العدد 486 - الأحد 04 يناير 2004م الموافق 11 ذي القعدة 1424هـ

محاضرة صنع الله

عبدالله العباسي comments [at] alwasatnews.com

ضمن سلسلة الفعاليات الثقافية المتميزة التي يقيمها مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة بالمحرق عادة تمتعنا قبل أيام بالاستماع إلى محاضرة للروائي المعروف صنع الله إبراهيم تحت عنوان «دور المثقف العربي في مواجهة السلطة»، وقد لمع هذا الكاتب حديثا عندما رفض جائزة الدولة التي تبلغ قيمتها 100 ألف جنيه احتجاجا على مواقف الحكومة المصرية من حقوق الإنسان والعلاقات المصرية الإسرائيلية وجملة من الأشياء الأخرى. ولأننا أمة مستضعفة ولا شجاعة لها بأن تفعل ما فعله الشعب الجورجي في رئيسه شيفاردنادزه فاستقال (مكره أخاك لا بطل) كما تروجه بعض الفضائيات، لهذا نعجب كثيرا عندما يتجرأ أي مثقف أو مفكر عربي على الاحتجاج في وضح النهار ضد نظامه.

ومن هنا لمع نجم الراوي صنع الله لأنه خرج على الناموس الطبيعي للمثقفين العرب، وقال: أنا أرفض هذه الجائزة حتى لا أصبح أسيرا لأصحابها وهم السلطة فيما بعد.

وحاولت الجهات التي رفض الكاتب جائزتها وسط ذهولهم وخصوصا بعد أن ضاعفوا المبلغ من خمسين إلى مئة ألف جنيه فأرادت أن تثأر لكرامتها وكرامة جائزتها التي خُدشت ومعها عدد من المثقفين الذين حسدوا الكاتب المتمرد فحاولوا تشويهه بطرحهم سؤالا اعتقدوا محرجا له، وهو: كيف قَبِلَ بجائزة مؤسسة العويس ورفض هذه الجائزة؟ وكان الرد - حسب ظني - سهلا وواضحا وهو أن الجائزة الأخرى رُصدت من أموال شاعر إماراتي ثري معروف لا ارتباط له بالأنظمة الرسمية وهو المرحوم سلطان العويس، وكان يذكرني - رحمه الله - بشاعرنا الكبير المرحوم إبراهيم العريض، فقد كان كلاهما شاعرا باللغتين العربية والإنجليزية، والعويس كان ثريا وكريما، ما جعله يترك وقفا بعده للصرف على جوائز مؤسسته.

المهم أن المحاضر - مع كل اعتزازي بقدراته كروائي كبير - لم يُوفق في أطروحته السياسية أو لم يفهم الكثيرون جيدا ما كان يودُّ توصيله فأثار كثيرا من الأسئلة والحوارات الساخنة، فقد أعد ملخصا مرتجلا وسريعا لأفكاره، ما أثار تلك الحوارات. المهم أن صنع الله إبراهيم روائي كبير له مكانته في ساحة الرواية العربية وصاحب موقف سياسي أثار إعجاب المواطن العربي، وليس المهم أن يكون موسوعيا حتى في الفكر السياسي.

وأمتنا بحاجة إلى مواقف صلبة للمثقفين لا منظِّرين يتحدثون أكثر مما يفعلون. وهذا ما أكدته الآية الكريمة «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون»، (التوبة: 105). فالإنسان مواقف لا مجرد ثرثرة

العدد 486 - الأحد 04 يناير 2004م الموافق 11 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً