الملاعب البحرينية لا تنضب من المواهب القادرة على تغيير مجرى الرياضة لدينا، إذ إن اعتمادنا في الأساس ليس على خططنا أو برامج عملنا وإمكاناتنا وإنما على مواهبنا التي تمثل الثروة الحقيقية لهذه البلاد.
وكما يقول المسئولون دائما أن الإنسان البحريني بقدراته الفذة هو الثروة الحقيقية التي يمكن استثمارها لبناء مستقبل واعد على مختلف الصعد.
عندما ارتقت كرة القدم لدينا خلال العقدين الأخيرين قبل التراجع الأخير، إنما كان بفضل جيل موهوب تواجد مع بعضه بعضا في فترة زمنية واحدة فقدم لنا منتخبا أرعب آسيا، وعندما نتحدث عن منتخبات كرة الطائرة وكرة اليد فإننا نتحدث عن مواهب قل نظيرها في المنطقة القريبة منا وهو ما يبقينا دائما في قلب المنافسة.
هذا لا يعني بأي درجة من الدرجات إغفال أدوار الاتحادات الوطنية والأندية ولكنها في حدود إمكاناتها وقدراتها لا يمكن لها أن تصعد لمستوى منافسة قارية وإقليمية لولا وجود هذه المواهب النادرة.
خلال متابعتي مباراة الرفاع الشرقي والبسيتين في الدوري البحريني لكرة القدم أثار انتباهي كثيرا لاعب منتخبنا ونادي الرفاع الشرقي الموهوب عبدالله يوسف، والذي يمتلك إمكانات كبيرة جدا نفتقدها على صعيد المنتخب وعلى صعيد الأندية.
اللاعب موهوب بكل ما للكلمة من معنى سواء بالتحكم بالكرة وبسرعة التحرك بها ومن دونها إلى جانب المهارات العالية والرؤية الواسعة للملعب، وهو ما اتضح في صناعته الهجمات، غير أن أهم ميزاته التي يفتقدها جميع المهاجمين لدينا هي الضربات الرأسية المركزة مستغلا طوله الفارع وقدرته على توجيه الكرة بإتقان.
عبدالله يوسف يمتلك أيضا الاندفاع والحماس الذي أجده فيه في كل مرة يشارك فيها مع المنتخب الوطني الأول، حتى لأستغرب حقيقة سبب عدم شغله موقعا أساسيا فيه على الدوام، سواء في مركز صناعة اللعب أو في مركز المهاجم، إذ لا مجال للمقارنة بينه وبين أقرانه في هذه المراكز!.
ما أثار استغرابي أيضا هو الاستنزاف الكبير لقدرات هذا اللاعب؛ من خلال إيكال أكثر من مهمة له في اللقاء الواحد، وهذا إجحاف بحقه وبحق الجماهير العاشقة للعب الهجومي، إذ وجدته في لقاء البسيتين الأخير بداية في مركز الهجوم، وسجل هدفين الأول منهما برأسية رائعة قلما نشاهدها في ملاعبنا، قبل أن يتراجع لصناعة اللعب، ومن ثم في نهاية اللقاء إلى وسط الملعب المدافع، وأخيرا انتهى به المطاف للتراجع لدعم المدافعين قبل أن يتم استبداله.
أعتقد من الإجحاف بمكان بحقه وبحق الجماهير أن يتواجد هذا اللاعب بعيدا عن مرمى الخصم، وبعيدا عن المنطقة المحرمة، وهذا ما يستوجب من المدرب القدير عيسى السعدون إعادة النظر في طريقة توظيفه هذا اللاعب، وإعطائه حقه الحقيقي كلاعب مهاجم مهمته إرباك الخصوم وتسجيل الأهداف وإمتاع الجماهير واستلام الكرات من زملائه، بدل أن يقوم هو بأدوار دفاعية مجحفة وأدوار التسليم لبقية الزملاء.
من الإجحاف بمكان أن نمتلك مهاجما بهذه المواصفات والقدرات البدنية والفنية، ويلعب منتخبنا من دون مهاجمين حقيقيين، كما من الإجحاف أن يطلب منه في فريقه شغل 3 مراكز لوجود حاجة فنية حقيقية، ولكن على حساب موهبة هجومية فذة تفتقدها دائما ملاعبنا والملاعب القريبة منا.
مواهبنا هم ثرواتنا وعبدالله يوسف وغيره من المواهب يجب أن يوظف في موقعه الذي يمكن أن يضيف من خلاله لفريقه ومنتخبه وللرياضة البحرينية الكثير والكثير.
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 4847 - الإثنين 14 ديسمبر 2015م الموافق 03 ربيع الاول 1437هـ