في الخامس والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام، يحتفي العالم بأجمعه بيوم (مناهضة العنف ضد المرأة). اليوم الذي يجسد في معناه العميق قيمة إنسانية كبرى تتمثل في دعم المرأة المعنفة في جميع أنحاء العالم، ذلك العنف الذي يتسم بأنواعه المتعددة، وتعرفه منظمة الأمم المتحدة بأنه «أي فعل عنيف تدفع اليه عصبية الجنس، ويترتب عليه أو يرجح أن يترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة سواء حدث ذلك في الحياة العامة او الخاصة»، ورغم الكثير من المحاولات الجادة لحماية المرأة من العنف فان هذه الظاهرة لاتزال تبعاتها تتخطى كل التوقعات خاصة بدول العالم العربي. ولكن ما هو (العنف الخفي) الذي يدمر الكيان النفسي للمرأة؟
صدقاً لا أجد له اسماً مناسباً إلا القاتل الصامت أو الخفي، إنه العنف (العاطفي أو النفسي) الذي يعد من أخطر أنواع العنف الذي يقع على النساء، لانعدام الأثر المرئي له وصعوبة اثباته، وهو شائع في المجتمعات سواء الغنية أوالفقيرة، النامية والمتقدمة، وله آثار مدمرة على الصحة النفسية للمرأة، وتشمل مظاهر هذا العنف: «الاهانات، الاحتقار، الحرمان من الحرية، التهديد، الإذلال، الاتهامات الجائرة وغيرها من السلوكيات المهينة للمرأة».
ويستخدم المعتدي العنف النفسي بهدف إثارة مشاعر القلق والخوف في الشخص المعتدى عليه وتدميره نفسياً، وخفض قيمته الذاتية الى جانب اضعاف قدرته الجسدية والعقلية وبالتالي تقع المرأة فريسة للاضطراب النفسي، وواقعاً أن هذا النوع من العنف لا توجد له إلى الآن مقاييس واضحة ومؤكدة في عالمنا العربي، مما يشكل تحدياً حقيقياً في سبيل مواجهته.
وفي محاولة لافتة من قبل الحكومة الفرنسية في العام 2010، قامت بإصدار قانون يجرّم (العنف النفسي) بحيث بات ترديد الإهانة اللفظية لأحد الزوجين ضد شريكه يعرضه للمساءلة القانونية والملاحقة القضائية بتهمة العنف النفسي. ومن وجهة نظر الحكومة نفسها أنه عندما تتعامل السلطات مع العنف النفسي تتراجع حدة العنف البدني بل ربما تتوقف.
وإصدار قانون رقم (17) لسنة 2015، بشأن الحماية من العنف الأسري في مملكة البحرين، وإدراج الايذاء النفسي في نص القانون يعد خطوة متقدمة بعد محاولات سابقة لحذفه، باعتبار صعوبة قياسه وإثباته، مما يدعو إلى البدء بخطوات جادة لتشكيل فريق متخصص يأخذ على عاتقه القيام بهذه المهمة.
ومن خلال عملي في هذا الحقل نجد العنف النفسي غالباً ما يصاحب معظم أنواع العنف الأخرى التي تواجهها المعنفة.
ومن المؤسف أن مجتمعنا يولي أهمية واعتباراً للعنف الجسدي فقط وينبذه، أما العنف النفسي لا يأبه له ولا يتم التعامل معه بجدية تتناسب مع فداحة ضرره، فيمر دون السؤال عنه، فنعترف بكدمة الجسد فقط ونهمل كدمة النفس.
ولقد ورد في تقرير منظمة الصحة العالمية في العام 2013 وهو أول دراسة منهجية للبيانات العالمية عن معدلات انتشار العنف ضد المرأة سواء الممارس عليها من الشركاء أوغيرهم حيث تعاني ما نسبة 35 في المئة تقريباً من النساء من العنف الممارس عليهن من الشريك أو من سواه ومن ضمنها العنف النفسي، وتبرز الدراسة ضرورة مشاركة كل القطاعات في القضاء على حالات التسامح مع العنف ضد المرأة. وذكرت تقارير صادرة عن منظمة العفو الدولية وجود مليار امرأة في العالم يتعرضن للعنف بشتى صوره بما يعادل ثلث نساء العالم.
ومازالت عبارة (بان كي مون) الشهيرة تتردد في أذني في كل مرة أتناول هذه القضية وهي: «اكسروا حاجز الصمت، ولا تقفوا مكتوفي الأيدي عند مشاهدة ظواهر العنف ضد النساء والفتيات» فإذا اعترفنا بوجود العنف النفسي بشكل صريح في مجتمعنا وكسرنا دائرته، ووضعنا مقاييس دقيقة لتحديده ومن ثم إيجاد القانون المناسب لمعاقبة كل من يمارسه ضد المرأة، فهذا انجاز مهم يحسب لنا على الصعيد الإنساني، فهل نحن قادرون على قبول هذا التحدي؟
وحتماً أن المرأة في نهاية المطاف، وبرغم الصعاب التي تواجهها في الحياة، كانت ولاتزال وستبقى وطناً للحب والسلام وهامة شامخة بمقام وطن عظيم.
إقرأ أيضا لـ "فائزة عبدالأمير"العدد 4828 - الأربعاء 25 نوفمبر 2015م الموافق 12 صفر 1437هـ
الاسلام دين المحبه
يجب على المدارس تدريس الطلبه كيف يكونون اولا انسانيين وزوج مهذب واخذ المناهج التربويه الصحيحه لكي يفيد نفسه ومجتمه والتحمل على الاذى كاخلاق اسلامي وعلى الوالدين يقع على عاتقهم تهذيب الابناء على عدم الانانيه والغرور لان تربية الابوين هو اساس نشئ جيل صالح او طالح