دخلت امرأة إلى مكتب الباحث نيدو كوبين، وأخبرته أنه وحده من يستطيع مساعدتها؛ إذ إنها تحدثت إلى كثير من الناس عن مشكلتها ولا أحد كان قادراً على مساعدتها، فلما سألها عن المشكلة أجابت: «الجميع يكرهني، زوجي يكرهني، أطفالي يكرهوني، والأشخاص الذين أعمل معهم يكرهوني، حتى كاهني يكرهني» .
يقول كوبين: «بعد استماعي لها لساعة ونصف تقريباً شعرتُ بنفسي وكأنني أكرهها وفهمتُ لماذا وجد الناس صعوبة في محبتها... السبب هو تغييبها التام لثقتها بنفسها والحط الكامل من تقديرها لنفسها أمام الآخرين، الأمر الذي سبب لها كرهاً لذاتها، فانعكس آليًّا على الآخرين».
بعض الأشخاص يستطيع بنجاحٍ باهرٍ أن يمرر شعوره الداخلي تجاه نفسه إلى الآخرين، حتى ولو كان هذا الشعور سلبيّاً، وما إن يغيّر نظرته لنفسه حتى يجد أن من حوله بدأ بتغيير تعاملهم معه ورؤيتهم له. بعضهم يمرر ما هو ليس واقعيّاً لكنه إيجابي، يبدأ بتمرير ألقاب وضعها لنفسه، ثم يمرر إلى غيره مشاعر حول ذاته ربما تكون معاكسة تماماً لحقيقته، لكن بقدرته استطاع أن يكرّسها في نفسه، ومن ثم لدى غيره حتى يكونها بالفعل، وكثير من الناس بدأت رحلتهم مع التغيير نحو الأفضل باستخدام هذا الأسلوب، في حين استطاع بعضهم أن يكون كتلك المرأة أعلاه، بغفلته تجاه ما يوصله إلى غيره من مشاعر، ومن دون أدنى انتباه إلى أن تقديره لنفسه يدفع غيره إلى تقديرهم له، ورؤيته الدنيا لنفسه تنتقل إلى الآخرين الذين لا يرون إلا ما يسمعونه منا ويشاهدونه في تصرفاتنا.
يقول أحدهم: هناك بالفعل شخصان داخل كل منا: شخصٌ يتوق إلى العظمة، وشخصٌ صغير يقف في الطريق ويصيح: لا تستطيع. وإن تنمية أحد الشخصين تعود إلى اختيارنا نحن.
أن يكون الشخص الذي يتوق إلى العظمة هو الأكبر بداخلنا فإن هذا سيؤدي إلى نجاحنا مهما علا صوت الآخر الذي يحاول أن يعيدنا إلى ما يُسمّى في علم البرمجة اللغوية «دائرة الارتياح»، وهي الدائرة التي تقاوم التغيير وتقدم البدائل والأعذار التي تجعلنا لا نبرح أماكننا ونفضل أوضاعنا الحالية مهما تكن متعبة، ومهما تكن محاطة بالاخفاقات والكسل والخمول والفشل. أما عندما يكبر الصغير الذي يوصينا دائمًا بالتوقف قبل الوصول لأي إنجاز فإن حياتنا لابد أن تكون عبارة عن مراوحة بين الخطوة الأولى والعودة إلى دائرة الصفر.
الحياة تتطلب منا ذكاءً اجتماعيّاً وعاطفيّاً وعلميّاً، وتتطلب منا أن نكون يقظين فيما نمرره إلى الآخرين كي نعيشها كما يجب ونعيش بها سعادة لا تزول مهما صادفتنا محطات من اليأس والإحباط والاخفاق الذي لابد أن نعيشه لنعرف معنى لذة النجاح.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4867 - الأحد 03 يناير 2016م الموافق 23 ربيع الاول 1437هـ