قال مسئولون عراقيون إن مقاتلي تنظيم "داعش" غادروا مدينة الرمادي بعد أن زرعوا عبوات ناسفة في مبانيها وشوارعها مما يعيق عملية إعادة البناء بعد أسبوعين من إعلان قوات النخبة لمكافحة الإرهاب النصر هناك.
واعتبرت استعادة الرمادي أكبر المدن التي استردتها القوات العراقية بأنها أول نجاح رئيسي يحققه الجيش العراقي منذ انهياره أمام الهجوم الخاطف الذي شنه تنظيم "داعش" عبر شمال البلاد وغربها قبل 18 شهراً. وأجبرت القوات العراقية مقاتلي التنظيم على التراجع إلى الضواحي الشرقية للرمادي لكن الدخول إلى معظم أرجاء المدينة التي تضررت جراء غارات قوات التحالف الدولية ما زال محظوراً على ما يقارب نصف مليون نازح من سكانها هرب معظمهم قبل تقدم الجيش.
وقال صهيب الراوي محافظ الأنبار يوم السبت في مجمع مؤقت للحكومة جنوب شرقي الرمادي إن قوات الأمن تتقدم داخل المدينة وإن أغلب المناطق أصبحت تحت سيطرة القوات الآن.
وأضاف أن غالب الشوارع في الرمادي ملغومة بالعبوات الناسفة ولذلك تستلزم جهدا وخبرات كبيرة لتأمينها مشيراً إلى أن وحدات متخصصة لتفكيك المتفجرات من الشرطة وقوات الدفاع المدنية ستبدأ العمل قريباً.
وقالت المصادر الأمنية إن قوات مكافحة الإرهاب التي قادت الحملة العسكرية لاستعادة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار الغربية تعمل على تأمين الشوارع الرئيسية والمباني التي تعتبر ذات أهمية تكتيكية.
وأضافت المصادر أن القوات قامت ببناء سواتر ترابية عند مدخل الأحياء الوسطى التي تأكد خلوها من المتشددين لكن المتفجرات مازالت تنتشر فيها ووضعت علامات على مبان من الخارج بما يفيد أنها ملغومة.
كما أبطأ وجود القناصين أيضاً التقدم داخل المدينة مما اضطر القوات العراقية للقضاء عليهم عبر الاستعانة بالغارات الجوية المدمرة التي زاد عددها عن 55 في الأسبوعين الأخيرين وفقاً للتحالف.
وقال الفريق الركن عبد الغني الأسدي إن القوات العراقية طردت يوم السبت المسلحين من منطقة الملعب وضمت بذلك آخر أحياء الرمادي الرئيسية إلى نطاق سيطرتها.
وانسحبت القوات العراقية من الرمادي في مايو/ أيار من العام الماضي مما أتاح لتنظيم "داعش" السيطرة عليها.
وأوضحت المصادر الأمنية أن مسلحي التنظيم متحصنين في منطقة تمتد لعشرة كيلومترات شرقاً باتجاه الحصيبة الشرقية وهم بختبئون في الأراضي الزراعية لتجنب الكشف عن مواقعهم. وأشارت المصادر إلى أن تطهير هذه المناطق قد يستغرق حتى عشرة أيام.
وأسفرت مئات الغارات منذ يوليو/ تموز فضلاً عن التخريب الذي ألحقه تنظيم "داعش" بالمدينة إلى تحويل معظمها لأنقاض.
وقالت نائبة رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق، ليز غراند إن البرنامج ينتظر الضوء الأخضر من الحكومة العراقية لدخول المدينة وبدء أعمال إعادة البناء. وأعد برنامج الأمم المتحدة 100 مولد كهربائي وشبكات كهربائية نقالة لتوفير مصادر مؤقتة للطاقة في حين ستكشف عملية تقييم الأضرار لما تبقى من البنية التحتية في الرمادي المجالات التي سيتم التركيز عليها.
وقالت غراند إن المدينة تحتاج نحو 20 مليون دولار على الفور لتوفير الاحتياجات الإنسانية الفورية ومليارات إضافية من أجل إعادة الإعمار على المدى الطويل.
وأضافت "استعادة البنية التحتية أمر مهم للغاية لكن العامل الرئيسي الذي سيحث الناس على العودة هو عندما يعتقدون أن الأمن مستتب". ويلي الرمادي تحدياً أكبر يتمثل في مدينة الموصل التي تبعد 400 كيلومتر شمالي بغداد حيث يتواجد 3200 مقاتل من "داعش" أي أكثر من ثلاثة أمثال العدد الذي كان يحتل الرمادي وفقا للتحالف.
كما تتواجد في الموصل كثافة سكانية أكبر من الرمادي إذ أن معظم سكانها البالغين نحو مليوني نسمة قبل الاحتلال لم يغادروها.
وأثار الدمار في الرمادي انتقادات الميليشيات المدعومة من إيران التي استبعدت عن المشاركة في المعارك خوفا من إثارة النعرات الطائفية. وعلى رغم الاتهامات التي وجهت إليهم بانتهاك حقوق الإنسان تقول جماعات مثل "عصائب أهل الحق" انه كان بإمكانها استعادة الرمادي وهي بحال أفضل.