بدأ الناخبون في إفريقيا الوسطى الإدلاء بأصواتهم اليوم الأربعاء (30 ديسمبر/ كانون الأول 2015) في دورة أولى من انتخابات رئاسية وتشريعية يفترض أن تخرج البلاد من أعمال العنف المستمرة منذ ثلاث سنوات والتي دفعت بهذا البلد الذي يعد من أفقر دول العالم إلى أزمة غير مسبوقة.
وفي بانغي، فتح عدد كبير من مكاتب التصويت أبوابه، خصوصاً في منطقة "بي كاي-5" المسلمة، حيث بدأ التصويت صباحاً في مدرسة كودوكو التي استهدفتها صواريخ في 13 ديسمبر/ كانون الأول خلال استفتاء دستوري. وأسفرت تلك الصواريخ التي أطلقها متطرفون يعارضون العملية الانتخابية عن مقتل خمسة أشخاص.
واتخذت قوات الأمم المتحدة تدابير مشددة اليوم ، وسط أجواء حماسية لكنها هادئة.
وقال عثمان (27 عاما) أحد هؤلاء الناخبين لوكالة "فرانس برس": "أدلي بصوتي لأني أحب وطني، ومن أجل بناء البلاد والمستشفيات وحتى المدارس".
وتجلت هذه الحماسة في مختلف أحياء العاصمة. وقال الإداري المدني فيليب بودو في الدائرة الثانية "سنغير مصير البلاد اليوم. ويجب ألا يتعرض صوت الشعب للتزوير هذه المرة". وأكدت الشابة لوسي "سننتخب رئيساً جيداً للبلاد".
وفي هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 4.8 ملايين نسمة، وتشكل الأرياف القسم الأكبر منه، تسجل الناخبون بأعداد كبيرة في اللوائح الانتخابية. وأرجئت هذه الانتخابات مرات عدة بسبب غياب الأمن المستمر في بعض المناطق الواقعة تحت سيطرة عصابات مسلحة.
وتقرر إجراؤها في 13 ديسمبر ثم أرجئ الموعد إلى 27 ديسمبر بسبب انشغال السلطات باستفتاء دستوري. وبعد ذلك أرجئت ثلاثة أيام فقط إلى اليوم 30 ديسمبر.
وهذا التأجيل الأخير سببه خصوصاً التأخير في نقل بطاقات الاقتراع إلى مناطق نائية والتأخر في طباعة وتوزيع بطاقات الناخبين وعملية أخيرة لتأهيل العاملين في الانتخابات. وهذه النقطة مهمة. فقد صرح مصدر دبلوماسي أن الكثير من النتائج استبعدت خلال الاستفتاء بسبب إجراءات التأكد من صلاحيتها. وهذا ما يفسر النسبة الضئيلة للمشاركة التي أعلنت رسمياً وقدرها 38 في المئة من الناخبين مع أنها في الواقع تبلغ نحو الضعف، حسب هذا المصدر.
وتفيد المعلومات الأولية التي جمعتها وكالة "فرانس برس"، أن العمليات الانتخابية قد بدأت في موعدها تقريباً في عدد كبير من مدن الأقاليم، ولاسيما بوار وبربيراتي وبمباري ونديلي حيث عرقل مسلحون سير الاستفتاء.
ويتنافس في الاقتراع الرئاسي ثلاثون مرشحاً معظمهم لا يحظى بأي فرصة للفوز. وحتى الأحد لم تعلن الهيئة الوطنية للانتخابات مصادقتها على عدد المرشحين لمقاعد نيابية (1800 مبدئياً) بسبب طعون.
وفي الاقتراع الرئاسي يبرز ثلاثة مرشحين هم انيسيه جورج دولوغيليه ومارتن زيغيلي وهما اثنان من رؤساء الحكومة في عهد الرئيس الراحل انج فيليكس باتاسي، وعبدالكريم ميكاسوا الذي تولى حقائب وزارية عدة في عهد فرنسوا بوزيزيه.
وكانوا جميعهم يقومون بحملات الاثنين في بانغي وكذلك في مناطق أخرى للذين يستطيعون منهم التنقل بالطائرة في بلد واسع تتسم الطرق فيه بالوعورة. وانتهت الحملة الانتخابية منتصف ليل الاثنين وسط أجواء ارتياح.
وكانت الإطاحة بالرئيس بوزيزيه في مارس/ آذار 2013 من قبل حركة التمرد سيليكا التي يهيمن عليها المسلمون ويقودها ميشال جوتوديا دفع البلاد إلى دوامة من أعمال العنف بين المجموعتين المسيحية والمسلمة بلغت أوجها مع وقوع مجازر واسعة ونزوح مئات الآلاف من الأشخاص في بانغي ومناطق أخرى.
واضطر جوتوديا الذي اتهمته الأسرة الدولية بالتقاعس للاستقالة مطلع 2014 وسط تدخل عسكري دولي بقيادة فرنسا.
وتحاول إفريقيا الوسطى التي تقودها منذ ذلك الحين الرئيسة الانتقالية كاترين سامبا بانزا تضميد جروحها وإصلاح اقتصاد مدمر يعتمد على الدائنين وعلى رأسهم فرنسا الذين يدفعون باتجاه تنظيم انتخابات على رغم الغياب المستمر للأمن.
واستبعد آخر ثلاثة رؤساء للبلاد من الاقتراع، أي بوزيزيه وجوتوديا اللذان يقيمان في المنفى حاليا ويخضعان لعقوبات دولية، بينما يمنع الميثاق الانتقالي الرئيسة سامبا بانزا من الترشح.