كشف مهرجان دبي السينمائي الدولي، عن الدفعة الثانية من الأفلام المشاركة في برنامج «المهر الطويل» للأفلام الروائية وغير الروائية، في الدورة الـ 12 للمهرجان، حيث يقدّم هذه الأفلام مخرجون موهوبون شباب ومخضرمون من منطقتنا العربية، يستعرضون الثقافات المحلية في بلدانهم، لتعكس واقع الحياة الحافل والمتنوع في العالم العربي.
تتضمن القائمة فيلم المخرج الفلسطيني الحائز على جوائز، كمال الجعفري، والذي يُعرف بشغفه بتقديم شخصيات من مجتمعات فلسطينية، من خلال سرد وثائقي مغاير لحكايات وذكريات شخصية. هذه المرة يحاول الجعفري أن يدفع بالمتفرج للتماهي مع شخصيات فيلمه الجديد «في الداخل»، اعتماداً على مشاهد مصورة تعود إلى الستينات والتسعينات من القرن الماضي. كما يدعو الجعفري الجمهور لمشاهدة الواقع بعينيّ بطل الفيلم، مع عودته إلى يافا. وسيتمكّن المشاهد من التعرّف على ذكريات هذه المدينة، وذكريات الأشخاص الذين يقطنونها.
ويقدّم المخرج الأردني رفقي عساف، فيلمه الروائي الطويل الأول، بعنوان «المنعطف»، حيث يُعرض عالمياً لأول مرة في «مهرجان دبي السينمائي الدولي»، هذا العام. وتتمحور قصة الفيلم حول راضي، الذي يعيش في شاحنة فولكسفاغن صغيرة وقديمة، ويلتقي بثلاثة أشخاص غرباء، يتفق معهم على إيصالهم إلى وجهاتهم. ورغم صغر هذه الشاحنة إلا أن كل شخصٍ من هؤلاء الأربعة يدرك أنهم جميعاً على مفترق طرق في حياتهم الشخصية، وأن هذه الرحلة ستكون بمثابة تحدٍ روحي يحتاجونه لوضعهم على الطريق الصحيح مرة أخرى.
وتقدّم المخرجة المصرية هالة خليل فيلمها «نوارة»، في عرض عالمي أول، تروي فيه الأيام الأخيرة من عمر نظام حسني مبارك. ونوارة هي شابة تعمل خادمة لأسرة على اتصال جيد مع أفراد من النظام القديم. وبعد أن استشعرت هذه العائلة التحول في مصر، قررت السفر من البلاد وترك نوارة وحيدة لرعاية منزلهم الفاخر أثناء غيابهم. يكشف هذا الفيلم أحداث الأيام الأخيرة التي سبقت انهيار النظام، ووضعت مستقبل مصر على المحكّ، حيث يسعى بعض الأشخاص للانتقام ممن كان برأيهم سبباً لسنوات القهر والفقر.
ويقدم المخرج التونسي فارس نعناع فيلمه الروائي الأول «شبابك الجنة» في «مهرجان دبي السينمائي الدولي» في عرضه الدولي الأوّل. ويحكي قصة سامي وسارة، وهما في الثلاثينات من العمر، ويعيشان حياة هادئة وسعيدة إلى أن تواجههما إحدى المصائب، ويتأرجحان بين فقدان الأمل والإحساس بالذنب والرغبة في العيش وإعادة بناء حياة جديدة. الفيلم حصل على دعم من "إنجاز".
وكذلك تأتي مشاركة المخرجة اللبنانية جيهان شعيب، حيث تقدم فيلمها الروائي الأول الذي يحمل اسم «روحي». تترك ندى، راقصة الباليه الشابة، باريس وتعود للمرة الأولى إلى بلدها لبنان الذي غادرته منذ الصغر. تعود لاكتشاف بيت العائلة المهجور الذي دمّرت قذائف جزءاً منه، وتحوّلت حديقته إلى مكبّ نفايات. تقرر الاستقرار في هذا المكان الذي يعجّ بذكريات الطفولة، وتحدّد مهمة لنفسها: العثور على جثة جدها الذي اختفى في الحرب الأهلية. تقودها رحلتها عبر الأراضي اللبنانية إلى اكتشاف أساطير وأسرار في مغامرة داخلية لشابة تبحث عن هويتها.
ويُعرض أول فيلم روائي طويل للمخرجة التونسية ليلى بوزيد «على حلّة عيني»، بعد أن حصل على إعجاب النقاد في مهرجاني البندقية وتورنتو السينمائيين. تدور أحداث الفيلم في تونس صيف العام 2010، قبل اندلاع الثورة ببضعة أشهر، حيث بلغت فرح الثامنة عشرة من عمرها. وانضمت إلى فرقة موسيقية ملتزمة سياسياً، وهناك اكتشفت الحرية والحب، على الرغم من معارضة والدتها لذلك، وهي المدركة تماماً وضع تونس ومحظوراتها. ينشأ صراع بين الأم والابنة، وتنجح فرح أخيراً في التحرر، ولكن تجد نفسها في قبضة الشرطة.
