النفط نرى بوضوح ان ادارة الازمة فاشله و تتخبط فبدلا من ان تعيد الحكومة النظر في سياساتها الاقصائية ضد غالبية الشعب تقوم بحلول ترقيعيه هنا و هناك من خلال رفع الدعم وهذا ما سيزيد من قاعدة المعارضة و سيتكتل الشعب كل الشعب ضدهم
إقحام الطئفيه في كلشيء
لماذا إقحام الطائفيه والتمييز في كلَ شيئ لماذا هذا الإنغلاق علي الذات لمذا لا تريد أن توسع بوءرة نظرك وتفكيرك لتري إن كان مناسباً إقحام السياسه وهذا الهاجس الذي لاينفك يلازمك في كل موضوع يطرح للنقاش ، اليست هناك أمور أخري مطلوب مناقشتها في المجتمع والشركات حتي تحسّن من أدائها وتتطور غير هذا الهاجس الذي يجعلك تتسمّر وتراوح في مكانك !
هذا لغز
البركة في مشاركة القراء يوضحون لينا نوع الفيل هل هو فيل سرك لو فيل غابات ينظر للناس بعدوانية
الفيل
لو.كان فيل كان من السهل إخراجه فالفيل يخاف من الفأر ... ولكن لو كان د....... فكيف سيكون الوضع....
6
مشكلة لفيلة اذا جثمت ما تقوم الا اذا هلكت الحرث والنسل ... مقال متعدد القراءات .. تسلم دكتور