تؤكد تقارير وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) والقيادة المركزية الأميركية عن خسائر قوات الاحتلال الأميركي في العراق عقب اعتقال الرئيس العراقي صدام حسين، مقتل جندي أميركي واحد على الأقل يوميا بفعل عمليات المقاومة العراقية. فمنذ 13 شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي اعترفت «البنتاغون» بمقتل 25 جنديا أميركيا على الأقل. فيما أثارت حالات الانتحار المتزايدة بين جنود الاحتلال الأميركي قلق الخبراء النفسيين، إذ اعترفت «البنتاغون» بانتحار 18 جنديا أميركيا منذ إعلان الرئيس الأميركي جورج بوش في 1 مايو/ أيار الماضي انتهاء العمليات العسكرية الرئيسية في العراق.
ولا يعلق المسئولون العسكريون الأميركيون أهمية على هذا العدد من القتلى بعد اعتقال الرئيس العراقي مباشرة بدعوى أنه لم يمض سوى وقت قليل جدا لكي يكون عدد القتلى الأميركيين مؤشرا على تأثير اعتقاله أو تأثير زيادة الغارات الأميركية والاعتقالات التي جرت بعد استخدام معلومات قالوا انها توافرت لديهم نتيجة الاعتقال.
وأظهرت عمليات المقاومة العراقية عشية عيد الميلاد و عشية رأس السنة الجديدة أن الثوار العراقيين مازالوا مصممين على إلحاق مزيد من الخسائر في صفوف قوات الاحتلال إذ زاد عدد القتلى على 18 بينهم 13 أميركيا. وقتل في شهر ديسمبر الماضي لوحده وفق تقارير البنتاغون 39 جنديا أميركيا وهو نصف عدد القتلى الذين اعترفت البنتاغون بهم في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني (82 قتيلا).
ويشير تحليل عسكري لتقارير البنتاغون بشأن القتلى الأميركيين في العراق في الآونة الأخيرة إلى أنه لأول مرة في الحرب تسقط أكثرية القتلى الأميركيين في شهر ديسمبر بفعل قنابل مصنوعة من أجهزة تفجير محسنة من الجيش العراقي، ونحو 70 في المئة من هؤلاء القتلى سقطوا بسبب هذه القنابل مقارنة مع 34 في المئة من القتلى بسبب هذه القنابل في شهر نوفمبر الماضي. ومات أميركيون في منطقة واسعة في جميع أنحاء وسط وشمال العراق في ديسمبر. وهذا استمرار لاتجاه بدأ في شهر نوفمبر الماضي نشرت قوات المقاومة عملياتها إلى ما وراء المناطق القريبة من بغداد إذ المشاعر المعادية للاحتلال الأميركي أقوى ما يكون. وثلث القتلى الأميركيين وقع في بغداد نفسها. وسقط قتلى أميركيون على بعد 1125 كيلومترا من بغداد في شهر ديسمبر وعلى بعد 190 كيلومترا من بغداد في شهر نوفمبر. ونحو 10 في المئة من القتلى الأميركيين في شهر ديسمبر كانوا من الضباط. وان أكثر من الثلث بقليل من ضباط الصف والبقية من مراتب أخرى من الجنود. وان معدل أعمار قتلى شهر ديسمبر هو 28 سنة وهو معدل الأعمار نفسه لقتلى الأشهر 10 التي مضت على الاحتلال الأميركي للعراق.
من جهة أخرى يقوم الجيش الأميركي بالتحقيق في زيادة عمليات الانتحار في القوات الأميركية في منطقة الخليج العربي، إذ بلغ عدد المنتحرين في العراق منذ 1 مايو الماضي 18 جنديا واثنين من مشاة البحرية (المارينز).
وقال خبراء من خارج الجيش الأميركي ان ارتفاع حالات الانتحار يثير القلق بالمقارنة مع معدل نسب الانتحار في الجيش. وقال مسئولون في البنتاغون إن تقريرا أعده فريق من 12 عضوا من خبراء الصحة العقلية كانوا أرسلوا إلى العراق في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي لتقييم الصحة العقلية للجنود الأميركيين سيتم نشره الأسبوع المقبل. ويأمل خبراء مستقلون أن يقدم التقرير رؤية عن أسباب عمليات الانتحار، أهي ناجمة عن قضايا شخصية مثل فقدان العلاقات الحميمة أم ناجمة عن مسائل قانونية ومالية أم هي نتيجة قضايا أكبر وأكثر حساسية مثل المهمة الأميركية في العراق؟
والقضايا الأكبر التي يشير إليها الخبراء النفسانيون تتعلق بمعنويات الجنود الأميركيين في العراق. وكثير منهم اشتكوا من طول مدة وجودهم هناك، وهم يتساءلون إن كانت حكومة بوش تزيد من توتر جنودها بهذه الممارسات مثل نشر الجنود الأميركيين في مهمات متتابعة من دون إعطائهم مدة كافية من الوقت للبقاء مع عائلاتهم.
ويقول خبراء في حالات الانتحار ممن لهم خلفية عسكرية ان عمليات الانتحار التي كشف النقاب عنها تعتبر رقما مرتفعا، وباستخدام نسبة الانتحار في الجيش الأميركي خلال 12 شهرا والتي تصل إلى 12 عملية انتحار لكل مئة ألف فإن هذه النسبة في العراق يجب أن تصل إلى 13 حالة انتحار في هذه المرحلة. ويقول الدكتور في الأمراض العقلية بول راجان، الذي خدم في البحرية الأميركية لمدة 11 عاما، ان الرقم الحالي وهو 20 حالة انتحار في العراق مع قيام الجيش بالتحقيق لمعرفة إن كانت هناك حالات انتحار أكثر أمر مقلق ويحتاج إلى عناية والتحرك لمعالجة الأمر
العدد 486 - الأحد 04 يناير 2004م الموافق 11 ذي القعدة 1424هـ