يحكي الفيلم الجديد للمخرج المصري محمود سليمان «أبداً لم نكن أطفالاً»، الذي يُعتبر متابعة لفيلمه الأول «يعيشون بيننا»، في العام 2003. يصور الفيلم الذي يعرض للمرة الأولى عالمياً، وحظي بدعم من «إنجاز»، أحداث الفترة الأكثر اضطراباً في التاريخ المصري الحديث، إذ يكشف، وعلى مدى العقد الماضي، كيف تحول ابن ناديا البكر، من أفضل طالب في المدرسة، إلى تاجر مخدرات بعمر الـ21 عاماً، وكيف تحولت نادية من كونها امرأة قوية مناضلة من أجل أطفالها، إلى امرأة تحاول الهرب من زوجٍ قاسٍ. تجول الأم الخمسينية في شوارع القاهرة بحثاً عن أبنائها، ويعكس هذا الانهيار تدهور الأوضاع في مصر، وخاصةً في السنوات العشر الأخيرة من عهد مبارك، ومحاولات بقايا نظامه لإفشال ثورة يناير.
تقدّم المخرجة السورية عفراء باطوس في عرض عالمي أول فيلمها «جلد»، بدعم من «إنجاز»، ويتتبع هذا الفيلم رحلة المخرجة الشخصية من خلال ذكريات حية يستعيدها صديقاها المقربان حسين وصبحي، اللذان عاشا في فترات زمنية مرهقة من الناحيتين السياسية والاجتماعية. توثق في هذا الفيلم انهيارهما التدريجي الذي، وبحسب ما ستكتشفه لاحقًا في حياتها، يعكس انهيارها الداخلي الخاص.
يختبر أحدث أفلام المخرج الفلسطيني عمر شرقاوي، الحاصل على جوائز، ويحمل اسم «المدينة»، والمدعوم من «إنجاز»، حدود إيمان الإنسان عند مواجهة قمة التحمّل البشري، حيث يزور يوسف برفقة زوجته الدنماركية مسقط رأسه، للمرة الأولى منذ سنوات عدة. يبدأ يوسف بالانجرار وراء الصوت الذي يعتقد أنه سيهديه إلى السعادة. وخلال بحثه اليائس، تصادف يوسف سلسلة من الأحداث المأساوية، ليجد نفسه وراء القضبان. يهرب يوسف خلال أعمال شغب في السجن، لكنه يتواجه مع عالم يحدّ من معتقداته في كل منعطف في حياته. يعرض الفيلم للمرة الأولى عالمياً.
ويعود المخرج المصري المميز محمد خان، الذي فاز فيلمه الأخير «فتاة المصنع» بجائزة النقاد «فيبريسكي»، وجائزة أفضل ممثلة في الدورة العاشرة من «مهرجان دبي السينمائي الدولي»، ليقدّم فيلمه الجديد «قبل زحمة الصيف» في عرضه العالمي الأول. يعرض الفيلم مثالاً حياً عن شريحة من شرائح المجتمع المصري، حيث يصل الزوجان المتناحران الدكتور يحيى وزوجته ماجدة، إلى الشاليه الصيفي قبل الزحام، وهناك يتعرفان إلى جارتهما هالة، المترجمة المحترفة التي تطلقت حديثاً، وهي أم لولدين شابين. ومع تقدم العلاقة بينهم يبدو أن العطلة المبكرة التي تعلقت آمالهم بها ليست إلا انعكاساً آخر لإحباطاتهم نفسها. وهكذا يقدم لنا محمد خان في هذا الفيلم الطريف تارة، والساخر تارة أخرى، سيناريو حياتياً قابلاً لأن يحدث في أي مكان في العالم، مع الاحتفاظ بالنكهة المصرية الخاصة.
يقدم المصوّر الذي انتقل إلى عالم الإخراج محمد اوزين أحدث أفلامه غير الروائية «سمير في الغبار» بعرض عالمي أول. يطرح المخرج الفرنسي الجزائري في هذا الفيلم قصة جديدة بعيدة عما اعتاد طرحه في أفلامه السابقة، حيث يقدم قصة تدور أحداثها في المقبرة التي دفن فيها سيدي عمار. وتركز الرواية على سيدي عمار، الذي كان من المرابطين في المنطقة. ويقوم محمد اوزين من خلال فيلمه بتقديم لمحة عن حياته للمشاهدين، وليخبرهم كيف ساهم سيدي عمار في الوصول إلى مبتغاهم.
في هذه المناسبة، قال المدير الفني لـ«مهرجان دبي السينمائي الدولي» مسعود أمرالله آل علي: «لقد تطوّر برنامج «المهر الطويل» في «مهرجان دبي السينمائي الدولي» بشكل كبير، منذ انطلاقته في العام 2006. وأصبح يشكّل ثقلاً مهماً في مسار الأفلام العربية. كما أعتقد أنه من المُشجّع أن نرى العديد من الأفلام الرائعة بتوقيع مخرجات، إضافة إلى تكريم هذه الأفلام عالمياً. وهذا يدلّ هذا على تنوع وجهات النظر التي تقدم في السينما عن المنطقة».
وقال مدير البرمجة العربية في «مهرجان دبي السينمائي الدولي» أنطوان خليفة: «تقدم الدفعة الثانية من الأفلام المشاركة في مسابقة «المهر الطويل» للأفلام الروائية وغير الروائية، حيويةً وثراءً في المحتوى، وهذا ما نتوقعه من هذه المنافسة. سيضم كل فيلم من هذه الأفلام شيئاً فريداً لابد أنه سيلفت انتباه جمهور «مهرجان دبي السينمائي الدولي». نحن متأكدون أن الأفلام المشاركة هذا العام، من مختلف أنحاء المنطقة، ستعزز السمعة المميزة لمسابقة المهر، وستقدم دفعاً إضافياً للأفلام العربية للوصول إلى العالمية».