(كلمة رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم في مؤتمر الهجرة وأجندة التنمية العالمية).
مرحبا بكم جميعا، مرحبا بكم في مجموعة البنك الدولي. إنه لمن دواعي سرورنا أن نشارك في استضافة مؤتمر اليوم. إن هذا التجمُّع يأتي في لحظة حاسمة، ويتيح لنا فرصة لتذكُّر الفرص والإمكانيات التي تنطوي عليها الهجرة في وقت تتصدَّر فيه أخطارها عناوين الصحف.
لقد أجبرت الصراعات وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط وأماكن أخرى في العالم ملايين من البشر على الفرار من ديارهم بحثا عن الأمان، متسببين في ضغوط على الميزانيات، وتوتر النسيج الاجتماعي في البلدان المضيفة لهم. وبسبب الهواجس والمخاوف الأمنية، بدأت الدول التي تفخر بأن لها تاريخا من استقبال المهاجرين والترحيب بهم تتردد الآن.
ونحن نساعد الكثير من البلدان على التصدي لهذه التحديات الإنسانية والإنمائية والاستفادة من الفرص السانحة. وفي الأسابيع المقبلة، سنزيد جهودنا في هذا الاتجاه. ومن خلال العمل مع شركائنا، علينا التزام أدبي بتزويد اللاجئين والمشردين بالمساندة التي يحتاجون إليها للعيش وإعادة بناء حياتهم.
لقد حجبت مشكلات عالمنا اليوم شواهد وأدلة مهمة على مزايا الهجرة ومنافعها. فالقادمون الجدد غالبا ما يزيدون بلداننا شبابا وقوة، ويجلبون إلى ثقافاتنا التنوُّع والحيوية. فشخص واحد من كل سبعة أشخاص على مستوى العالم هو مهاجر، وهو ما يجعلهم جزءا أساسيا من مجتمعاتنا. وفي العام 1964، أصبحتُ أنا مهاجرا حينما قرر والداي ترك الفقر المدقع وعدم الاستقرار في كوريا بعد الحرب لإتاحة فرصة لي ولأشقائي في حياة أفضل.
واليوم، تتنقَّل أغلبية المهاجرين داخل البلدان النامية أو فيما بينها. وهم يحتاجون إلى الوظائف ليعولوا أنفسهم وأسرهم؛ وإلى عيادات طبية ومدارس جيدة لضمان أن ينعم أطفالهم بالصحة والتعليم، وإلى شبكات أمان اجتماعي لانتشالهم إذا تعثَّروا – تماما مثلما فعلت أسرتي. وهم غالبا ما يجلبون معهم أفكارا ومهارات ونشاطا وطاقة وإمكانيات اقتصادية ملموسة.
ولكن بعض المهاجرين لا يفعلون هذا. وهو ما يثير هواجس وأسبابا وجيهة للقلق من الآثار الاقتصادية والسياسية، بل والأمنية لوصولهم. وحتى المهاجرين الذين يكونون أشد حرصا على المساهمة في أوطانهم الجديدة يواجهون تحديات في الاندماج قد تتحوَّل إلى أعباء لمجتمعاتهم المحلية.
وبمقدورنا إحداث تغيير إيجابي في هذا الوضع بتمكين المهاجرين من الحصول على الفرص الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية المتاحة في مجتمعاتنا. فهي تُمكِّن المهاجرين من تقوية أسواق العمل، وتعزيز روح الابتكار، وتساعد البلدان التي تشهد ارتفاع نسبة المسنين بين سكانها على تحمُّل التزامات معاشاتهم التقاعدية.
وفي كندا، التي تنص قوانينها ودستورها على التعددية الثقافية، ساهم مهاجرون من الصين وجمايكا وأوغندا وفييتنام وأماكن أخرى في خلق بيئة اقتصادية وثقافية وسياسية مفعمة بالنشاط والحيوية. وفي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، عاد الكوريون والهنود الذين درسوا واكتسبوا خبرات مهنية قيِّمة في الولايات المتحدة إلى أوطانهم، وساعدوا على تفجير بركان من الابتكارات التكنولوجية.
وكان للمهاجرين أيضا تأثير كبير على هدفي مجموعة البنك الدولي لإنهاء الفقر المدقع بحلول العام 2030 وتعزيز الرخاء المشترك. فهم يرسلون تحويلات مالية تزيد على 435 مليار دولار كل عام إلى البلدان النامية. وهذا أكثر من ثلاثة أمثال حجم المساعدات الإنمائية الرسمية.
ونحن ملتزمون بمساعدة الحكومات على تحقيق أكبر استفادة من الهجرة الاقتصادية – لا لأنها الصواب الذي ينبغي القيام به فحسب، ولكنها أيضا قد تعزز الرخاء. ونحن نساند -مع شركائنا- «شراكة المعرفة العالمية بشأن الهجرة والتنمية» التي تساعد البلدان على تطوير خيارات السياسات والقدرات المستندة إلى الشواهد التجريبية لجني ثمار الهجرة.
وساعدت الأعمال المتعمقة لمجموعة بحوث اقتصاديات التنمية بشان تحويلات المغتربين على وضع سياسات تهدف إلى تعزيز آثار هذه التحويلات على التنمية. وتهدف أجندة بحوثنا في المستقبل إلى بناء قاعدة بيانات تُحدِّد القيود القانونية وتلك التي تفرضها السياسات وتحول دون استفادة البلدان من الفرص والإمكانيات التي تتيحها الهجرة، ووضع نُهُج للتعليم والسياسات الاجتماعية تُسهِّل اندماج المهاجرين في المجتمعات الجديدة.
ولكننا بحاجة إلى بذل المزيد. فعدد الذين يهاجرون بحثا عن فرص أفضل من المرجح أن يزداد في المستقبل. وفجوة الدخل الهائلة بين البلدان المرتفعة الدخل وتلك المنخفضة الدخل تنبئ بأن التفاوت سيستمر لسنوات. وحتى إذا كانت مفاوضات تغيُّر المناخ في باريس قد لاقت نجاحا، فإن ارتفاع درجة حرارة الأرض سيُجبِر الكثيرين على الهجرة للحفاظ على مصادر أرزاقهم.
ولذلك، فإنَّني أحثكم على استغلال مناقشات اليوم لرصد فرص جديدة من أجل العمل. ساعدوا البلدان من كل مستويات الدخل على التصدِّي لبعض من أشد التحديات الإنمائية والديموغرافية التي تواجهها. اعملوا على إيجاد سُبُل لبعض من أشد الناس حرمانا في العالم حتى يحيوا حياة كريمة يتاح لهم فيها المزيد من الفرص. ويمكننا بالعمل معا أن نجعل العالم مكانا أكثر عدلا ورخاء للمهاجرين ولنا جميعا. شكرا لكم
إقرأ أيضا لـ "جيم يونغ كيم"العدد 4849 - الأربعاء 16 ديسمبر 2015م الموافق 05 ربيع الاول 1437هـ
رسالة
يا بان كيمون اخبرك أمرا
ان المهاجرين في وطني أصبحوا مواطنين فلا تفلق
وان المواطنين في وطني أصبحوا مهاجرين فهل تقلق
واهم شيء سلامة قلبك من القلق