قد يكون مستقبل انتعاش أسعار النفط هو الشغل الشاغل لمعظم المراقبين والاقتصاديين للعام المقبل، فهل سيرتد السوق للصعود بعدما وصلت الأسعار الى القاع دون الثلاثين دولارا، وهل هناك مخاوف من استمرار هذا التراجع؟ ، وفق ما نقلت صحيفة "القبس" الكويتية اليوم الإثنين (28 ديسمبر / كانون الأول 2015).
لا شك في أن النفط بات يمثل «قبان» التوازن الاقتصادي العالمي ،وهو عصب الصناعات والاستثمارات، وبالتالي فنحن نعيش على إيقاعات هذا السوق ليلا ونهارا، ومع أي تغيير في السعر نرسم الخطط والتوقعات.
خبراء ومختصون تحدثوا لـ«العربية نت» حول مستقبل السوق، وأجمعوا على التفاؤل بانتعاش الأسعار، لكن مع تحسن المناخ الاقتصادي العالمي وارتفاع الطلب. وقالوا إن شهر يناير المقبل سيحدد اتجاه السوق وسقف القاع مع قدوم النفط الإيراني، واستيعابه ومعرفة حجمه، وإن كانت التوقعات ألا تتجاوز الكمية 300 الف برميل يوميا بشكل تدريجي.
ووفقا للخبير محمد الشطي، فإن «قاع أسعار برنت هو 30 دولارا للبرميل، يبدأ بعدها السوق بالتعافي باتجاه 45 دولارا للبرميل مع نهاية العام، مع مؤشرات ينتظرها السوق تتمثل في ثلاثة أمور: سحوبات من المخزون، هبوط في إنتاج الولايات المتحدة الأميركية، وأداء أفضل للاقتصاد العالمي».
وقال الشطي «سيكون متوسط أسعار نفط خام برنت لعام 2016 عند 40 دولارا للبرميل، وأنا متفائل بشأن عودة أوبك لدورها في تنظيم المعروض مع نهاية عام 2016، وأي تصعيد جيوسياسي سيكون لمصلحة تعافي الأسعار.
الإضافات والفائدة
إلى ذلك، يؤكد الخبير النفطي د. عبدالسميع بهبهاني «ان الدراسات التي تعد لتقييم أسعار نفط برنت لسنة 2016 وما بعدها على المدى المتوسط تلحظ بعين الاعتبار الاضافات النفطية لبعض الدول المهمة، كايران والعراق والسعودية والولايات المتحدة ومن ثم زيادة العرض».
وقال «قد نشهد هدوءا على اعتبار عدم وجود تغير سياسي ملحوظ ومباشر على الانتاج والتصدير».
لكن بهبهاني يؤكد في حديثه على أهمية عدة عوامل ستتحكم في مسار سوق النفط، ومنها قرار الفدرالي الأميركي برفع الفائدة، وذلك بين عامي 2016 الى 2018، ويرى أن أثر قرار رفع الفائدة الأميركية على سوق النفط غير مباشر، اضافة إلى التوقع بانخفاض اقتصادات الأسواق الناشئة التي من أهمها السوق الصيني، ومن ثم انخفاض أكثر للطلب على النفط.
الدولار إلى ارتفاع
وقال بهبهاني: يصاحب رفع الفائدة قرار محتمل برفع الحظر على تصدير النفط الأميركي خارج الولايات المتحدة، ورغم أنها سوف تكون إضافة قليلة نسبيا (500 برميل يوميا) فإن له اثرا نفسيا يؤثر في الأسعار في الهبوط.وقال «من المتوقع أن يرتفع سعر صرف الدولار أكثر أمام العملات الأساسية، وهذا يعني ازدياد كلفة المواد الأولية في الصناعة النفطية ويعني زيادة في الهبوط».
وقال: كثير من الدراسات تستنتج أن خطة ارتفاع التضخم طموحة جدا وغير واقعية، في ظل المعطيات الأساسية الحالية، خاصة بسعر النفط الهابط.
ويشير بهبهاني الى اعتبارات توتر منطقة الشرق الأوسط الجيوسياسية، ودخول الربع الأول والثاني من 2016، وأن خام برنت سيتارجح بين 35- 36 دولارا، وقد يرتفع السعر الى 37- 40 دولاراً، ثم يبدأ بالهبوط إلى مستويات 30 دولاراً، متوقعاً أن ينتهي معدل خام برنت إلى مستوى 25 إلى 30 دولارا للبرميل.
وقال: رغم فلتان الإنتاج الحالي لدول «أوپك» وتخمة السوق مازلت أرى أن «أوپك» مجتمعة لها القدرة على العودة للتحكم بالسوق شرط تطهير الاقتصاد من البعد الجيوسياسي.
ولعل أقرب حلول معالجة الأمر هو التدرج في خفض الإنتاج، بما يناسب مواسم العرض والطلب، والشفافية في استعمال الوسائل الاعلامية، فزمن الاسرار في هذه الامور قد ولى. واعتقادي أن من أكبر الأخطاء هو علاج تعويض الخسارة المالية، هو بزيادة الإنتاج لأن فيه الأسوأ، وهو فلتان الأمور وخروجها عن السيطرة.
لا قلق من التصدير الأميركي
وقال بهبهاني: لست قلقا من القرار الأميركي برفع الحظر على تصدير النفط الأميركي الخفيف، على الاقل إلى منتصف 2017. فباعتقادي ان الولايات المتحدة قد رصدت ميزانية لزيادة سعة التخزين و زيادة قدرة الموانئ في خليج المكسيك لاستقبال البواخر العملاقة - أي اكبر من سعة مليون برميل - وغير هذا سوف لن يكون التصدير مجديا لكلفة النقل الطويل والتأمين عليه. في تصوري ان شركات الولايات المتحدة قادرة على الاستعانة ببعض خطوط الانابيب لتوصيل زيت «حقل باكن الصخري» الخفيف الى كندا لتخفيف نفطها الثقيل. وكما اسلفت في المقال ان بداية التصدير سوف لا تتعدى 500 برميل يوميا.
وأضاف: ما يقلق حقاً، هو ان الولايات المتحدة اقرت ضريبة %1 من بيع نفوط التصدير لتذهب مباشرة الى ابحاث الطاقة البديلة، مع التركيز حالياً على الطاقة الشمسية. وأتوقع قفزات في تطور هذا البديل، لتضغط على انتاج النفط على غرار تطور الانتاج الصخري. أما الاثر السعري في نفط خام برنت فلن يكون في المنظور القريب.
من جانبه، أكد الخبير كامل الحرمي تفاؤله بصعود الاسعار، وقال «إن الأسعار ستتحسن، خصوصا أن الجميع قد خسر من تراجع النفط ، اضافة الى أن انخفاض انتاج النفط الأميركي من شأنه أن يعزز مسار الأسعار في 2016».