أكد الرئيس الألماني، في كلمته بمناسبة أعياد الميلاد، اليوم الجمعة (25 ديسمبر/ كانون الأول 2015)، أن الألمان أظهروا "وجها لبلاد إنسانية" من خلال مساعدتهم للاجيئن، داعيا في الوقت نفسه إلى مواجهة كل أشكال العنف ضد هؤلاء بكل قوة. وإليكم النص الكامل لكلمة الرئيس الألماني.
وفيما يلي النص الكامل لكلمة الرئيس الألماني:
عيد ميلاد سعيد، هذا ما نتمناه لبعضنا البعض كل عام. لكن هذا العام ليس من السهل على الكثيرين منا معايشة الأجواء الاحتفالية بالعيد. صحيح أن أغلبية الألمان أحيوا الذكرى الخامسة والعشرين لبلادنا الموحدة والحرة والديمقراطية وهم فرحون وشاكرون. لكن هذا العام اتسم بقدر كبير من المصائب والعنف والإرهاب والحرب. كلنا نتذكر مأساة سقوط الطائرة في جبال الآلب الفرنسية. ونستذكر كل الأزمات المترافقة والمتتابعة والتي يستمر معظمها وتثير القلق لدى الكثيرين، وغالبا ما تثير الخوف أيضا. أذكر هنا الأزمة المالية والخلاف المتنامي في الاتحاد الأوروبي. وأذكر النقاش المكثف حول مستقبل اليونان. وأفكر أيضا في أوكرانيا وسوريا وأفغانستان والمناطق المهددة بالإرهاب في إفريقيا. واليوم في عيد الميلاد، أفكر على نحو خاص فيمن يتعرضون للاضطهاد بسبب عقيدتهم المسيحية.
أحيي شاكرا أفراد الإغاثة المدنية الذين ينشطون بلا كلل أو تعب في مناطق يسودها الجوع والعوز والحرب الأهلية. كما أحيي أيضا الجنديات والجنود الذين يخوضون الكفاح الخطر لاقتلاع جذور الإرهاب والذي عصف بباريس أيضا قبل فترة وجيزة.
الكثير من الألمان أظهروا "وجهاً لبلاد رحيمة وإنسانية"
لكن السؤال الذي يشغلنا حاليا على نحو خاص هو: كيف ينبغي علينا التعامل مع اللاجئين الكثيرين الذين أتوا إلى بلادنا بحثا عن مأوى ومستقبل؟
لقد واجهنا ولا زلنا نواجه تحديا كبيرا للغاية. وبينما وصلت طاقة الهيئات الحكومية إلى حدودها القصوى، رحبتم عزيزاتي المواطنات وأعزائي المواطنين بالناس بصورة عفوية وكأن هذه الأمور بديهية. لقد وفرتم كميات كبيرة من الطعام والشراب والأغطية والملابس. ونظمتم دورات لغوية وقدمتم المساعدة للاجئين في الإجراءات الإدارية. لقد أصبحتم جميعا وجها لبلاد رحيمة وإنسانية.
لقد بذل الكثيرون ما بوسعهم منطلقين أيضا من موقعهم الوظيفي في الهيئات الإدارية في الولايات والمدن وفي هيئات الشؤون الصحية والاجتماعية وفي المدارس ورياض الأطفال ولدى شرطة الولايات والشرطة الاتحادية وفي الهيئات الاتحادية والوزارات. لقد أظهرنا من خلال عملنا الرئيسي أو الطوعي حسن الإرادة والاحترافية والسلوك التلقائي أيضا. ولقد رأينا أن الفرد والمجتمع أيضا يمكنهما باستمرار أن يكتشفا ذواتهما من جديد وينموا. فبهذا يمكن للبلاد التعرف على ذاتها في مواجهة التحديات، وأنا متيقن من أنها ستكون أيضا قادرة على التغلب عليها.
إن حدة النقاش الدائر حاليا تثقل كاهل الكثيرين، لكن دعوني أذكَر بالتالي: إن الخلاف في الرأي لا يعطل العيش المشترك بل هو جزء من الديمقراطية. دعونا نسير في طريق للخروج من دائرة الاستقطابات الخاطئة. فالمواطنون ورؤساء البلديات المتضامنون والناشطون، هم من ينبهون غالبا إلى المشاكل العالقة. وهناك شيء واحد واضح: العنف والكراهية ليسا وسيلة شرعية لحل الخلافات. وإشعال الحرائق والاعتداء على أناس عزل يستحقان احتقارنا والعقاب أيضا.
ومن الواضح بالقدر نفسه، هو أن النقاش العلني والصريح هو الطريق الوحيد لإيجاد حلول تصمد طويلا وتتبناها الأغلبية. فنحن المواطنين ونوابنا المنتخبين، هم من يطور ويدافع عن كل ما يجعل بلادنا الليبرالية والديمقراطية مكانا نحبه ويطيب لنا العيش فيه. نحن من سيجد الحلول التي تتماشى مع قيمنا الأخلاقية والتي لا تشكل خطرا على التضافر الاجتماعي. حلول تأخذ رفاهية مواطني البلاد بعين الاعتبار دون نسيان حاجة وعوز اللاجئين في نفس الوقت.
عزيزاتي المواطنات، أعزائي المواطنين،
عيد الميلاد يذكرنا أننا كبشر بحاجة إلى ينبوع نستمد منه طاقتنا كي يكون بوسعنا السيطرة على مجريات حياتنا في المجال السياسي والخاص. فالكثيرون يستمدون من الأسرة الهدوء والسكينة والشعور بالأمان. ويستمد آخرون التحفيز والدعم من الأصدقاء والمقربين.
كما أن عيد الميلاد أيضا من خلال رسالته يرشدنا في الأوقات العصيبة إلى الطريق نحو التآزر الإنساني . ويظهر الإنجيل المقدس من خلال قصة الميلاد مدى رحمة الرب ولطفه بالبشر. فما أجمل أن تشملنا محبة الرب ولطفه، لكن الأجمل هو أن يعيش الإنسان هذا اللطف ويرأف بالآخرين وأن ينشر هذه الروح في عالمنا. بهذه الكلمات المؤازرة، أتمنى لنا جميعا عيدا سعيدا ومباركا وعاما جديدا طيبا معا!