وجدت دراسة في جامعة البحرين أن هنالك اهتماماً متعاظماً بثنائية الأنا والآخر في مختلف نتاج الشاعر التونسي أبي القاسم الشابي، وانتهت إلى أن هذه الجدلية بين الأنا والآخر تواترت بعمق في الأعمال الفنية الإبداعية والنقدية.
وأكدت نتائج الدراسة، التي أعدتها مؤخراً الطالبة في برنامج ماجستير اللغة العربية بالجامعة راضية الدريدي، استكمالاً لمتطلبات نيل درجة الماجستير، أن أشعار الشابي تكشف عن وعي بصراع يرتبط بتصور عام لمنظومة قيمية تدفع نحو ثقافة التوافق والمشاركة الاجتماعية.
ووسمت الدريدي دراستها بعنوان "جدلية الـ "أنا" والآخر في شعر أبي القاسم الشابي"، مستخدمة المنهج التحليلي.
وهدفت الدراسة إلى إبراز وجه من وجوه القيمة الفنية للأشعار التي تركها "الشابي" مع الكشف عن أهمية الروافد الثقافية والمعرفية التي صدرت عنها، وبيان تجربته الشعرية الصادرة عن رؤيا شعرية واضحة الأسس، بالإضافة إلى التأكيد على قدرة الخطاب الشعري العربي المعاصر على ممارسة الكتابة الشعرية.
ورأت الباحثة أن صورة علاقة الأنا والآخر التي قدمتها عدة أعمال تشكيلية وقصصية وروائية ومسرحية وشعرية تحيل أساساً إلى طبيعة علاقة جدلية مركبة، ومتراوحة بين التضاد والتنافر والتماهي والتناغم، موضحة أن الخطاب حول الآخر، هو أساسا خطاب حول الاختلاف، خطاب لا يقيم علاقة بين حدين متقابلين، وإنما علاقة بين آخر وأنا تتكلم عن هذا الآخر.
وقالت الباحثة الدريدي: "إن الأنا التي أعنيها هي الذات الرائية والناظرة والشاعرة بصفتها كياناً مغايراً للآخر المرئي والمنظور والمتخيل ولا ينحصر مفهومها في الشخوص الإنسانيّة وحدها، بل تتحول الأنا بدورها في طور ما في المغامرة الشعرية إلى آخر"، مؤكدة أهمية بيان الصلة القوية بين الثنائيات الضدية والصور الشعرية والبنية الإيقاعية بجدلية الأنا والآخر، وما توحي به من رؤى شعرية وسياسية واجتماعية ووجودية وصوفية.
وأضافت: "إن تشكل الرؤى الشعرية الشاملة والنوعية عبر عناصر اللغة الشعرية الخلاقة والمبتكرة والثورية، أسهمت في تميز خصائص خطابات الشابي عن غيرها من الخطابات، ولا سيما ديوان أغاني الحياة".
وكشفت نتائج الدراسة عن اتسام الرؤية عند الشابي بالانتظام والثبات والتطور بتطور درجة وعي الـ"أنا" بعالم الآخر؛ وهي تغامر في رحلتها بحثاً عن آخر يحقق ذاتها وقيمها الإنسانية وتنتهي علاقة الصراع بينهما بتوافق حول القيم المثلى التي تدفع نحو ثقافة التوافق والمشاركة الاجتماعية والسياسية والوجودية.
وكانت لجنة امتحان ناقشت الباحثة في أطروحتها مؤخراً، تكونت من: عضو هيئة التدريس في قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية في جامعة البحرين عبدالكريم حسن مشرفاً، وعضو هيئة التدريس في القسم نفسه إبراهيم عبدالله غلوم ممحتناً داخلياً، وعضو هيئة التدريس بقسم اللغة العربية في جامعة قطر عبدالقادر فيدوح ممتحناً خارجياً.